الزواج السري في موريتانيا ظاهرة تزداد انتشارًا مع سو الوضع الاقتصادي
آخر تحديث GMT15:14:11
 عمان اليوم -

الزواج السري في موريتانيا ظاهرة تزداد انتشارًا مع سو الوضع الاقتصادي

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - الزواج السري في موريتانيا ظاهرة تزداد انتشارًا مع سو الوضع الاقتصادي

الزواج السري
نواكشوط ـ محمدو فيصل

يشهد الزواج السري رواجا كبيرا في موريتانيا وإن بسرية تامة في المجتمع، والمعروف محليا بـ"السرية"، على نطاق واسع في المجتمع الحساني ذي البشرة الفاتحة، بعد أن كان يشكل ممارسة تقتصر –بشكل خاص- على فئة معينة من النساء هن –أساسا- أرامل أو مطلقات تزيد أعمارهن على 35 عامًا، ويتمتعن بسمعة أو وضعية اجتماعية يسعين للحفاظ عليها.

وتتيح سرية الزواج لهؤلاء النسوة إمكانية الاقتران بشباب أصغر سنا أو بآخرين ينتمون لطبقات يرى المجتمع أنها أدنى من طبقاتهن، دون أن يصطدمن برفض مجتمعهن.

غطاء ديني أم اجتماعي؟
ويلاحظ العقاد (المأذون) نافع ولد خطري، أن هذا العقد الاجتماعي يأخذ اليوم شكلين رئيسيين: شكل شرعي من حيث احترامه لشروط النكاح، وشكل لا يراعي توافر هذه الشروط، أما النوع الأول فيتم فيه احترام كافة الشروط المعروفة في الأنكحة العادية باستثناء نشره للعموم؛ أي أن العروس أو وليها والشاهدين يصرحون أمام العقاد بقبولهم الزواج بعد تحديد -ثم دفع- المهر من قبل العريس وإبرام العقد بصيغة شرعية، والفرق الوحيد يكمن في أن أحد طرفي الزواج يطلب من الحاضرين الإبقاء على سرية هذا الزواج لاعتبارات شخصية.

وأضاف ولد خطري: "قد يكون العريس متزوجا - قبلا- من سيدة أخرى مما يعني أنه مقبل على التعدد يريد إخفاءه، وهذه هي الحالة الأكثر شيوعا"، موضحًا: "قد يكون منحدرا من قبيلة أو طائفة أخرى، ومن الشائع في كلتا هاتين الحالتين أن يكون العريس موسرا أو نافذا –مسؤولا كبيرا أو وجيها- وأن يكون والدا العروس –وغالبا ما تكون شابة- متواطئيْن في الأمر".

وتابع: "أما النوع الثاني الأكثر شيوعا من الزواج السري فهو أقل احتراما للشروط العامة للنكاح الصحيح شرعا"، مشيرًا إلى أن هذا النوع "ينعقد عموما بين عاشقين أو بين امرأة معيلة لأسرتها –أرملة أو مطلقة- ورجل غير مرتبط أو مرتبط بزواج آخر. وهنا يبرم العقدَ، شكليا وعلى وجه الاستعجال، أولُ شخص يمر أمام الطرفين، بدون أي شهود، وقد يكون الهدف منه تشريع حمل قبلي غير مرغوب فيه".

وبطبيعة الحال يتم كل هذا، حسب ولد خطري، وفقا لأنماط تعاقدية اجتماعية بدون أي مصادقة عليها من طرف الحالة المدنية؛ حيث لا يفكر الأطراف في تسوية هذه الحالات مدنيا إلا بعد أن تندلع نزاعات متعلقة بإلحاق المولود بوالده أو بالحق في الميراث.

وقد عاش هذا العقاد نفسه على امتداد جيلين كاملين صراعا ضاريا داخل أسرته، بسبب مشاكل تتعلق بإلحاقه بأبيه وبحقه في الميراث؛ حيث إن جده الذي ينتمي لطبقة حَمَلة السلاح رفض طيلة حياته الاعتراف ببنوة والد العقاد بسبب أن الأم كانت جارية لدى الجد. ولذلك تم حرمان والده على مدى حياته من الحق في الانتساب لأبيه وفي الإرث، ولم يستفد أحفاد الجد من هذين الحقين إلا مؤخرا وإثر معركة اجتماعية وقضائية طويلة.
 
حل لمشاعر بالإحباط يسببها مجتمع منافق
وأكدت الناشطة في مجال حقوق الإنسان فاطمة منت الكوري، أن "المجتمع الحساني ذا البشرة الفاتحة هو مجتمع منافق". وتضيف: "لا يهم هنا الإخلاص ولا الشعور بالمسؤولية؛ وإنما كل ما يهم هو المظهر. نحن لسنا في نظر الآخرين مجتمعا يمارس تعدد الزوجات، ولكن الجميع هنا يمارس هذا التعدد عبر الزواج السري. فمن أجل حل مشاكل ومشاعر إحباط يثيرها مجتمع يريد أن يبدو متدينا وملتزما، يلجأ عناصر هذا المجتمع إلى الزواج السري".

وتوضح منت الكوري أن التساهل في التأويلات والممارسات الدينية تؤدي، في بعض الأحيان، إلى مواقف متناقضة مع قيم ومبادئ الدين الإسلامي نفسها. وفي النهاية –تضيف الناشطة الحقوقية- "تتم معاملة المرأة كما لو أنها سلعة بدل كونها شريكا اجتماعيا، مما يؤدي إلى تجريد الأسرة من قداسة الرابط بسبب هذه المسلكيات الارتزاقية".
وتشدد على ضرورة أن "يتم الإبقاء على الزواج السري في نطاق تطبيقه الأصلي؛ أي باعتباره أداة يتم استخدامها في إطار ضيق سبيلا لضمان النزاهة الاجتماعية لأفراد المجتمع، في انتظار تطور العقليات".
 
وتختم الناشطة الحقوقية بقولها "بقدر ما أتفهم أن تلجأ امرأة في سن معينة على الزواج السري، بقدر ما أجد من غير الطبيعي ومن المؤسف أن تختاره الفتيات الشابات كحل لنمط حياتي هو في الحقيقة في تماس مع الدعارة".

باسم الحب
يبلغ محمد، مدير أحد المصارف بموريتانيا، من العمر 48 عاما، وقد اضطر إلى الزواج سريا بالمرأة التي يحبها. فهو ينحدر من طبقة لمعلّْمين التي ينظر إليها على أنها دون طبقة حمَلَة السلاح التي تنتمي إليها حبيبته، وبالتالي لا يحق له اجتماعيا أن يتقدم لطلب يدها.

وعلى الرغم من وظيفته ونجاحه الاجتماعي لم يكن بإمكان محمد أن يتزوج بغير إحدى بنات عمه، وفقا لتصريحاته التي يقول فيها إنه رغم أن الدين الإسلامي يسمح بهذا الزواج فإنه لا يمكن تصور أن تقبل أسرة حبيبته بهذا الارتباط.

لم يدم هذا الزواج طويلا؛ حيث كان يتملك محمدا هاجس دائم بأن يكون السبب وراء تأنيب وتعذيب حبيبته، فهو على قناعة تامة بأن والد وإخوة حبيبته كانوا سيقتلونها لو علموا بانعقاد هذا الزواج، وفي النهاية اختار باسم الحب أن يطلقها، كما كان تزوجها سريا باسم الحب.
لا يمكن للزواج السري أن يكون حلا
تصرح مريم، البالغة من العمر 51 عامًا، والتي تمارس الزواج السري منذ حوالي عقد من الزمن، بقولها: "لقد لجأت للزواج السري حتى لا أسلك سبيل الدعارة ولأتجنب الفاحشة ولأني غير راغبة في تحمل مسؤولية الأسرة وتربية الأطفال؛ حيث إني أفضل أن أظل غير مرتبطة –رسميا-".
في النهاية بدأت مريم تشعر بأنها أصبحت أكثر هشاشة وأكثر قربا من "الخطيئة" مما كانت عليه قبل هذه المغامرة. وتصرح مريم بأن الزواج عبارة عن ميسم، عن مكانة اجتماعية، عن حقوق وواجبات... كما أنه عبارة عن سلوك جماعي؛ "حيث إن لدى الأسرة والمحيط الاجتماعي نظرة مختلفة للعزباء والمتزوجة: الأولى أكثر عرضة وتعرضا، والثانية محاطة بهالة اجتماعية تحميها، بشكل أو بآخر، من شهوات الرجال".

إلى ذلك، تشرح مريم، فإن سخاء الرجال –ماليا- يتوقف بعد أيام قليلة من انعقاد الزواج؛ حيث إن الضغط الاجتماعي هو ما يجر الرجال في مجتمعاتنا إلى القيام ببعض الواجبات المادية، وفي ظل توقف هذا الضغط يتهربون من واجباتهم.

وتخلص مريم إلى أن "الزواج السري لا يحمل حلا للمشاكل المادية ولا يشبع الجوانب العاطفية؛ إذ أن كل شيء يجري بشكل وقتي. وما إن تنتهي اللحظات الأولى حتى تبدأ المشاكل تطفو من جديد على السطح بشكل أسوأ من ذي قبل".

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزواج السري في موريتانيا ظاهرة تزداد انتشارًا مع سو الوضع الاقتصادي الزواج السري في موريتانيا ظاهرة تزداد انتشارًا مع سو الوضع الاقتصادي



GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل عراقية موالية لإيران تستهدف ميناء حيفا بطائرة مسيرة

GMT 08:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

4 شهداء وإصابات في قصف الاحتلال منزلا بحي التفاح شرق مدينة غزة

GMT 10:11 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 6 أشخاص جراء إعصار أوسكار في كوبا

GMT 10:09 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الشيكل الإسرائيلي يهبط وسط مخاوف زيادة التصعيد مع إيران

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:22 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 عمان اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 20:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن
 عمان اليوم - أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab