القاهرة - محمد عز
رغبت البورتوريكية مونيكا بويغ في أن يكون تتويجها بذهبية مسابقة كرة المضرب لفردي السيدات في أولمبياد ريو 2016 رسالة إلى المرأة اللاتينية أنه بمقدورها تحقيق أي شيء تريده إذا كانت تتمتَّع بالتصميم والإرادة.
لكن الإنجاز الذي حقَّقته بويغ السبت 13 آب/ أغسطس الجاري بمنح بلادها ذهبيتها الأولى على الإطلاق في الألعاب الأولمبية، قد لا يكون كافيا حتى لها من أجل الخروج من ظل الملاكمين ولاعبي البايسبول أو... وغرد يومها ريكي مارتن نجم الغناء العالمي الذي هنأ مواطنته قائلا "اليوم ودون أدنى شك، بلادي بورتوريكو هي أسعد جزيرة في العالم". وكانت بويغ فخورة تماما لكونها المرأة الأولى من الجزيرة الواقعة في الكاريبي وتحت سلطة الولايات المتحدة منذ 117 سنة تتوج بميدالية أولمبية، وقالت بخصوص هذا الشأن "أنا فخوري جدا لكوني أمثل المرأة اللاتينية، وآمل أن أكون إلهاما لجميع النسوة اللاتينيات من خلال إظهار أن كل شيء يمكن تحقيقه في هذه الحياة".
وجاء تتويج اللاعبة البورتوريكية التي تحتفل بميلادها الثالث والعشرين أواخر الشهر المقبل، بالذهب الأولمبي رغم أنها لا تملك في سجلها سوى لقب يتيم توجت به عام 2014 في دورة ستراسبورغ الفرنسية.
وتغلبت بويغ في النهائي على الألمانية أنجيليك كيربر المصنفة ثانية 6-4 و4-6 و6-1، وما يزيد من أهمية الإنجاز أن بويغ كانت تواجه لاعبة في قمة عطائها خصوصا أن منافستها توجت في أوائل الموسم الحالي بلقبها الأول في "غراند سلام" بعد تغلبها على الأميركية سيرينا وليامس في نهائي أستراليا المفتوحة قبل أن تخسر أمام الأخيرة بالذات في نهائي ويمبلدون قبيل السفر إلى "ريو". وتملك كيربر (28 عاما) في سجلها 8 ألقاب أخرى، وخاضت في مسيرتها 21 مباراة نهائية في دورات رابطة المحترفات، في حين أن بويغ لم تخض سوى مباراتين نهائيتين عام 2014 في ستراسبورغ حين توجت بلقبها الأول والوحيد على حساب الإسبانية سيلفيا أسبينوسا، والعام الحالي في دورة سيدني حين خسرت أمام الروسية سفتلانا كوزنتسوفا.
ورغم أنها ولدت في سان خوان فقد أمضت بويغ معظم حياتها في ميامي الأميركية، وتحدثت السبت الماضي بعد التتويج بلهجة أميركية تخفي أي أثر لجذورها البورتوريكية اللاتينية. وسلط تتويج بويغ الضوء على بورتوريكو ووضعها كأرض تابعة للولايات المتحدة وليست دولة كاملة الاستقلال، والبورتوريكيون يعدون مواطنين أميركيين لكنهم لا يحظون بحق التصويت في الانتخابات الرئاسية، وليس لهم أي ممثل في الكونغرس الأميركي، ولا يدفعون ضرائب فيدرالية إلا إذا كانوا مقيمين على الأرض الأميركية. وإذا أراد المرء التعمق في التداخل الأميركي/ البورتوريكي على صعيد الرياضي، فبويغ ليست الرياضية الأولى من هذه الجزيرة التي تنال الذهب الأولمبي؛ فقد سبقتها إلى ذلك لاعبة كرة المضرب أيضا جيجي فرنانديز التي أحرزت ذهبية زوجي السيدات مرتين عامي 1992 و1996 لكنها ورغم ولادتها في سان خوان أيضا، كانت تدافع عن ألوان الولايات المتحدة.
جيجي فرنانديز ليست الرياضية الوحيدة من أصل بورتوريكي التي سبقت بويغ إلى الذهب الأولمبي، فهناك أيضا ليزا فرنانديز التي نالت 3 ذهبيات أعوام 1996 و2000 و2004 في رياضة السوفتبول، لكن مع المنتخب الأميركي كما حال جيسيكا ستيفنز (فضية وذهبية في كرة الماء عامي 2008 و2012) وشقيقتها ماغي ستيفنز (ذهبية كرة الماء عام 2012) ولوري هرنانديز (ذهبية في الجمباز خلال العاب الحالية). وهناك نجم كرة السلة وقائد المنتخب الأميركي في ريو 2016 كارميلو أنتوني الذي ينحدر من الجزيرة وهو يسعى إلى ذهبيته الأولمبية الثالثة على التوالي مع الأميركيين. لكن بويغ هي صاحبة الذهبية الوحيدة على الصعيد الرسمي بالنسبة لبورتوريكو التي رفعت رصيدها إلى 9 ميداليات في تاريخها (ذهبية وفضيتان و6 برونزيات). وقالت بويغ إن "جيجي (هرنانديز) هنأتني، إنها بمثابة إلهام لي"، و"كل من ينال ميدالية يكون مصدر إلهام، لكني سعيدة جدا وحسب لكوني المرأة البورتوريكية الأولى التي تفوز بالذهبية". متابعة "لطالما كنت مخلصة 100% للمكان الذي ولدت فيه والجذور التي ربتني، لا تزال لدي عائلة في بورتوريكو وأنا أزورهم بشكل متواصل؛ هذه الجزيرة أعطتني الكثير، الكثير من الحب والمساندة طيلة مسيرتي وكل ما أردته هو أن أمنحهم إياها (الذهبية)".
وسبق لبويغ أن تحدثت الجمعة الماضية بعد فوزها في نصف النهائي على التشيكية بترا كفيتوفا، عما ستعني لها الذهبية قائلة "سيكون أمرا لا يصدق، سيكون أعظم شرف ممكن لكني أقوم به من أجل بلدي أكثر من نفسي؛ الألعاب الأولمبية لا تتعلق بي بل ببورتوريكو، وأعلم تماما مدى رغبتهم بذلك (الذهبية)". وقد نجحت بويغ في تحقيق أمنية أبناء "الجزيرة التي تسمع الأخبار السيئة طيلة الوقت؛ وبالتالي عندما تكون هناك مباراة أو أحد من الجزيرة يفوز بميدالية ما، كل شيء يتوقف، أنا أعلم حجم السعادة التي يشعر بها الناس (عند الفوز)؛ وبالتالي هذه (الميدالية) ليست لي" بحسب ما أضافت الجمعة.
وتمرُّ بورتوريكو بأزمات متلاحقة سواء أكانت اقتصادية لأنها ترزح حاليا تحت وطأة الديون التي تبلغ نحو 70 مليار دولار، أو سياسية إثر مطالبة البعض بأن تصبح بورتوريكو ولاية من الولايات الأميركية، أو حتى صحية. واتضح في أيار/ مايو الماضي أن ما معدله 50 امرأة في اليوم يصبن بفيروس "زيكا"؛ ما يرفع مخاطر كثرة الأطفال الذين يولدون وهم مصابون بمرض صغر الجمجمة (الصعل) أو تشوهات خلقية أخرى، حسب ما أوضحت السلطات الصحية الأميركية. لكن بويغ أنست أهل الجزيرة ولو ليوم واحد المصاعب التي يعيشونها واعتلت منصة التتويج وعزف النشيد الوطني الذي لم تكن تعرفه، وقالت "أرسل لي والدي الكلمات بالبريد الإلكتروني لكني لم أحظ بالوقت الكافي لكي أحفظه، سمعت الناس ينشدونه فعجزت الكلمات عن الخروج من فمي، كنت لأنشده لو لم يحدث معي هذا الأمر".
أرسل تعليقك