مسقط - عمان اليوم
الرحلة إلى الأجواء الباردة تقودك إلى سفوح الجبل الأخضر حيث المناظر الخلابة، حيث تقود مركبتك ذات الدفع الرباعي ميمما صوب نيابة بركة الموز في ولاية نزوى سالكا طريقا متعرجا يبدأ من بيت الرديدة الأثري وبمحاذاة فلج الخطمين صعودا بجانب مجرى وادي المعيدن لمسافة 35 كلم نحو سفح الجبل بارتفاع نحو ثلاثة آلاف قدم، وبعيدا عن مسقط بنحو مائة وسبعين كيلومترا.
رحلة لاستكشاف المكان في قرى ولاية الجبل الأخضر المتوزعة هنا وهناك حول سيح قطنة تجد المناخر والشريجة والعين وحيل اليمن والعيينة والعقر والقشع وسلوت والمصيرة والسوجرة والروس والحليلات والغليل، وعقبة البيوت، والجرير والمعقل وغيرها من الأماكن المكتنزة بأشجار الفاكهة الصيفية كالخوخ والمشمش والرمان والعنب والكمثرى والتفاح وأشجار أخرى كالعلعلان والسعتر وأشجار الزيتون وأشجار عطرية أخرى عطرت المكان كما بدأ الأهالي مؤخرا في الاهتمام بزراعة أشجار الزيتون واستخراج الزيت منها لما لها من عائد مادي.
عند الصعود إلى الأعلى تتلقفك نسمات الأجواء الباردة ويبدأ مؤشر درجة الحرارة في التباطؤ ليصل إلى 33 درجة تشعر بنسمات الهواء العليل في هذا الصيف الساخن في كل شيء تتدفق نحوك عبر نافذة مركبتك وأنت الذي ما ودعك صوت هدير المكيف منذ بدء الصيف تتركه يستريح قليلا لتأخذ من مكيف الطبيعة زادك في هذا المكان الاستثنائي، تواصل الصعود عبر انحناءات الطريق الممتد نحو القمة وبعد أن تقطع مسافة تجد قرية المناخر على يمينك مكتنزة بشجر الجوز عند منحدر وادي حلفين باتجاه «السحاماه» مجرى الوادي إلى ولاية إزكي، فلا ينقصك سوى الوقوف أمام حارة القرية والإطلالة على المشهد لتستعيد الذاكرة وتطرح الأسئلة: كيف كانت الحياة هنا؟ ومن هناك تعود أدراجك إلى الطريق ميمما صوب سيح قطنة المكتسي عمرانا، فندق هنا وسوق هناك محطة للوقود وشقق فندقية للإيجار واستراحات على امتداد الطريق ومشاريع أخرى طور الإنشاء، ثم يمم صوب قرية الشريجة المختفية على يسارك في حضن الجبل تعبر المكان إلى منحدر القرية وإطلالة القصر يقابلها بيوت الحارة القديمة لقرية الشريجة التي نسيها الزمن منذ هجرها ساكنوها فباتت تستقبل الغرباء تسير تحت أقواس الحارة وفي ممراتها وبين بيوتها تستنطق المكان الذي كان يوما ما يضج بالحركة وأصوات أطفال الشريجة وهم يلعبون يركضون على جدول ساقية الفلج المنحدر من قرية «العين» الممثلة أمام عينك في الأعلى.
تتحرك باتجاه مصب الفلج فتدهشك روعة المكان وانتشار أشجار الجوز والرمان والخوخ والمشمش بدأت تباشير بعضها وانتهى موسم بعضها الآخر بانتظار موسم الرمان أشجار الورد تكسو المكان مدرجات أسفل الشريجة حتى قرية «القشع» في قاع المكان تسلك طريقك على حافة ساقية الفلج بصحبة خرير الماء المنساب في الجداول يطل عليك من بقي من سكان المكان ليلقي عليك التحية وتتبادل معه الأسئلة. أين ذهب أصحاب المكان؟ يقول في حسرة: الجيل الجديد أصبح مبهورا بالسكن في بيوت حديثة لم يستطع تحمل قسوة المكان هنا الانحدار والصعود والحياة الجبلية، وقد وفرت لهم الحياة الحديثة سبل الراحة فآثروا السكنى في سيح قطنة والمخططات السكنية هناك.
ويمكن للراغبين بالمغامرات وممارسة رياضة المشي عبر الممشى الجبلي الذي يربط الجبل الأخضر بولاية إزكي عبر مجرى وادي حلفين وآخر بولاية نزوى إلى جانب طريق من ولاية نخل وولاية العوابي للاستكشاف والمغامرة حيث يأتي إلى هذا المكان من مختلف جنسيات العالم للاستماع واستكشاف هذه الطرق، كما يمكن لمحبي المغامرات استكشاف الكهوف وقضاء أوقات ممتعة مع كهوف الجبل الأخضر ومنها كهف الريحانية وعبد والكور وكهف المعاول وعامر والضبع وغيرها من الكهوف الأخرى التي تنتشر هنا وهناك.
في المساء يمكنك الاتجاه صوب وادي بني حبيب، حيث قوافل المركبات المتجهة هناك .. المكان مزدحم تترجل عن سيارتك قاصدا المدرج إلى أسفل الوادي المحفوف بأشجار الجوز.
السياح من كل مكان جاءوا هنا نحو 100 درجة من السلم الصخري هبوطا وصعودا تلمح عن بعد قرية وادي بني حبيب حجزت لنفسها مكانا على جانب من الجبل بإطلالة على الوادي وأشجار الجوز، مشهد يأخذك إلى فضاءات المكان الذي تشكل وتناغم مع جغرافية الأرض فألهم الإنسان أن يحفر لنفسه بيتا في الصخر ونحت مسكنه على جانب الجبل وشيد بيته من صخره وحصاه ليطمئن لحظة كما أراد متحديا كعادته، وعندما استشعر الأمان خرج من حلق الوادي إلى صدر الأفق ليستقبل فيوضات النهضة ومعطياتها طرقا وكهرباء ومدارس، والعمران يواصل الزحف ليشكل صورة المكان ووجه الجبل الحديث.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك