البحر من تجليات الطبيعة الأجمل؛ يُحرّك الحواس بالمعزوفات التي تنظمها الأمواج والريح، وبالمشاهد مختلفة الألوان، التي يتكشف عنها في ساعات اليوم، وبالملوحة ورائحة النسيم، وتلامس الجلد بالرمل والماء. يحلم ناس كثيرون بتملّك منزل للعطلات بجوار البحر، وهم قد يقضون أعواماً طويلة لتحقيق ذلك.
من اليمين يانا بولانوفسكايا وشاكتي غوبتا
قطع الأثاث المصنوعة من مواد طبيعية تضفي إحساساً بالدفء على الفراغ
يعكس منزل العطلات الرخاء الاجتماعي، فهو يُقصد خلال أيام محددة من العام للترفيه وكسر الروتين، ويكون في الغالب بعيداً عن المنزل الأول. مهما كانت مساحة منزل العطلات ومميزاته، هناك خطوط عامة يجدر الانتباه إليها في مراحل التصميم الداخلي وتنسيق الديكور والتأثيث.
بحسب الهندية شاكتي غوبتا Shakti Gupta والتركمانية يانا بولانوفسكايا Yana Polunovskaya، مهندستي التصميم الداخلي ومؤسّستي «أستديو سايا» Saya Studio في دبي، فإن «تصميم المنزل الصيفي المجاور للبحر يستلزم جعل الجو الساحلي سائداً في الداخل، من دون اللجوء إلى اللافتات والصور الشاطئية، بل من خلال التركيز على أنماط الديكور التي تنقل إلى المصطافين إحساساً بالمحيط المائي، بصورة غير مباشرة». في هذا الإطار، تتحدث مهندستا التصميم لـ«سيدتي» عن أنماط من الديكور مناسبة لمشروع مماثل، مثل:
«الطراز العضوي الحديث»، الذي يُركّز على استخدام المواد الطبيعية والنباتات الخضراء والمنسوجات المستدامة والخطوط المنحنية والألوان الدافئة في المساحات الداخلية.
«طراز الحد الأدنى الناعم»، الذي يجعل النهج «المينيماليست» أكثر ليونةً، ويضمن أن الديكور سيبدو خالداً وجذاباً.
«الطراز المعاصر الفخم»، مع تلميحات من العناصر الساحلية.
تسمح الأنماط المذكورة، حسب شروح مهندستي التصميم بالتقاط جوهر الملاذ الشاطئي، مع الحفاظ على مظهر متطور ومُحدّث. في الآتي، توسّع مهندستا التصميم الملامح العامة للديكور الشاطئي.
مواد طبيعية للأثاث
يُضفي الأثاث المصنوعة هياكله من مواد طبيعية، مثل: الروطان أو الخوص (ورق النخل والنارجيل...) أو الخيزران أو الخشب المُستصلح، إحساساً بالدفء وملمساً غنيّاً. نصيحة مهندستي التصميم هي تحقيق التوازن بين المواد الطبيعية المذكورة سالفاً والأخرى، مثل: الرخام والفولاذ المستخدمة في التشطيبات.
لناحية نسيج الأثاث، فإن المقاعد المريحة تفي بالغرض، لا سيما الصوفا المخمل، وكراسي الاستلقاء، و«البوف»، المبطنة بأنسجة ناعمة ومحايدة الألوان. تشتمل الأنسجة المناسبة، في هذا الإطار، على: الكتان، والتويد، لخلق جو مرحب ودافئ.
بساطة الديكور
هناك بضعة أمور متعلقة بالإكسسوارات والأعمال الفنية الخاصة بالمنزل البحري، مثل: اختيار اللوحات الجدارية من الفن التجريدي، التي تُحيل إلى شاطئ البحر، بصورة غير مُباشرة. يصحّ البحث أيضاً، عن اللوحات الفنية الجدارية ذات الألوان المهدئة وضربات الفرشاة المتناغمة. كما أن تزيين الغرف مُمكن من خلال إكسسوارات منزلية، مثل: الصدف والخشب الذي تجرفه مياه البحر إلى الشاطئ، بفعل الأمواج. لكن، تنبّه مهندستا التصميم إلى ضرورة البعد عن المبالغة في توظيف العناصر البحرية؛ أي الحفاظ على بساطة الديكور.
الألوان
عن خطّة الألوان، في المنزل المجاور للبحر، تعدّد مهندستا التصميم:
الألوان المحايدة: تُمثّل هذه الفئة من الألوان قاعدة للخطة اللونية. في هذا الإطار، تنصح مهندستا التصميم باختيار الألوان المحايدة الفاتحة والخفيفة، مثل: الأبيض، والكريمي، والرمادي الناعم، لخلق جو هادئ وساكن.
درجات من ألوان الطبيعة: أضيفي إلى الألوان المحايدة، الألوان الترابية، مثل: البيج الرملي، أو الخشبي الرمادي، أو الأزرق الباهت، أو الأخضر الذي يُذكّر بالبحر. تُحافظ الدرجات اللونية المذكورة على الطابع الذي يجمع بين الطبيعة والحداثة.
لمسات بسيطة من الألوان النابضة بالحياة: تصح إضافة لمسات بسيطة من الألوان النابضة بالحياة، مثل: الفيروزي، أو الأزرق المائي (الأكوا)، أو المرجاني، وذلك من خلال الوسائد أو السجاد أو الإكسسوارات الزخرفية؛ لإضفاء الطاقة، وجلب الاهتمام البصري إلى الفضاء المعماري.
سيعجبك التعرف إلى ديكورات "منزل العطلة" من الألف إلى الياء
حديقة المنزل البحري
من اليمين أحمد معتوق وأفيلا أوربانو
عن حديقة المنزل البحري، يتحدّث المصمّم الكندي الجزائري أحمد معتوق، مؤسس MDO Landscape، الشركة المتخصصة في تصميم وبناء المناظر الطبيعية والمسابح في دبي، بالشراكة مع الإسباني أفيلا أوربانو، فيقول إن «الهدف هو إنشاء منطقة خارجية للمعيشة، متناغمة وعملية وجميلة تعزز تجربة منزل العطلات».
حسب معتوق، التخطيط لتزيين الحديقة أو المنطقة الخارجية لمنزل العطلات، يستلزم فهماً شاملاً للعوامل الآتية:
الموقع: دراسة تضاريس الأرض، ونوع التربة، والنباتات المتوافرة في المحيط، إضافة إلى مراقبة حركة الشمس، وأنماط الرياح عبر الموقع لحسن اتخاذ قرارات التصميم.
المناخ: يُحدّد المناخ المحلي إلى حد كبير النباتات المناسبة والمواد الخارجية ونوع بركة السباحة التي يمكن بناؤها.
تفضيلات ملاك المنزل ونمط حياتهم: فهم أسلوب حياة صاحب المنزل وأفراد عائلته هو المفتاح؛ تفضيلاتهم في مجال الترفيه والاسترخاء والطهي في الهواء الطلق ومناطق لعب الأطفال والزراعة، وما إلى ذلك. هناك أيضاً التفضيلات الجمالية من حيث الألوان والمواد والأنماط.
التكامل مع الهندسة المعمارية: يجب أن يُكمّل التصميم الخارجي الطراز المعماري لمنزل العطلات؛ ما يُحقّق انتقالاً سلساً بين المساحات الداخلية والخارجية. يتضمن ذلك النظر في نظام الألوان والخطوط والمواد والأسلوب العام للمنزل.
الاستدامة: الحديقة والمسبح المُصمّمان بصورة ناجحة سهلا الصيانة.
اللوائح والقيود: من المهم أن يكون المصمم على علم بأي لوائح محلية أو قواعد لمالكي المنازل، في ما يتعلق بالسياج، وخصائص المياه، والأشجار، وعناصر المناظر الطبيعية الأخرى.
النباتات والزهور
عن النباتات والزهور لحديقة منزل الشاطئ، يوضّح المصمم أن «العناصر المذكورة بمنزلة انعكاس للبيئة المحيطة والمناخ وروح التصميم الشاملة للمشروع؛ ما يتطلب الاهتمام، مع ضمان بقاء المزروعات معافاة وتقليل الصيانة». ويضيف أنه «في المناخات الساحلية، يتعامل المصمم مع عوامل، مثل: الرياح العاتية، ورذاذ الملح، وشدة أشعة الشمس، والتربة الرملية، واحتمال تعرية التربة. وتتطلب هذه الظروف اختياراً مدروساً للنباتات التي يُمكن أن «تصمد»، كما تزدهر في ظل هذه الظروف، مثل: عشب Marram Grass (نوع من العشب القاسي الذي ينمو على الشواطئ الرملية)، ونبات Sea Purslane (بقلة يُطبخ ورقها)، وشجيرات Scaevola Taccada (تُسمّى خس البحر).
لناحية النباتات المزهرة، هي تُضيف اللون والاهتمام، لكن يجب اختيار العناصر الطبيعية المذكورة «مرنة» في البيئة الساحلية. من الأمثلة على ذلك: «بلوميريا أوبتوزا» Plumeria obtusa ذات الزهور العطرية؛ ما يحرك حاسة الشم.
حمّام السباحة
عن إمكانية تصميم حمّام السباحة، حتى لو كانت الحديقة صغيرة، يشرح المصمم أن «أحد التحديات الأكثر إثارة له ولشريكه، هو تعظيم إمكانات المساحة الصغيرة؛ ما يعني أن حضور هذه البركة ممكن، بعد التخطيط الدقيق وفهم العناصر الأساسية التي تجعل حمام السباحة ممتعاً، فتقديم الحل الإبداعي».
ويوسّع المصمم فكرته، قائلاً: «يجب أولاً، التفكير في الهدف من حمّام السباحة؛ هل هو لممارسة الرياضة أ لإضفاء الجاذبية الجمالية؟ مثلاً: إذا رغب مالك(ة) المنزل بمكان للغطس السريع أو الاسترخاء، فقد يكون حوض الغطس، الذي يكون عموماً أصغر من المسبح التقليدي، هو الحل الأمثل. بعد ذلك، من الضروري تقييم المساحة الحالية، وتحديد أفضل شكل للمسبح (حمّام السباحة المستطيل في الحديقة الصغيرة يزيد الطول الذي يمكن اجتيازه عبر الماء ويوفّر مظهراً أنيقاً وعصريّاً. المسبح منحني الأضلاع، بدوره، يجذب الأنظار إليه ويتآلف في المساحة غير المنتظمة) ومكانه».
ويُشدّد المصمم على فكرة مفادها أن تصميم المسبح يتمّم المشهد العام، فلا يبدو كأنه فكرة أضيفت لاحقا إلى الفضاء الخارجي. ميزات المياه، مثل: الشلالات أو النفاثات من عناصر الفخامة، كما تحجب ضوضاء المدينة في البيئة الحضرية.
حسب معتوق، الحديقة هي امتداد لمساحات المعيشة الداخلية، وقد تشتمل على مناطق للطهي وتناول الطعام والاسترخاء وحتى العمل.
في إطار التأثيث الذي يُشابه اختيار المجوهرات للزينة، حسب تعابير المصمم، ينصبّ التركيز على القطع التي تقوم بوظائفها، وتُحقّق الراحة والأناقة، وتُعبر عن «شخصية» المكان؛ أي تعكس جمالية التصميم العام للمنزل والحديقة، وتُلبي العديد من المعايير، مثل: المتانة، ومقاومة الأشعة فوق البنفسجية، والرطوبة، والتغيرات في درجة الحرارة، إضافة إلى سهولة الصيانة. ولا يغفل المصمم عن ذكر أهمية ترتيب الأثاث؛ أي توزيع قطعه بطريقة تُظهر «غرفاً» أو مناطق عدة في الحديقة، مع تشجيع المحادثة وتوجيه الحركة.
أما لناحية الإكسسوارات، فهي تشتمل على: السجاد الخارجي، والإضاءة، والعناصر الزخرفية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ديكور أنيق يجمع بين البساطة والوظائفية
نصائح مساعدة في تعزيز الإضاءة في الغرف المظلمة
أرسل تعليقك