قالت دراسة جديدة إن إستراتيجيات التخفيف من آثار تغير المناخ، يمكن أن تؤدي إلى زيادة خطر الجوع في البلدان النامية بدلاً من خفضه، إذا لم تصمَّم على نحوٍ جيد.
تبحث الدراسة، المنشورة في دورية "نيتشر ساستينابيليتي"، ستة نماذج تقييم متكاملة؛ لمعرفة كيف يمكن أن يتأثر الأمن الغذائي بسياسات التخفيف من آثار تغيُّر المناخ، التي تهدف إلى الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، المتسببة في الاحترار العالمي.
أظهرت النماذج الستة أن سياسات التخفيف التي تؤثر على الأسواق الزراعية قد تؤثر سلبًا على الأمن الغذائي، لا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض، وتزيد أعداد المعرضين لخطر الجوع بنحو 160 مليون نسمة بحلول عام 2050.
ارتفع الجوع العالمي على مدى السنوات الثلاث الماضية، على الرغم من الجهد المبذول لبلوغ الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والمتمثل في ”القضاء التام على الجوع“ بحلول عام 2030. ووصل عدد الجياع في العالم إلى 821 مليون شخص في عام 2017، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2018 عن حالة الأمن الغذائي.
وتستفيد معظم أبحاث تغيُّر المناخ من نماذج التقييم المتكامل؛ لأنها مستمدة من مختلِف التخصصات العلمية والاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من التخصصات.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة -شينيتشيرو فوجيموري، الأستاذ في قسم الهندسة البيئية بجامعة كيوتو في اليابان: ”بينما وجدنا تأثيرًا مشابهًا في بحث مشترك سابق نُشر في دورية ’إنفيرومنتال ريسيرش ليترز‘، قمنا هذه المرة بتطبيق نماذج بديلة متعددة، وأظهرنا أن النتائج قوية وعلى درجة عالية للغاية من الدقة“.
ويضيف فوجيموري لشبكة SciDev.Net: ”نريد التأكيد على أن سياسات التخفيف من آثار تغير المناخ المتعلقة بالأرض والغذاء ينبغي تصميمها بعناية“. ”يجب أن يدرك صانعو السياسات المشكلات المحتملة التي قد تنشأ نتيجةً لتفرُّد النظام الغذائي مقارنةً بنظام الطاقة، على سبيل المثال“.
من جانبه يقول كيوان رياحي -مدير برنامج الطاقة بالمعهد الدولي لأنظمة التحليل التطبيقية في فيينا، والباحث المشارك في الدراسة: ”يجب أن تتخطى سياسات المناخ نطاق تسعير الكربون، وتأخذ في الاعتبار الآثار التوزيعية، وتحمي الفقراء“.
ويستطرد: ”فإذا ما أديرت على نحو صحيح، ستكون تكاليف هذه السياسات ضئيلةً نسبيًّا“.
وبالرغم من أن النتائج تختلف باختلاف النماذج وتطبيقها، إلا أنه يجب تصميم سياسات التخفيف من آثار تَغيُّر المناخ بعناية، لمراعاة الزراعة وأسعار الأراضي، وفق رياحي.
ويعتقد فوجيموري أن الرسالة المهمة التي يجب استخلاصها من الدراسة، المنشورة في 13 مايو الجاري، هي أن الآثار الجانبية الضارة غير المقصودة لإجراءات التخفيف من تغيُّر المناخ يمكن تجنُّبها عن طريق تبنِّي سياسات ذكية وشاملة تراعي هذه العواقب.
ويضيف: ”أدوات السياسة هذه ستكون أرخص بكثير من تكاليف خفض غازات الدفيئة“.
يحذر كيث ويِبِ -زميل باحث أول في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في واشنطن- من أن الآثار الجانبية السلبية هذه يجب ألا تُعتبر سببًا لرفض العمل المتعلق بالمناخ، بل ”نحتاج فقط إلى أطر سياسيات مصممة بعناية“.
يقول ويِبِ: ”هناك حاجة ماسة إلى حلول للتخفيف من تغير المناخ، وكذلك آثاره على الزراعة والأمن الغذائي“. ”ولكن نظرًا لتعقيد التحديات، يجب توخي الحذر لضمان ألا تؤدي الحلول المقترحة إلى تفاقم بعض المشكلات دون قصد“.
”أحد الشواغل الرئيسة لنتائج الدراسة هو أن المخاطر تتحملها بلدان في أفريقيا وآسيا على نحو غير متناسب، حيث معدلات الجوع مرتفعة بالفعل. وهذا لا يعني أنه ينبغي تجنُّب التخفيف من آثار تغير المناخ“، وفق ويِبِ.
”من الأهمية بمكان أن يضع صانعو السياسات إستراتيجيات التخفيف هذه بعناية، وبناء على معلومات مؤكدة عن كامل نطاق آثارها؛ لتجنُّب العواقب غير المقصودة“.
هذا الموضوع أُنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم آسيا والمحيط الهادي.
قد يهمك أيضًا
"أفوريست" تنشئ مئات الغابات الصغيرة في مدن عدة حول العالم
تكنولوجيا فريدة يمكنها تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور
أرسل تعليقك