الدمام ـ العرب اليوم
أكد مختصون اقتصاديون ومستثمرون في المجال الصناعي أهمية التعجيل في الشروع في إطلاق مشاريع الطاقة البديلة من أجل تخفيف الضغوط على استخدام النفط كطاقة وحيدة في السعودية التي تنتج الحصة الأكبر على مستوى العالم.وشدد المختصون لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة إيجاد وتفعيل استخدام طاقة بديلة عن النفط، على اعتبار أن معدل الاستهلاك للطاقة التقليدية يكلف السعودية ثلث مواردها النفطية وقال عضو اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية، وليد الشعيبي، إن هناك مساعي حقيقية لإيجاد الطاقة البديلة من قبل كثير من الصناعيين في السعودية، حيث بدأت هناك قناعة تامة بضرورة العمل على إيجاد مصادر أخرى للطاقة وتخفيف الاعتماد على الطاقة الناتجة عن النفط. وأضاف الشعيبي: «بدأنا، وبمشاركة عدد من الصناعيين في المنطقة الشرقية، بمشروع لإنتاج مادة البولي سيلكون، وهي المادة الأولية التي تصنع منها الألواح المستخدمة للطاقة الشمسية، التي يتوجب الاستفادة منها على المدى القريب؛ لأن الاستمرار في الاعتماد على النفط كمصدر رئيس ووحيد للطاقة يمثل خطأ كبيرا، وهذا ما تنبهت له القيادة السياسية في المملكة، حيث أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز بضرورة تدعيم مشاريع الطاقة البديلة وحدد عام 2025 موعدا لإنجاز كثير من المشاريع التي من شأنها تقليل الاعتماد على النفط ووضعه ضمن مصادر الطاقة وليس المصدر الوحيد كما هو الحال حاليا».
وعن الدعم والتسهيلات التي تلقاها مشروعهم المختص بالبولي سيلكون من الجهات الحكومية، قال الشعيبي: «تلقينا دعما كبيرا من صندوق الاستثمار الصناعي وكذلك من وزارة البترول من أجل إنجاز هذا المشروع، وهذا تأكيد على عزم الحكومة السعودية على إيجاد مصادر أخرى للطاقة تخفف الأعباء على النفط كمصدر وحيد للطاقة».وأشار الشعيبي إلى أن مشاريع الطاقات البديلة سيكون لها أثر اقتصادي كبير جدا، حيث ستحتضن هذه المشاريع آلاف الشباب السعودي، وهذا ما سيبرز جليا في العام الجديد 2014، مؤكدا أن بقاء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للمملكة التي تحتضن 27 مليون نسمة يمثل مخاطرة كبيرة من جانبه، قال المهندس عبد الهادي المريح، المدير التنفيذي لشركة أنظمة الطاقة الشمسية الوطنية، إن السعودية تستهلك محليا ما يقارب ثلث إنتاجها النفطي، وإن الطلب المحلي على الكهرباء في المملكة يعتبر من أعلى المعدلات في العالم، حيث تصل إلى 9% سنويا، مما يتوجب العمل على تلافيها في أسرع وقت.وبين المريح أن التأثير الاقتصادي يكمن في النقص التدريجي لقدرة المملكة التصديرية للبترول على حساب الحاجة المحلية، خاصة مع ازدياد مشابه للطلب على تحلية المياه. وقدر أن التأثير على خزينة الدولة سينجلي في مدة قصيرة قد لا تتجاوز العشر سنوات، إضافة إلى الانعكاس السلبي على استقرار الأسواق العالمية بسبب نقص المعروض من البترول، وهذا ما دعا الحكومة السعودية إلى الشروع في تأسيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في 2010 للعمل على تغيير جذري في استراتيجية الطاقة في المملكة للحد من الاعتماد الكلي على البترول والتحول جزئيا إلى مصادر بديلة كالطاقة النووية والشمسية والرياح وغيرها.وأضاف المريح أن مدينة الملك عبد الله قد انتهت تقريبا من وضع الأسس القانونية والاقتصادية والتنظيمية لإطلاق مشاريع الطاقة البديلة بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة، كوزارة المالية والبترول وهيئة التنظيم الكهربائي المزدوج ومدينة الملك عبد العزيز وشركة «أرامكو السعودية» و«الشركة السعودية للكهرباء» وغيرها، والجميع في انتظار تفعيل هذه التشريعات التي سينتج عنها خلق صناعة جديدة في المملكة باستثمارات مباشرة تتخطى حاجز 400 مليار ريال على مدى العشرين سنة المقبلة، مما سيؤدي إلى تنشيط الاقتصاد المحلي وخلق آلاف الوظائف للسعوديين، إضافة إلى تلافي مشكلة الاعتماد الكلي على البترول للاستهلاك المحلي.من جهته، شدد عبد الرحمن العمر، عضو اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية، على أهمية تكثيف الحملات التثقيفية بالطاقات البديلة من خلال المعارض والندوات المدعومة من الدولة من أجل رفع مستوى الثقافة بأهمية الشروع في البحث عن مصادر أخرى للطاقة وعدم البقاء في الاعتماد على النفط.وأضاف العمر: «الثقافة شبه معدومة لدى شريحة واسعة من الصناعيين بأهمية البحث عن إيجاد مصادر بديلة للطاقة تكون بنفس الكفاءة والنظافة التي يمثلها النفط. وحقيقة، التثقيف يتوجب أن يكون هو الأساس قبل الشروع الفعلي والجاد في البحث عن مصادر بديلة حتى تكون هناك قناعة بأهمية التوجه نحو الطاقات البديلة مثل الشمسية أو حتى النووية، مع أن الطاقة الشمسية مثلا لا يمكن أن تقوم في كل الأحوال بالدور الذي تمثله طاقة النفط، بينما الطاقة النووية مكلفة جدا على الأقل في السنوات الأولى من استخدامها».وبين أن هناك أهمية جدية لتفعيل أدوار وزارات حكومية للتشجيع على الاستثمار في مجال الطاقات البديلة بشكل أكثر فاعلية، كما يتوجب رفع مستوى الثقافة بجدوى التوجه لإنجاز مشاريع يمكن أن تسهم في تخفيف الاعتماد على النفط.واعتبر تركي الحقيل، المحلل الاقتصادي السعودي المقيم بواشنطن، أن السعودية مدعوة لاتخاذ خطوات أكثر صرامة وجدية في مسألة إعادة هيكلة قطاع الطاقة فيها وتوجيه الدعم في هذا القطاع الذي يبلغ 135 مليار ريال (36 مليار دولار) سنويا، إلى مستحقي هذا الدعم.وقال إن الأمور إذا سارت على ما هي عليه، فستصل السعودية إلى استهلاك 7.8 مليون برميل يوميا، فخلال موسم الصيف الحالي ستستورد السعودية نحو 110 آلاف برميل من البنزين و295 ألف برميل من الديزل يوميا لتوفير الوقود المدعوم حكوميا، الذي يعد استيراده أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية من إنتاجه عبر مشاريع ومصاف محلية.وشدد الحقيل على أن عدم تغيير السياسات السعودية تجاه الطاقة سيجعل السعودية تستهلك قرابة 5 ملايين برميل يوميا في غضون 3 سنوات فقط، حيث سيقفز الاستهلاك المحلي اليومي للسعودية من 3.86 مليون برميل إلى 4.95 مليون برميل يوميا، مما سيحد من قدراتها التصديرية للمورد الذي يمثل 93% من إيرادات خزينة الدولة.من جانبه، قال محمد الكحيمي، المستثمر في المجال الصناعي وعضو اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية، إن هناك أهمية بالغة جدا في أن يتم العمل من الآن على تخفيف الصرف في الطاقة الناتجة عن النفط، وفي مقدمة هذه الخطوات فرض العوازل الحرارية في المباني واستخدام طرق في البناء لا تمثل هدرا للطاقة.وأضاف الكحيمي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك أهمية وتوافقا على أهمية تخفيف الضغط عن النفط من خلال استخدامه كمصدر وحيد للطاقة، ويتوجب الاستفادة من تجارب ناجحة في أميركا ودول أوروبا المتقدمة، مثل ألمانيا، التي لا يوجد بها نفس الكميات من النفط، ومع ذلك وضع الطاقة لديها يسير بوضع مستقر وثابت.وبين أن إيجاد مصادر بديلة للطاقة مثل الطاقة النووية مكلف جدا وتحتاج إلى وقت طويل لإنجازها، لكن بعد الانتهاء منها يكون وضع استخدامها مريحا جدا ويخفف الأعباء عن الدولة من حيث استخدام النفط، الذي يمثل الاستخدام الداخلي له ثلث المنتج، بينما يصدر الباقي لدول العالم، ويمثل مصدرا رئيسا للمداخيل المالية للاقتصاد السعودي.
أرسل تعليقك