أروشا ـ العرب الوم
المسافة بين مدينة «أروشا» التنزانية وقرية «أولدونيو-سامبو» تستغرق نحو ساعة بالسيارة. ورغم أن المسافة تربط بين القرية الصغيرة الشهيرة بسوقها الكبير والمدينة التي تعتبر مركزاً اقتصادياً نشطاً في البلد الواقع بشرق أفريقيا، فإن الكهرباء لم تصل سكان القرية بعد.
وساهمت منظمة «أوكوس» الإيطالية للمحافظة على البيئة في إقامة برنامج لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية في القرية عام 2009، وتم تدريب فنيين وأقيم مبنى بالقرب من السوق وأصبح السكان يديرون العمل وبدأت عمليات البيع. ومع انتهاء «أوكوس» من عملها، أفسحت الطريق لتسمح للشركات بإدارة أعمالها.
ويوجد حالياً 300 زبون للوحات خلايا الطاقة الشمسية، منها خمس مدارس ابتدائية ومركزان صحيان ومدرسة ثانوية. ويوفر توصيل الكهرباء بالمدارس الضوء للطلاب ويسمح بإمكانية استخدام الكمبيوتر.
وقال «رمضاني كوبازا»، مدير «أوكوس» في شرق أفريقيا، متحدثاً عن عمله في تنزانيا، «إن عصر المعلومات لم يستغل بما يكفي لحل مشكلاتنا. وكي تدخل أي بقعة من العالم عصر المعلومات فلابد من توافر الكهرباء». ويبيع «مركز طاقة المجتمع» وحدات من خلايا الطاقة الشمسية متفاوتة الحجم لأفراد من السكان وللشركات تتفاوت سعتها بين 20 و140 واط. وهناك أيضاً أحجام مختلفة من البطاريات لتخزين الطاقة التي تولدها الخلايا.
ومازال فريق العمل في «أوكوس» على اتصال بالبرنامج، لكن لا شأن لهم به في هذه المرحلة. فمع توافر التجهيزات المناسبة والمواد المتاحة وعامل فني يستطيع إصلاح الأعطال، يعمل المشروع من تلقاء نفسه.
وفي ظلام القرية تتألق كلمتا «حانة واكوليما» بالإضاءة الزرقاء على الطلاء البرتقالي الفاتح في مدخل المكان، حيث تتردد في الخارج أصداء الموسيقى القادمة من المطعم والحانة التي يمتلكها رجل أعمال يدعى «لومانياكي سيمون». وفي الداخل يقف النادل مع تلفزيون تظهر على شاشته الموسيقى المحلية المصورة بصوت مرتفع للغاية والمشروبات تصطف على الأرفف. ويجلس على الطاولة الأمامية اثنان من الزبائن. وهناك مجموعة من الطاولات بالإضافة إلى مطبخ توجد به مجموعة من الوجبات. وقبل أن يشتري سيمون خلية توليد الكهرباء باستخدام خلايا الطاقة الشمسية التي سعتها 140 واط من المركز، لم تكن حانته صاخبة هكذا. والآن أصبحت مثل الكثير من حانات شرق أفريقيا.
واشترى سيمون وحدة خلايا للطاقة الشمسية لمنشأته الصغيرة نقداً ثم اشترى وحدتين أخريين صغيرتين لمنزله الذي يبعد بضع مئات من المترات. وعندما وصلنا إلى المنزل أشار إلى وحدتي طاقة شمسية بسعة 20 واط فوق السطح. وفوق الباب الأمامي هناك مصباح مضاء طوال اليوم. وبداخل المنزل توجد لوحة التحكم لإعادة شحن البطاريات. وأدار سيمون التلفزيون والمصابيح ليبين لي أنها تعمل. وحتى في الموسم المطير، فالتيار الكهربي متوافر على مدار الساعة. ومع زيادة خلايا الطاقة الشمسية تتحسن الكهرباء في منزله، ومن المأمول أن تختزن بطاريات جديدة المزيد من الطاقة.
وعندما يتحدث سيمون عن الطاقة، تشعر بنبرة فخر في صوته، خاصة حين يقول إنه يريد أن يشتري وحدتين أخريين لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
وقد تعهدت الولايات المتحدة والبنك الدولي، وجهات أخرى، بإمكانية وصول شاملة للطاقة. وهنا يسعى أشخاص مثل سيمون لحلول خضراء، لا تلوث البيئة، لإنهاء مشكلة الطاقة، حتى تتحسن أوضاعهم المعيشية.
وفي المجتمعات الريفية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يعيش قرابة 95 في المئة من السكان من دون كهرباء. وتقول الأمم المتحدة إن ما يعادل ربع سكان الكرة الأرضية لا يستطيعون الحصول على التيار الكهربائي. ويستطيع سكان القرى في ريف أفريقيا الحصول على الكهرباء، لكنها تكلفهم غالياً من المال والوقت، لأنهم يضطرون للسفر إلى المدينة من أجل الحصول على السولار لاستخدامه في مولدات الكهرباء.
واستخدام السولار في مولدات الطاقة يلوث البيئة بالإضافة إلى التلوث الناجم عن أصوات المولدات ذاتها، ويؤدي أحياناً إلى حرائق قد ينجم عنها وقوع وفيات. لكن في المقابل فالكهرباء الناتجة عن استخدام خلايا الطاقة الشمسية هي طاقة خضراء غير ملوثة للبيئة، كما أن ضوء المصابيح التي تعمل بالطاقة الشمسية أكثر إنارة من الضوء الناتج عن استخدام السولار.
الطاقة الشمسية حل مثالي لتوليد الطاقة الكهربائية في قرى أفريقيا، بعد أن باتت رخيصة الثمن. فهي توفر المال على الأسر الأفريقية، وتتيح إمكانية الدراسة في المساء، كما يتيح للأسر فرصة الاستماع للراديو ومشاهدة التلفزيون وشحن بطاريات الهواتف المحمولة.
أرسل تعليقك