واشنطن - العرب اليوم
مع تغيُّر المناخ وتقلُّباته التي تُؤثِّر تأثيرا كبيرا في أجندة التنمية في أفريقيا جنوب الصحراء، تُوجِز خطة جديدة للبنك الدولي الإجراءات اللازمة لزيادة مواجهة آثار تغيُّر المناخ وتعزيز التنمية منخفضة الانبعاثات الكربونية، وذلك في محاولة لتحقيق أهداف الحفاظ على النمو الحالي وحمايته في المستقبل والحد من الفقر.
وتهدِف الخطة الجديدة الصادرة بعنوان “تسريع وتيرة التنمية منخفضة الانبعاثات الكربونية والقادرة على مواجهة آثار تغير المناخ: خطة عمل مناخية لأفريقيا” إلى إيلاء اهتمام لتعبئة الموارد وتسريع وتيرته من أجل المبادرات ذات الأولوية لتحقيق نمو منخفض الانبعاثات الكربونية يراعي تغيُّرات المناخ في المنطقة. وتُنوِّه الخطة في الوقت نفسه إلى أن المناخ هو سبب معظم الأزمات المالية التي تبقي الأسر الأفريقية في براثن الفقر أو تهوي بها في وهدته.
وفي هذا الصدد، يقول بينوا بوسكيه المدير المتخصص بمجموعة الممارسات العالمية للبيئة والموارد الطبيعية في البنك الدولي “إن تداعيات تغيُّر المناخ على أفريقيا مُدمِّرة وتُنذِر بسقوط ملايين من الناس في براثن الفقر المدقع بحلول عام 2030، وذلك ناجم إلى حد كبير عن انخفاض غلة المحاصيل وارتفاع أسعار الغذاء والآثار السلبية على الصحة. وفي ضوء فجوة التمويل الضخمة والحاجة إلى التحرُّك العاجل، أعد البنك الدولي خطة العمل المناخية لأفريقيا كخطوة مهمة نحو تعبئة تمويل الأنشطة المناخية من أجل تسريع وتيرة تلبية احتياجات أفريقيا للتكيف مع تغيُّر المناخ في سياق أولويات التنمية.”
وتقول الخطة إن العوامل المتصلة بالمناخ ستزيد من الصعوبات التي تواجهها البلدان الأفريقية لمعالجة الفقر المدقع في المستقبل وذلك لثلاثة أسباب، هي:
· ارتفاع درجة حرارة الأرض حتمي ولا يمكن تفاديه بسبب انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري فيما مضى، وهو ما سيفضي إلى فقدان الأراضي الزراعية، وهبوط إنتاج المحاصيل، وتفاقم مستويات نقص التغذية، وزيادة مخاطر القحط والجفاف، وانخفاض المحاصيل السمكية.
· ظاهرة ارتفاع درجات حرارة الأرض قد تتفاقم، وما لذلك من عواقب وخيمة على المنطقة تتمثَّل في موجات حر شديد، وزيادة مخاطر حدوث نوبات جفاف حاد، وفقدان المحاصيل كل عامين، وهبوط غلة المحاصيل الغذائية الرئيسية بنسبة 20 في المائة، وبنهاية القرن الحالي، قد يتأثر زهاء 18 مليون شخص بالفيضانات كل عام.
· هناك قدر كبير من الغموض بشأن التأثير الذي سيتركه ارتفاع درجات الحرارة على أنماط الطقس المحلية والدورات المائية، وهو ما يُنذِر بتحديات هائلة لوضع خطط التنمية، وتصميم المشروعات المتصلة بإدارة الموارد المائية مثل الري والطاقة الكهرومائية، ومرافق بنية تحتية أكثر مراعاة لظروف المناخ بوجه عام مثل الطرق والجسور.
ومن أجل التصدِّي لتحديات المناخ بالتعاون مع حكومات البلدان الأفريقية ومجموعة متنوعة من الشركاء الإقليميين والدوليين، تُركِّز الخط على زيادة القدرة على التكيُّف من خلال اثني عشر مجالا ذا أولوية تم تجميعها في ثلاث مجموعات؛ وهي
– تعزيز القدرة على مواجهة آثار تغير المناخ التي تشتمل على مبادرات هدفها تعزيز رأس المال الطبيعي للقارة (الأراضي الزراعية والغابات والمحيطات)، ورأس المال المادي (المدن والبنية التحتية لقطاع النقل)، ورأس المال البشري والاجتماعي، ومن ذلك الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة والمعرضة للخطر من الصدمات المناخية ومعالجة أسباب الهجرة المتصلة بالمناخ.
– تفعيل القدرة على مواجهة آثار تغير المناخ التي تشتمل على إيجاد فرص لزيادة مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية، إذ أن المجتمعات التي تفتقر إلى مصادر طاقة كافية تزيد احتمالات تعرُّضها للصدمات المناخية.
– تمكين القدرة على مواجهة آثار تغير المناخ من خلال توفير البيانات الأساسية، والمعلومات وأدوات اتخاذ القرار من أجل تعزيز التنمية منخفضة الانبعاثات الكربونية في مختلف القطاعات، وذلك بتقوية نُظُم المعلومات الهيدرولوجية على المستويين الإقليمي والقطري، ومن خلال بناء القدرات لتخطيط وتصميم الاستثمارات المراعية لظروف المناخ.
تبلغ مستويات التمويل المخصص للتكيُّف مع تغيُّر المناخ حاليا نحو ثلاثة مليارات دولار سنويا، وهي لا تكفي لتمويل الاحتياجات الحالية، ولا تزيد بالمعدل اللازم للوفاء بالاحتياجات في المستقبل. وتُقدِّر الخطة أن التنفيذ في الأمد القريب إلى المتوسط ستبلغ تكاليفه نحو 16.1 مليار دولار يجب تدبيرها بحلول عام 2020، منها 5.7 مليار دولار من المتوقع أن تأتي من المؤسسة الدولية للتنمية، والباقي من مصادر متنوعة، منها مصادر ثنائية ومتعددة الأطراف، ومصادر تمويل مُكرَّسة خصيصا للأنشطة المناخية، ومن القطاع الخاص. وتشير الخطة أيضا إلى أنه يمكن تحقيق مزيد من النتائج بحلول عام 2025 بتكلفة تبلغ نحو 21 مليار دولار.
أرسل تعليقك