لندن ـ العرب اليوم
يستيقظ الصحافي محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد الإماراتية»، ورئيس تحرير مجلة «ناشيونال جيوغرافيك–النسخة العربية» يوميا الساعة الثامنة صباحا، يستقل سيارته «الرانج روفر» بعدما يتجول سريعا على عناوين الصحف وتغريدات «تويتر»»، متجها إلى مقر عمله، ليبدأ اجتماع التحرير اليومي تمام التاسعة صباحا.. ولا ينتهي يومه قبل منتصف الليل بعد إرسال النسخة اليومية من الصحيفة إلى المطبعة.
ويعزو الحمادي في حوار–عبر البريد الإلكتروني–مع «الشرق الأوسط» تأخر مؤسسات الصحافة العربية إلى افتقارها الصحافي المتخصص، ويقول «إن جزءا كبيرا من صحافتنا العربية يعتمد على نقل الخبر وليس صناعته». وينصح رئيس التحرير الذي شرع في حياكة الحرف والغوص في أعماق الحرفة منذ 22 عاما الصحافيين بزيادة الرصيدين اللغوي والمعرفي، إلى جانب المثابرة بالابتعاد عن اليأس والاستفادة من الأخطاء. ويطالب رئيس تحرير صحيفة الاتحاد الإماراتية بضرورة عمل الصحافي المحترف تحت ظل قانون واضح يحدد واجباته ومسؤولياته، على غرار دول العالم المتقدمة، ويضيف: «إن هذه الأمور تساعد الصحافي على أن يمارس عمله بمهنية واحترافية عالية»، متابعا: «إذا أردنا صحافة قوية يجب أن يكون لدينا صحافيون متخصصون في مجالات محددة بحيث يستطيعون أن يقدموا الخبر والمعلومة ويكونوا في مرحلة ما قادرين على التحليل والاستنتاج فيما هم متخصصون فيه».
ويقول الحمادي إنه لا يتابع أي برامج تلفزيونية في الوقت الراهن، باستثناء برنامج «البرنامج» ومقدمه الإعلامي المصري باسم يوسف الذي يصفه بالإضافة النوعية للإعلام المرئي في المنطقة. كما يعتقد رئيس تحرير صحيفة الاتحاد أن الإعلام الجديد والتقليدي يستفيدان من بعضهما البعض بشكل يومي، كما أنه يفضل موقع التدوين المصغر «تويتر»» ويقول إنه لخص العالم بـ«ما» و«من» فيه.
وفيما يلي نص الحوار
* كيف بدأت حياتك المهنية صحافيا، وهل تيقنت عند لحظة معينة بصواب اختيارك الوظيفة؟
- كان من الطبيعي أن يقودني حب القراءة والتصوير الفوتوغرافي إلى دراسة الصحافة في جامعة الإمارات، ومنذ اليوم الأول لدراستي للإعلام في الجامعة، كنت أشعر بأنني أتعلم شيئا أحبه، لذا فإنني في السنة الأولى لدراستي توجهت إلى مكتب صحيفة الاتحاد في مدينة العين–حيث جامعة الإمارات–وطلبت منهم أن يقبلوني صحافيا متدربا «دون أجر» للعمل معهم وممارسة الصحافة. وكنت وما زلت منذ ذلك اليوم على يقين بأنني اخترت المهنة التي تناسبني، فأنا لم أعتبر الصحافة يوما «وظيفة»، ولكنني أنظر إليها على أنها مهنة وهواية ومسؤولية أيضا.
* ما أول قصة صحافية كتبتها ومتى نشرت؟ وما القصة التي تأمل كتابتها قريبا؟
- أول قصة كتبتها كانت أثناء دراستي الجامعية، وكانت عن مشكلات الطلبة في الحرم الجامعي في عام 1991 ونشرت في صحيفة الاتحاد، وبعد ذلك نشرت عددا من التحقيقات والحوارات الصحافية، فضلا عن الأخبار الخاصة، لكن من القصص التي لا أنساها أبدا هي التي كتبتها عن البوسنة والهرسك أثناء الحرب الأهلية هناك في منتصف التسعينات.. فقد زرت البوسنة في مهمة عمل خلال الحرب ونشرت عددا من التحقيقات، وخصوصا تلك المرتبطة بحياة اللاجئين والقصص الإنسانية والمأساوية التي يعيشها النساء والأطفال البوسنيون الذين شردوا من ديارهم لأسباب عرقية.. صور الأطفال الصغار الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم لا تزال عالقة في ذهني إلى اليوم.. وعندما أرى اليوم البوسنة والهرسك وقد استعادت عافيتها أذكر تلك الأيام وأتمنى لهم الخير، فقد رأوا وعاشوا أياما صعبة جدا.
* كم عدد ساعات العمل التي تقضيها خلال الأسبوع، وهل تقضي وقتا كافيا مع الأسرة؟
- في الصحافة تكون أغلب ساعات اليوم للصحيفة وللعمل، ولا يخفى عليكم أن العائلة تدفع جزءا من ضريبة ممارستنا مهنة المتاعب، لكن يهمني أن تكون لي أوقات مخصصة في اليوم مع العائلة، وإن كانت قصيرة، أما نهاية الأسبوع، فيكون لهم الوقت الأطول، وحاليا أقضي يوميا ما بين 10 إلى 12 ساعة يوميا في الجريدة، وهذا وقت طويل وأعتقد أن من المهم أن نعمل كإعلاميين على خلق التوازن بين عملنا وأسرنا فمهنتنا متعبة، لكن للأسرة حق يجب أن تحصل عليه في زحمة أيامنا المليئة بالأحداث والأخبار والمستجدات.
* ما رأيك في الإعلام الجديد، وهل سيحل مكان القديم؟
- الإعلام الجديد ثورة جميلة وممتعة فيها كثير من الإثارة والقلق أيضا، وهذا الإعلام نتيجة طبيعية للتطور الذي يعيشه العالم.. وهو أثر ويؤثر وسيؤثر أكثر على الإعلام القديم أو التقليدي–كما يحب أن يطلق عليه البعض–لكنه لن يحل محله على المدى القصير، فالصحف والإذاعات والقنوات الفضائية لها مكانتها الراسخة وأهميتها ومصداقيتها التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومن يتابع الإعلامين–الجديد والقديم–يرى أن كلا منهما يستفيد من الآخر وبشكل يومي.
* ما البرنامج التلفزيوني المفضل لديك؟
- برامج التلفزيون لم يعد لها نصيب من وقتي ما عدا الأخبار التي لا يمكن الاستغناء عنها، أما البرنامج الوحيد الذي أتابعه مؤخرا، فهو برنامج «البرنامج» للمتألق باسم يوسف، وأعتقد أنه قدم إضافة نوعية للإعلام المرئي في المنطقة سواء في أسلوب طرح القضايا أو اختيار الموضوعات وطريقة عرضها.
* ما المدونة أو الموقع الإلكتروني الذي تحرص على متابعته؟
- لا مدونات أتابعها، فأنا من «قبيلة (تويتر)» أتابع كثيرا من المواقع الإخبارية الإلكترونية، لكن أعتقد أن «تويتر»» نجح في أن يقدم لنا ملخصا عن العالم وما فيه ومن فيه وجعل متابعتي شخصيا للفضاء الإلكتروني من خلاله، بالإضافة إلى «فيس بوك».
* إلى أي مدى تؤمن بأهمية وجود متخصصين في شؤون معينة بفريق العمل الصحافي؟
- التخصص في الصحافة أمر في غاية الأهمية وأعتقد أن أحد أهم أسباب عدم تقدم الصحافة العربية بالقدر الذي نتمناه جميعا خلال العقود الماضية هو أننا لم ننجح في خلق صحافيين متخصصين، بعكس ما هو عليه الحال في الصحافة الغربية وبعض الصحافة في دول شرق آسيا.. إذا أردنا صحافة قوية يجب أن يكون لدينا صحافيون متخصصون في مجالات محددة، بحيث يستطيعون أن يقدموا الخبر والمعلومة ويكونوا في مرحلة ما قادرين على التحليل والاستنتاج فيما هم متخصصون فيه... وقد يصبحون في يوم من الأيام خبراء في ذلك المجال ومستشارين.
* ما النصيحة التي تقدمها للصحافيين الشباب في بداية حياتهم الإعلامية؟
- جميعنا يحتاج إلى النصيحة مهما كبرت مسؤولياتنا وعلت مناصبنا ومهما امتلكنا من الخبرة، أما لزملائي الصحافيين الجدد، فمن المهم أن يدركوا أن المهنية والمصداقية أهم ما يمتلكهما الصحافي فليحافظوا عليهما، ودور الصحافي هو صناعة الخبر وليس نقله فقط... وهذا ما يميز صحافيا عن آخر.. وعلى الصحافي في بداية حياته أن يقرأ كثيرا، يقرأ كل شيء، ويثقف نفسه، ويزيد من رصيده اللغوي والمعرفي، وعليه أن يدرك أن البدايات صعبة دائما، لذا فمن المهم أن يستفيد من خبرة من سبقوه من الصحافيين، يتعلم منهم ويستشيرهم.. وإذا تعثر أو أخطأ فلا ييأس، بل يستمر في المحاولة وسينجح.
* في رأيك ماذا طرأ على القصة الصحافية في العالم العربي وماذا تحتاج لتضاهي نظيراتها الأجنبية؟
- الصحافة صناعة، والصناعة يجب أن يكون فيها إنتاج وابتكار وإبداع، جزء كبير من صحافتنا العربية تعتمد على نقل الخبر وليس صناعته، وجزء من هذا الوضع عائد إلى أننا لا نستثمر في صحافتنا ولا نوفر المال الكافي الذي تحتاج إليه فصناعة الصحافة مكلفة، أما الأمر الآخر، فهو مرتبط بالحرية الصحافية، فحتى تستطيع أن تصل الصحافة العربية لمستوى نظيراتها الأجنبية يجب أن تتمتع بهامش حرية تستطيع من خلاله ممارسة دورها الطبيعي.
* ما الشروط التي يجب توافرها كي يستطيع الصحافي العمل باحترافية عالية؟
- يجب أن يمتلك زمام اللغة التي يكتب بها، ويجب أن يمتلك المعلومة الصحيحة التي يبني عليها أخباره، وكذلك من المهم أن يعمل تحت ظل قانون صحافي واضح يحدد واجباته ومسؤولياته، كما هي الحال في كل دول العالم المتقدمة، هذه الأمور تساعد الصحافي على أن يمارس عمله بمهنية واحترافية عالية.
* نأمل أن تصف يوم عمل كاملا، منذ اللحظة الأولى وحتى الأخيرة، وأهم الاجتماعات، والمنحنيات التي يمر بها يومك؟
- يبدأ يومي قبل الساعة الثامنة صباحا بقهوة الصباح وقراءة الصحف وتصفح «تويتر» وبعض المواقع الإلكترونية.. في تمام التاسعة يجب أن أكون في قاعة التحرير لحضور الاجتماع الصباحي ووضع خطة العمل اليومية مع أقسام التحرير، وتحديد أهم الأحداث وأولوية التغطيات والمتابعات على الصعيدين المحلي والخارجي.. هذا الاجتماع لا يأخذ وقتا أكثر من نصف ساعة، بعد ذلك يبدأ العمل على الانتهاء من الأمور الإدارية وإنهاء بعض الإجراءات وتوقيع الرسائل والقرارات.. حتى منتصف النهار ألتقي المحررين واستقبل الضيوف الذين يزورون الجريدة أو أحضر اجتماعات خارج الجريدة.
الجزء الآخر من اليوم يبدأ الساعة السابعة مساء باجتماع التحرير المسائي مع رؤساء الأقسام من أجل الاتفاق على الأخبار المهمة والتي يجب أن تنشر على الصفحة الأولى.. ومن ثم مراجعة الصفحات ومتابعة سير تنفيذها، وغالبا ما تستمر هذه الحال حتى منتصف الليل وبعد أن ترسل الجريدة إلى المطبعة أكون قد عدت إلى المنزل، وطبعا إلى السرير مباشرة.. ليبدأ يوم جديد بالمهام نفسها، ولكن بتفاصيل أخرى وأخبار جديدة وأحداث متنوعة.
* ما الكتب التي تقرأها هذه الأيام، ومن الكاتب الأجنبي أو العربي الذي تقتني كل كتبه؟
- بين يدي «تشريح الثورة»، كتاب قديم ويستحق القراءة هذه الأيام، فقد كتبه المؤرخ والأكاديمي الأميركي كرين برينتن وصدرت طبعته الأولى عام 1938.. وهو يرى أن المجتمع في وقت ما قبل الثورة يجمع التوترات الاجتماعية والسياسية بسبب التدهور التدريجي لقيم المجتمع، ويرى أن الثورة هي عملية قلب السلطة، مما يؤدي إلى تولي المتطرفين السلطة، ثم تهدأ الأمور.. هذا الكتاب يجعلك تتساءل: هل هذا ما حدث وسيحدث في منطقتنا؟
* ما مطعمك المفضل في أبوظبي؟ وما أكلتك المفضلة؟
- دائما المأكولات البحرية اختياري الأول.
* ما نوع سيارتك؟ وهل اشتريت سيارة أحلامك؟
- تعجبني «رانج روفر» كثيرا وهي سيارتي التي أستخدمها حاليا.
أرسل تعليقك