دمشق - جورج الشامي
خلال ترويجه للانتخابات الرئاسية التي تزمع حكومة دمشق تنظيمها قريباً، وَقع التلفزيون السوري في شر أعماله، ليعترف من دون قصد بسلمية الثورة السورية في بداياتها، نافياً الروايات التي أطلقها في عام 2011 عن المؤامرة الكونية التي بدأت مع أول شراراة للاحتجاجات في آذار من ذلك العام.
فمع ترشيح عضو مجلس الشعب ماهر عبد الحفيط حجار نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية، استعرض التلفزيون السوري تاريخ حجار ليتطرّق لمشاركته في الحراك الشعبي "كما سماه التلفزيون"، الذي أضاف أن المرشح الجديد شارك في الحراك السلمي في بداية الأزمة، وجاء تعريف الـ"حجار" المرشح الأول لمنصب رئاسة الجمهورية ماهر عبد الحفيظ حجار شارك في الحراك الشعبي السلمي في بداية الأزمة بالتوازي مع نشاطه في عقد مؤتمرات حوارية ضمت نخباً من وجوه محافظة حلب سبقت اللقاء التشاوري الحواري.
استخدام التلفزيون السوري تعبير "الحراك الشعبي السلمي" أربك العديد من مؤيدي حكومة دمشق، فرغم أن المؤسسة الإعلامية وضعت على ما يبدو هذه العبارة "دون قصد" ولكنها نفت رواياتها المتواصلة عن مجسمات في قطر يتم تصوير المظاهرات فيها وحبوب هلوسة الجزيرة، وخطة بندر بن سلطان الذي كان يوزع الأموال "الملفوفة بالطعام" للمشاركة في المظاهرات، ونسفت كل ما بنا عليه نظام دمشق حربه المفترض ضد الإرهاب، وأبطلت نظرية المؤامرة الكونية، وهو الأمر الذي وضع مؤيدي الحكومة في حيرة من أمرهم، وأفسح المجال لمعارضيه لإدانته مرة أخرى من تصريحات مؤسسته.
فكعادتها المؤسسة الإعلامية الرسمية السورية تستمر في تخبطها، وتطلق حبكات ونهفات متواصلة، تثير السخرية والتندر، ولكن يبقى تأكيد الإعلام السوري في بداية الأزمة أن أهالي حي الميدان الدمشقي خرجوا "في 2011" لشكر الله على نعمة المطر وليس للتظاهر كما يقول الإعلام المغرض، يحتل موقع الصدارة في أكثر الحبكات والنهفات تداولاً.
واستخدم لفظ "الحراك الشعبي السلمي" ليس الخطأ "غير المقصود" الأول للمنظومة الإعلامية السورية، ولن يكون الأخير، فمع كل حدث محلي أو عربي أو دولي "وفي هذه الحالة الحدث هو الانتخابات الرئاسية" يخرج إعلام الحكومة بتقليعة جديدة ونهفة كوميدية جديدة تضعه في دائرة التندر السوري والعربي.
ورغم كل ذلك ولكن يمكن ببساطة للمؤسسة الإعلامية الرسمية أن تتنصل من هذه الخطأ "غير المقصود" إن أرادت ذلك، فيمكنها أن تقول أن الأزمة التي قصدتها ليست الأزمة الحالية التي يمر فيها البلاد، أو الحراك الشعبي كان في أي دولة عربية أخرى، أو حتى أن مشاركته كانت في بلاد المهجر، أو ربما أنه كان في قطر مشاركاً في بناء المجسمات، أو في السعودية يخطط مع بندر.
فالمؤسسة الإعلامية السورية الرسمية لا يوجد لديها شيء غير ممكن، ودائما ما تختلق الأحداث وتحور الحقائق وتزوّر المفاهيم لخدمة مصالح الحكومة، ويمكنها ببساطة أن تحول "حجار" لأحد سكان المريخ.
ولكن في هذه الحالة يبدو أن الأمر لا يعنيها ولن تخرج للمريخ هذه المرة، لتضع اللوم على الكائنات الفضائية.
أرسل تعليقك