حصل الباحث فيصل بن عبد الله النهدي على درجة الماجستير في إدارة المخاطر من جامعة جلاسجو كالدونيان بالمملكة المتحدة، عن دراسته البحثية بعنوان "تقييم مخاطر العملات الرقمية.. حالة من سلطنة عُمان".
وقل النهدي إن ثمة أسباب أدت إلى اختياره للقيام برسالته البحثية في هذا المجال؛ ومنها الدور المتوقع للعملات الرقمية وتقنية البلوك تشين في تسهيل التحول الرقمي وتطبيق مفهوم "إنترنت الأشياء" الذي تسعى الكثير من المؤسسات المالية إلى تحقيقه منذ عدة سنوات؛ حيث تشير الإحصائيات إلى أن المدفوعات الإلكترونية في بعض الدول الاقتصادية الكبرى يشكل 50% من إجمالي المدفوعات المالية التي تتم خلال السنة الواحدة. وأشار النهدي إلى وجود مؤشرات على اهتمام السلطنة بتقنية البلوك تشين وتطبيقاتها؛ ومنها قرار إنشاء شركة البلوك تشين للحلول والخدمات والذي تم الإعلان عنه في نهاية العام 2017؛ لتكون إحدى مؤسسات الدولة التي ستساهم في توفير البنى الأساسية لتبني هذه التقنية وأحد أدوات تعزيز الاقتصاد الرقمي المستقبلي. وتابع الباحث قوله إن إصدار السلطنة لقانون المدفوعات الوطنية بالمرسوم السلطاني رقم (8/ 2018) والذي أعطى الصلاحية للبنك المركزي العماني لسن التشريعات ومنح التراخيص لإدارة "النقود الإلكترونية" له دلالات على اهتمام القيادة الحكيمة لهذا البلد لمواكبة التطور الذي يحصل في أنظمة المدفوعات المالية. وأشار الباحث إلى أن رسالته البحثية تطرقت إلى بعض المخاطر التي تحيط باستخدام العملات الرقمية في حالة تبني السلطنة والسماح باستخدامها وهي مخاطر الاختراق الالكتروني ومخاطر الجرائم المالية ومخاطر قابلية توسع الشبكة ومخاطر التدقيق.
أوصت دراسة الماجستير بإنشاء وحدة جديدة بمسمى "هيئة الأصول الرقمية" لكي تقوم ببحث آليات تعزيز وتطوير وإدارة استخدام العملات الرقمية وتقنية البلوك تشين ووضع الخطط لتطبيقها وكذلك رسم سياسات إدارة الأصول الرقمية بالشكل الذي يتوافق مع السياسات المالية والنقدية للدولة والتغيرات التي قد تطرأ عليها بالتنسيق مع البنك المركزي وجهاز الاستثمار العماني وشركة البلوك تشين للحلول والخدمات.
وأوصت الدراسة كذلك بأن يتم تعيين المختصين وتأهيل الكوادر العمانية والتي بدورها ستقوم بتحديث الأنظمة المستخدمة في إجراء المدفوعات المالية بواسطة العملات الرقمية للتصدي لأي محاولات لاختراق هذه الأنظمة. حيث أن مخاطر الاختراق الالكتروني لا يمكن انهائها ولكن يمكن معالجتها والتصدي لها من خلال تدابير تقنية للتخفيف من حدة آثارها وهذا ما هو معمول به حاليا بأنظمة المؤسسات المالية الحالية كالبنوك.
وأضاف الباحث أن أحد المخاطر التي تؤرق المعنيين بمحاربة الجرائم المالية هو إمكانية استخدام البعض لهذه العملات الرقمية لارتكاب بعض الجرائم المالية كغسيل الأموال وتمويل الإرهاب دون القدرة على تتبعهم حيث أن هذه العملات الرقمية قائمة على تقنية البلوك تشين التي لا تُظهر أسماء أصحاب العمليات التي تتم على شبكتها. إلا أن الدراسة أشارت الى إمكانية تتبع العمليات المالية التي تتم بواسطة العملات الرقمية من خلال قيام الدولة بالسماح بإنشاء تطبيقات المنصات والمحافظ الرقمية والتي يتم من خلالها السماح لمستخدميها بتداول وتخزين العملات الرقمية.
وبعد انشاء هذه التطبيقات يتم استخدام أدوات (Know Your Customer) و(Anti-Money Laundering) المستخدمة بالأنظمة البنكية الحالية في منصات التداول والمحافظ الرقمية لربط هوية المستخدمين بحساباتهم بهذه المنصات والمفاتيح الخاصة والعامة لمحافظهم الرقمية. ومن خلال إلزام مديري المنصات والمحافظ الرقمية بإبلاغ الجهة المعنية عن أي عمليات تتجاوز حد معين يتم تحديده يمكن تتبع الحسابات والمفاتيح الخاصة والعامة للمحافظ الرقمية وربطها بهوية الشخص الذي قام بالعملية من خلال البيانات الموجودة لدى "هيئة الأصول الرقمية" وبالتالي ستتمكن الجهة المعنية من إدارة خطر القيام بالجرائم المالية المحتمل حدوثها بواسطة العملات الرقمية.
وأشار الباحث إلى أن أحد التحديات التي تواجه التطبيقات القائمة على تقنية البلوك تشين (العملات الرقمية) يتمثل في قابلية توسع الشبكة في حالة أن التحول تم بشكل كامل. لذلك هناك سباق عالمي لإيجاد حلول تقنية يمكن من خلالها معالجة هذا التحدي. وأوصت الدراسة بضرورة قيام الجهات المعنية بدعم الكوادر الوطنية المتخصصة في البرمجة الالكترونية وتشكيل فرق وطنية مدعمة بخبرات دولية لمحاولة تعزيز الابتكار باستخدام هذه التقنية وإيجاد حلول تقنية لمثل هذه التحديات والتي ستكون ان تحققت رافد مالي محتمل للدولة إذا ما اثبتت فاعليتها من خلال بيعها للمؤسسات المستخدمة لهذه التطبيقات داخل الدولة وخارجها.
ومن أوجه استخدام هذه الثورة التقنية من اجل تنويع مصادر الدخل هو فرض رسوم على التراخيص وتحصيل رسوم سنوية من منصات التداول والمحافظ الرقمية التي يُسمح لها بمزاولة نشاطها داخل السلطنة. وأضافت الدراسة أن توفير بيئة جاذبة من خلال وضع قوانين مُحفزة للشركات المحلية والاجنبية المستثمرة في هذه التقنية من شأنه أن يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع الشركات الوطنية للاستثمار في هذه التقنية والذي سيساهم في تعزيز الابتكار والاقتصاد بالسلطنة.
وأوصت الدراسة بضرورة قيام المعنيين بالتدقيق كجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بتطوير مستوى المعرفة لديهم حول تقنية البلوك تشين والتطبيقات القائمة عليها كالعملات الرقمية لكي يتمكنوا من مواكبة أي تغيير محتمل في نظام المدفوعات الحالي وترقيته لاستخدام تقنية البلوك تشين والعملات الرقمية بحيث يكونوا قادرين على أداء عملهم بكفاءة وفاعلية عند حدوث هذا التغيير.
وأشار الباحث إلى ضرورة اطلاع جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة على توجهات المؤسسات الحكومية المعنية بهذا الأمر، كالبنك المركزي وجهاز الاستثمار العماني وشركة بلوكتشين للحلول والخدمات من خلال عقد لقاءات معهم لكي يتسنى للجهاز اكتشاف ما يحتاجه من آليات وسبل لتطوير العمل الرقابي وكذلك معرفة إمكانية استخدام هذه التقنية في العمل الرقابي ودراسة مدى إمكانية تطبيقها. الجدير بالذكر أن هناك بعض الأجهزة الرقابية في بعض الدول قامت بإنشاء فرق خاصة لدراسة هذه التقنية وإمكانية تأثيرها على العمل الرقابي كمكتب المراجع الأمريكي.
وأكد الباحث أن المسؤولين بالجهات المعنية بهذا الأمر يجب أن يأخذوا في الحسبان جميع المخاطر المصاحبة لاستخدام العملات الرقمية بدون تعطيل عملية التطور واستخدام هذه التقنية. وأضاف بأن المخاطر المصاحبة للعملات الرقمية لا تختلف كثيرا عن المخاطر الحالية التي تواجه البنوك وقطاع الخدمات المالية وعليه يمكن لأصحاب القرار استثمار هذه الثورة التقنية واستخدامها مع عدم إغفال وضع ضوابط رقابية فعالة كما هو الحال بالأنظمة المالية الحالية في البنوك وغيرها من المؤسسات المالية.
وقد يهمك أيضًا:
زهوة ياسر عرفات تنال درجة الماجستير في العلوم السياسية
قرار السماح للجامعات الخاصة في مصر بمنح درجتى الماجستير والدكتوراه يثير موجة غضب
أرسل تعليقك