استيقظت رؤى مبكرًا، استعدت ليوم عمل جديد، لكن بداية يومها لم تشبه الأيام السابقة، فاليوم تقود رؤى الطويلي السيارة باتجاه عملها في مستشفى في شرق مدينة جدة. جلست خلف المقود وربطت حزام الأمان استعدادًا للانطلاق.
ووفقًا لـ"بي بي سي"، تقول رؤى "ما زلت لا أصدق أني أقود السيارة في جدة. أنا متحمسة جدًا لأني ذاهبة إلى العمل في مقعد السائق وليس في المقعد الخلفي للمرة الأولى"، حيث بقيت مستيقظة لساعات الصباح الأولى تشاهد مقاطع مرئية وصورًا للسائقات اللاتي قدن سياراتهن في تمام منتصف ليلة السبت وهي تترقب لحظة قيادتها للسيارة بعد بضع ساعات من ذلك الحين، وتتساءل كيف ستكون التجربة التي تنتظرها.
الأحد الموافق 24 يونيو/حزيران هو اليوم الأول للعمل بعد انتهاء عطلة عيد الفطر الرسمية. وتزامُن هذا اليوم مع اليوم الذي رفع فيه حظر القيادة على المرأة، وعطلة الصيف للمدارس والجامعات، وكان إيجابيًا إذ أتاح مساحة أكبر وأهدأ لانخراط السائقات في القيادة في السعودية.
وتضيف رؤى "يعد هذا توقيتًا رائعًا للنساء اللواتي يشعرن بالقلق من القيادة في الطرق الرئيسية في الأيام الأولى بعد تطبيق قرار السماح بقيادة المرأة. وسيوفر ذلك لهن الفرصة للممارسة وبناء الثقة وتنمية مهارات القيادة لديهن".
وشجعت عائلة الطويلي رؤى وأختها للحصول على الرخصة السعودية والقيادة في الأيام الأولى. ورافقها والدها إلى السيارة ليتأكد من أن كل شيء على ما يرام وليعبر لها عن دعمه المعنوي متمنيا لها التوفيق في رحلتها الأولى إلى العمل في مقعد السائق.
وتعلمت رؤى القيادة في البحرين حيث أقامت فيها لمدة عام من أجل الدراسة، وحصلت على رخصة قيادة بحرينية منذ عام 2005. ولديها أيضًا رخصة دولية للقيادة في رحلاتها وأسفارها. فقد قادت في دبي والبرتغال والولايات المتحدة. وللحصول على الرخصة السعودية، عادلت رؤى، كغيرها من حاملات الرخص الأجنبية، رخصتها البحرينية بعد اجتياز اختبار للقيادة. وهو الإجراء الذي وصفته بأنه "سهل للغاية".
وتابعت رؤى "في البداية لم أتمكن من العثور على موعد لاختبار القيادة قبل شهر يوليو/تموز حيث كان الإقبال على معادلة الرخص الأجنبية شديدا. لكن لحسن الحظ تمكنا أنا وأختي من تقديم الموعد وحصلنا على الرخصة. وها أنا أقود سيارتي في اليوم الأول!"
وتعمل رؤى الطويلي، وهي في منتصف الثلاثينيات، كقابلة في مستشفى بجدة وحصلت على درجة الدكتوراه في القبالة من بريطانيا. وتقول إن التمكن من القيادة مهم جدا في مهنتها إذ إنه قد يسعف النساء اللاتي في حالة الولادة الطارئة، وتقول "في أوروبا والبلدان المتقدمة، من المهم جدًا أن تكون القابلة قادرة على قيادة المركبات في حالات الطوارئ أثناء الولادة في المنزل. إذ بإمكانها قيادة الأم إلى المستشفى بدلًا من انتظار سيارة الإسعاف. عندما يُسمح بالولادة المنزلية في السعودية، وآمل أن يتحقق ذلك قريبًا، ستمنح القيادة الأمهات خيار الولادة في المنزل بمساعدة قابلة في بيئة آمنة".
وأوضحت رؤى، أن قيادة السيارة ستساعد ممارسات الرعاية الصحية والطبيبات اللاتي يعملن في نوبات ليلية متأخرة على القيادة إلى المستشفيات بأمان بدلًا من أخذ سيارة أجرة في وقت متأخر، وترى أن الطرق في السعودية تحتاج إلى الاستعداد بشكل أفضل لقيادة النساء، وأن قوانين القيادة وحقوق السائقات والسائقين، وكذلك المشاة، بحاجة إلى أن تكون أكثر وضوحًا وصرامة.
وتبين رؤى "آمل أن تشهد الطرق تحسنا للسماح بقيادة أكثر سلاسة، إذ إن بعض الطرق في جدة عثرة للغاية. وسيكون هناك المزيد من السائقين على الطريق الآن مع انضمام السائقات من النساء. بعض الطرق يفتقر إلى علامات وتوجيهات، لكن سنرى كيف ستسير الأمور في الأيام القليلة المقبلة".
وتقترب رؤى من المستشفى الذي تقع في شرق مدينة جدة. وتدخل البوابة الرئيسية متوجهة إلى مواقف السيارات لتصف السيارة لأول مرة. وتقول إن التجربة كانت ممتعة للغاية في اليوم الأول. وكانت الطرق هادئة وسهلة للقيادة، وتضيف "أشعر وكأني أقود هنا (في مدينة جدة) منذ فترة طويلة. لم يزعجني أحد أو يحدق بي أحد استغرابًا وأنا في طريقي إلى العمل. ها أنا قد وصلت للتو بأمن وسلام. اليوم لا يشبه أي يوم. إنه يوم تاريخي. أتمنى أن نحتفل بمزيد من الأيام التاريخية في المستقبل".
أرسل تعليقك