أكدت قرينة حاكم الشارقة رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، ضرورة تضافر جهود الأطباء والعلماء على مستوى العالم، لتحديد أسباب إصابة ملايين الأطفال بالتوحد، والعمل على التوصل إلى علاج طبي ناجح لهذا الاضطراب النمائي الذي يعيق جيل المستقبل عن التواصل الاجتماعي، والتفاعل مع البيئة المحيطة بهم، ويسبب معاناة كبيرة لهم ولأسرهم.
وأوضحت القاسمي، أهمية التعاون الدولي، من خلال المؤسسات الحكومية والخاصة، لتمويل الأبحاث العلمية والطبية المتعلقة بالتوحد، للحد من انتشاره ووقف الارتفاع المتواصل في فرص الإصابة به، التي أصبحت تزيد في معظم الدول عن حالة واحدة لكل 100 مولود، مضيفة أنّ زيادة الدعم المالي المقدم للأبحاث سيمكن العلماء من حصر الأسباب، أو على الأقل توقعها بشكل أكثر دقة، ما سيعيد هؤلاء الأطفال الأبرياء إلى حياتهم الطبيعية ويبث السعادة في نفوسهم وفي نفوس أقربائهم وأصدقائهم.
وأبرزت أنّ "كل طفل يعاني في أي مكان من العالم يسبب ألمًا للإنسانية جمعاء، ويزداد شعورنا بهذا الألم، جسديًا كان أو نفسيًا، عندما يعجز الطب عن الوصول إلى علاج سريع يزيل هذه المعاناة التي تنعكس على الصحة النفسية للأطفال، وتمنعهم من الحصول على التعليم، والاستمتاع باللعب مع أقرانهم، نتيجة تأثر قدراتهم الذهنية والجسدية، لذلك تزداد أهمية مؤسسات الرعاية الصحية التي تلعب دورًا رئيسًا في دعم الجانب النفسي لدى هؤلاء الأطفال، وتأهليهم للاستفادة من مواهبهم وإبداعاتهم وبث الأمل في نفوسهم".
جاء ذلك خلال زيارتها إلى مركز "الرعاية النهارية للتوحد" في مستشفى العباسية للصحة النفسية في العاصمة المصرية القاهرة، وكان في استقبالها لدى وصولها إلى المستشفى وزير الصحة في جمهورية مصر العربية الدكتور عادل عدوي، والأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية في مصر الدكتور هشام رامي، ومدير عام المستشفى الدكتور رضا الغمراوي، و أستاذ الطب النفسي في جامعة "القاهرة" الدكتور مصطفى شاهين، وعدد من المسؤولين والأطباء في المستشفى.
ويرجع تاريخ افتتاح المركز إلى نيسان/ابريل من عام 2013، ويعتبر أول مركز حكومي على مستوى جمهورية مصر العربية يقدم خدمة متكاملة يومية للأطفال المصابين بالتوحد، ممن تقل أعمارهم عن خمسة أعوام، ويقدم للمراجعين خدمات التقييم السريري، والاختبارات النفسية، والعلاج الدوائي، إلى جانب التأهيل والتدريب من خلال الجلسات الفردية والعلاج الجماعي على يد نخبة من الأطباء والأخصائيين في هذا المجال، وتمكن المركز على مدى العامين الماضيين من تأهيل 75 طفلًا للاندماج في المجتمع بشكل طبيعي.
وعقدت القاسمي والوفد المرافق لها في مستهل الزيارة اجتماعًا مع وزير الصحة والمسؤولين، استعرضوا خلاله ما ينفذه مستشفى العباسية من جهود في مجال الطب النفسي وتحديدًا فيما يتعلّق بالأطفال، وجرى أيضًا استعراض تأسيس المركز "الرعاية النهارية للتوحد" المعروف أيضًا بـ"بيت الشمس"، والخدمات التي يقدمها، والنتائج التي حققها.
كما تناول الاجتماع المشروع الجديد الذي يسعى المستشفى إلى تنفيذه، والمتمثل في "المركز القومي لطب نفس الأطفال والمراهقين والتوحد"، والذي سيكون الأول من نوعه في المنطقة، حيث تم الانتهاء من مرحلة الدراسات والتصاميم، ويتم الآن البحث عن تمويل لتنفيذ المشروع الذي سيخدم شريحة كبيرة من الأطفال والشباب المصابين بالتوحد في مصر والمنطقة.
وأشادت بما ينفذه المستشفى من جهود كبيرة لعلاج وتأهيل الأطفال والمراهقين من آثار الأمراض النفسية، وشددت على أنّ ما استمتعت إليه ولاحظته من صدق في العمل والتعامل مع المرضى والنتائج الجيدة التي يخرج بها المستشفى، ما دفعها إلى الاطلاع على ما يجريه، والوقوف عند حاجاته لتطوير أدائه وخدمة شريحة أكبر من الأطفال المصابين بالأمراض النفسية وتحديدًا التوحد، مؤكدةً أنّ مكانة مصر وحبها لمصر وشعب مصر يدفعها إلى المساهمة في أي مشروع إنساني يخدم أهل مصر والمنطقة.
وذكرت أنّ "هؤلاء الأطفال الذين ترعاهم جزء من مستقبل مصر والأمة العربية والإسلامية ويجب الحفاظ عليهم، وتوفير الدعم والرعاية الصحية والنفسية اللازمة لهم، وستكون إمارة الشارقة ودولة الإمارات وأنا شخصيًا من أوائل المساهمين في خطة تطوير مركز الرعاية النهارية للتوحد وأيضًا المركز القومي لطب نفس الأطفال والمراهقين والتوحد، من أجل صحة وسلامة أطفال وشباب مصر والمنطقة الذين سيستفيدون من خدمات هذين المركزين".
وثمن وزير الصحة الجهود الكبيرة التي تنفذها القاسمي تجاه الأطفال المرضى حول العالم، وأكد أن اختيارها لزيارة مستشفى العباسية، وتحديدًا مركز التوحد، ينم عن حس إنساني عالٍ ورفيع ورؤية نحو جيل سليم لمستقبل الأمة، وأشاد باهتمام ودعم عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بمصر والمصريين.
وركز على أنّه طالما كان هناك قادة من أمثال حاكم الشارقة وقرينة سموه، فإن شعب مصر والشعوب العربية تستبشر خيرًا بمستقبل أفضل، وأردف أنّ الوطن العربي بحاجة إلى استراتيجية عمل موحدة خصوصًا بالأمراض النفسية للأطفال والمراهقين تحديدًا لتأمين الكشف المبكر عنها وعلاجها بالشكل السليم وتداركها قبل تفاقمها.
وبعد الاجتماع، تفقدت القاسمي مركز الرعاية النهارية للتوحد "بيت الشمس" الذي يضم ثلاثة فصول، ويعمل حوالي ١٥ ساعة أسبوعيًا، تحت إشراف أطباء وأخصائيين نفسيين ومدربين على البرنامج اللفظي السلوكي "في بي"، لتقديم الدعم والرعاية للأطفال المصابين بالتوحد، الذي يتكون من أربعة أجزاء: اختبار تقييم مستوى الطفل، واختبار معوقات التعلّم، واختبار تقييم التنقل بين بيئات التعلّم، وخطة الأهداف الشخصية.
واستمعت إلى عدد من الأخصائيين الذين أكدوا أن المركز يحرص على توعية الأسر بالتوحد وأعراضه وكل ما يتعلّق به من معلومات، وذلك بهدف الاكتشاف والتدخل المبكر لعلاج الحالات وتحقيق نتائج إيجابية، بما يضمن للطفل تقدمًا ملائمًا في عملية العلاج يسمح له فيما بعد بالالتحاق بمدارس الدمج، أو تنمية مهارات المساعدة الذاتية والتعامل مع أقرانه على أقل تقدير.
وتفقدت أحوال الأطفال المرضى واطلعت على الخدمات التي تقدم داخل المركز، كما وقفت على حجم الحاجات المطلوبة من معدات طبية وأجهزة تأهيل ولوازم تعليمية لمواصلة رعاية الأطفال المصابين بالتوحد.
ورافقها خلال الزيارة كل من: مدير عام المكتب التنفيذي للشيخة جواهر القاسمي نورة النومان، ورئيس مجلس الأمناء والعضو المؤسس لجمعية "أصدقاء مرضى السرطان"، أميرة بن كرم، والمستشار الإداري في المكتب التنفيذي لها إرم مظهر علوي، والوفد المرافق لسموها.
أرسل تعليقك