مع استمرار تفشي كورونا كوفيد -19 في السلطنة وكذلك على المستوى العالمي وما رافقه من تبعات صحية واجتماعية واقتصادية ونفسية بدأت تتفاقم وتُثقل كاهل المجتمعات ، وعلى الرغم من وجود اللقاح إلا أن نهاية هذا الفيروس لم تتضح بعد ولا توجد أدلة كافية ما إذا كانت عملية القضاء عليه ستكون نهائية أم سنضطر إلى أن نتعايش مع المرض الذي جاء ليثبت أركانه ويبقى فترة طويلة .
في الحديث التالي تتناول الدكتورة زيانة بنت خلفان الحبسية طبيب اختصاصي صحة عامة أمراض معدية بالمديرية العامة لمراقبة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة تأثير الوصم الاجتماعي لمرضى كوفيد وأهمية أخذ اللقاح للتخفيف من وطأة المرض ولما أوضحته الدراسات والأبحاث حول أهمية اللقاحات بشكل عام ..
ـ بداية هل لكثرة المعلومات المتداخلة حول كوفيد 19 تأثير على المرضى لدرجة شعورهم بالوصم الاجتماعي ؟
ـ نعم ففي ظل التفشي الواسع للفيروس صاحب ذلك انتشار الكثير من المعلومات المغلوطة بشأنه والتي أدت إلى ظهور بعض المفاهيم وشيوع ظواهر مرتبطة بالمرض ومنها الوصم الإجتماعي، حيث يُعرّف الوصم الاجتماعي في الصحة على أنه السلوك الذي يُصيب الشخص المصاب أو مجموعة من الأفراد المصابين ويتم بموجبه معاملتهم بأسلوب "التمييز" إذ تتم معاملتهم بشكل مختلف عن التعامل مع الآخرين فقط بسبب وجود صلة بينهم وبين المرض ، هذا إلى جانب، تسليط الضوء عليهم بشكل سلبي وهذا ما قد يؤدي إلى تولد أفكار من شأنها أن تكون ضارة بالفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.
ـ هل هناك دراسات أوضحت أسباب هذا الوصم الإجتماعي ؟
ـ ان فيروس كوفيد-19 هو مرض جديد والكثير من المعلومات غير كافية عنه حتى الآن، وعوامل نشأة الفيروس ارتبطت بعدة نظريات سياسية وحروب بيولوجية مثل نظرية المؤامرة ، وكان لزاماً على الدول أن تعزل نفسها عن بقية الدول الأخرى وتغلق أبوابها وحدودها البرية والبحرية والجوية، لاحتواء هذه الجائحة ، هذا إلى جانب تصريحات منظمة الصحة العالمية عن صعوبة العثور على دواء يشفي المريض من هذا الفيروس، جميع هذه المعطيات تجعل العالم اليوم يعيش في حالة قلق وخوف من فيروس كوفيد- 19.
وارتبطت ظاهرة الوصم الاجتماعي بكثير من الآثار التي فاقمت بدورها من الأضرار المباشرة على صحة المريض الشخصية وجاوزتها إلى الإضرار بالمجتمع، وهناك بعض الآثار التي تحدثت عنها كثير من المراجع منها: عدم رغبة المريض في الذهاب للمعاينة الصحية حتى في حالة اشتداد الأعراض عليه، وعدم الرغبة في الإفصاح عن الإصابة خوفاً من معرفة المخالطين له بإصابته، وأيضا الشعور بفقدان الحرية والرغبة في الهروب من العزل الصحي إذا تم تطبيقه عليه، وهذا الأمر يترتب عليه مخالطة المُصاب لأعداد كبيرة وبالتالي زيادة انتشار المرض بشكل واسع، ولعل أخطر هذه الأضرار تفضيل المصاب الوفاة في المنزل على معرفة الناس إنه مُصاب بفيروس كوفيد-19 ، ويُعد هذا الأثر من الآثار الخطيرة التي تم ملاحظتها مؤخراً في المجتمعات مع تزايد انتشار الفيروس .
ـ ما الذي يتعين على المريض فعله لذلك لحماية نفسه من هذا الشعور ؟
ـ من الضروري الحفاظ على الصحة النفسية وجعلها من الأولويات التي ينبغي التركيز عليها في حال تفشي الأمراض المعدية، والعمل على تفادي وعلاج التبعات النفسية والسيكولوجية التي قد تطرأ على المجتمعات جراء تفشي الأوبئة كذلك دعم وجود قنوات مساعدة للأفراد كالخطوط الساخنة وجمعيات الدعم المختصة والمواقع الإعلامية الموثوق بها كما يجب علينا نحن كأفراد أن نلعب دوراً بارزاً في منع التمييز من خلال استمرار تعاملنا مع المصابين وأن نَبعد كل البعد عن الوصم لما له من تبعات وآثار متعددة الجوانب ، وأيضاً ضرورة استقاء المعلومة من مصادرها الموثوقة بعيداً عن الشائعات التي تؤثر سلباً على الأفراد والمجتمعات .
تأثيرات اللقاح !
ـ باعتبارك متخصصة في الأمراض المعدية ما هو تأثير اللقاح في التخفيف من آثار الجائحة ؟
ـ كما نعلم بدأت وتيرة مبادرة صنع اللقاح بين المنظمات والمعاهد والأبحاث منذ أن بدأت الجائحة بالإنتشار حيث شاركت كل من الحكومات والمجتمعات المدنية والجمعيات الخيرية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية من أجل القضاء على هذا الفيروس الذي مازال إلى يومنا هذا يشكل العبء على كاهل المجتمعات ، وقد توحدت المنظمات في دعم وتطوير الأبحاث والاختبارات المعنية بأهمية وجود لقاح وقد لاحظنا وجود نجاحات للقاحات في القضاء على الأوبئة .
كما أجرت وكالة الدواء والغذاء الأوروبية تقييماً شاملاً للبيانات ومايتعلق بجودتها ومأمونية اللقاح حتى تم ترخيصه للاستخدام الطارئ في مختلف بلدان الأتحاد الأوروبي وكافة الدراسات والأبحاث بعد أخذ اللقاح جاءت مبشرة ، كما أظهرت النتائج وصول بعض الدول كبريطانيا الى صفر من الوفيات بعد أن تم تطعيم مايقارب 60% من السكان على الأقل بجرعة واحدة ، وهذا بحد ذاته يطمئن المجتمعات على نهاية هذا الجائحة التي باتت وشيكة في حال تم توزيع اللقاح لأعداد أكبر في دول العالم.
جهود وطنية !
حدثينا عن جهود السلطنة في توفير اللقاح وتوسيع الفئات المستحقة له ؟
كما هو معلوم تسارع كافة الدول بالتعاقد مع الشركات المصنعة للقاح للبدء في التعطيم حيث أصبح هذا الأمر من الأولويات والحتميات التي من أجلها تستعيد هذه الدول نشاطاتها الاجتماعية والاقتصادية وجاء دور وزارة الصحة متريثاً لإعطاء الدراسات والأبحاث مزيداً من الوقت لتظهر نتائجها على أرض الواقع.
ويقع علينا دور كبير كأفراد في المجتمع بالتعاون مع وزارة الصحة في التشجيع والحث على أخذ اللقاح ودحر الشائعات التي تعيق الأهداف المرجوة. وعلينا كأفراد أن نثقف أنفسنا من خلال متابعة نشرات وزارة الصحة التي بدورها تسعى لنشر التثقيف في المجتمع من خلال المنشورات اليومية فلا وقت للهدر والتأخر عن أخذ اللقاح في ظل تأثر الاقتصاد على الصعيد المحلي والدولي.
قد يهمك ايضاً
سفيرة المغرب في إسبانيا تعترض على تصريحات مدريد غير الملائمة والوقائع غير الصحيحة بشأن الصحراء
رئيس الحكومة الإسبانية يدعو المغرب إلى "احترام" الحدود المشتركة
أرسل تعليقك