واشنطن ـ يوسف مكي
زعم مقال في المجلة الإسلامية التي تعمل فيها هوما عابدين مساعد رئيس تحرير أن بيل كلينتون قصف صدام حسين لصرف الانتباه عن علاقته بمونيكا لوينسكي، وجاءت المزاعم في مقال عن شؤون الأقليات في المجلة التي كانت هوما عابدين ضمن هيئة التحرير التي تقرر ما ينشر في المجلة الأكاديمية، وسقطت القنبلة في أرشيف المجلة التي ترأس تحريرها والدة عابدين صالحة محمود عابدين الأكاديمية في المملكة العربية السعودية، وكانت هوما عابدين وهي غير أكاديمية أقرب مساعدة لهيلاري كلينتون منذ أن قضت وقت كمتدربة في البيت الأبيض في وقت كشف فضيحة مونيكا لوينسكي، إلا أن الرواية التي نشرتها المجلة من غير المرجح أن تتبناها المرشحة الرئاسية كلينتون وخاصة بالنسبة لبيل كلينتون، ونشر مقال عام 2002 بعنوان (اختلاف العرب المسلمين: دور البناء العرقي في حرب الخليج وأزمة العراق المستمرة)، وكان المقال بواسطة سينا علي مسقطي طالب القانون في السنة الثانية في جامعة أتاوا.
وكتب مسقطي عن حرب 1991 وتداعيتها التي شهدت بقاء صدام حسين في السلطة في فترة التسعينات على الرغم من تعرضه للقصف مرتين في 1996 وديسمبر/ كانون الأول 1998، وذكر مسقطي في مقاله " الأزمة مع العراق أفادت كلينتون حيث كانت بمثابة رادع عن الاهتمام بالأزمات الشخصية مثل فضيحة التمويل والفشل التشريعي وقضية مونيكا لوينسكي، حيث قُصفت العراق باسم الإنسانية واستطاع كلينتون الظهور بمظهر رئاسي قوي"، وتمت السخرية على نطاق واسع من ضرب كلينتون للعراق عام 1998 بوصفها "حرب مونيكا"، حيث أمر كلينتون بأربع ايام من الضربات بواسطة القاذفات والصواريخ في ذروة محاكمته للإقالة عقب اعترافه بأنه كان على علاقة غير ملائمة بمونيكا لوينسكي، وصدرت أوامر عملية "ثعلب الصحراء" بعد يوم من إصدار مجلس النواب تقرير يتهم فيه الرئيس بارتكاب جرائم وجنح كبيرة وانتهت الضربات مع صدور قرار عزله، بينما كانت الضربات السابقة عام 1996 والمعروفة بعملية ضربة الصحراء خلال فضيحة تمويل الحملات.
ودفع المقال باتهامات أخرى اشارت إلى أن حرب الخليج 1991 كانت مدفوعة برغبة في تحقيق أرباح ومكاسب سياسية مع حكومة الولايات المتحدة ووسائل الاعلام للتمويه على مقتل آلاف العراقيين الأبرياء الذين وصفوا بكونهم شياطين ودون مستوى البشر، وأوضح المقال أن الرئيس جورج بوش الأب الذي أمر بالغزو بواسطة التحالف بقيادة الولايات المتحدة قفز دعمه إلى 90% عقب الحرب، وفي الواقع تم التصويت لإبعاده عن منصبه بعد ولايته الأولى، وأفاد مقال 2002 أن مئات الآلاف من العراقيين الذين لقوا حتفهم مباشرة من الحرب والحرب الأهلية لاحقا سواء من أميركا أو بريطانيا أدى إلى فرض عقوبات الأمم المتحدة.
وتابع, " في أعقاب حرب الخليج تم حث المتمردين العراقيين علانية بواسطة بوش الأب لكنهم لم يتلقوا اي دعم أميركي ما أدى إلى مقتل وتشريد عشرات الآلاف من العراقيين بواسطة جيشهم في ظل تراجع القوات الأميركية، وأدت العقوبات اللاحقة إلى وفاة عراقيين أكثر بما في ذلك 600 ألف طفلا عراقيا"، وبين مقال المجلة أن العراقيين كان ينظر إليهم بنظرة عنصرية ووصفوا في وسائل الاعلام من قبل الحكومة الأميركية والجيش الأميركي بمصطلحات تنطوي على توصيفات " صراصير- همج" مع اعتبار المسلمين والعرب قوى شر ضد قوة الإنسانية الغربية، وشكك المقال في الدوافع الكامنة وراء حرب الخليج 1991 موضحا أن السبب الحقيقي هو حماية الوصول إلى النفط في الشرق الأوسط وليس من أجل تحرير الكويت كما زعمت الحكومة الأميركية.
وجاء في المقال " في الواقع يبدو أنه إذا لم تكن العراق دولة عربية مسلمة تحتل احتياطات نفطية ضخمة فإن حرب الخليج ستكون غير مقبولة، ويبدو أن صدام حسين قدم خدمة كبيرة للغرب، حيث أصبحت احتياطات النفط في الخليج تحت سيطرة غربية أكبر وتأكد مجد الجيش الأميركي أيضا وارتفعت مبيعات الأسلحة المربحة واصبح هناك شعبية للقادة الغربيين، وعلاوة على ذلك انخفضت التكاليف بشكل كبير على الشعب العراقي، الذين دفعوا الدم من الدم إلى حد كبير"، واتهمت المقال علنا المعايير المزدوجة للولايات المتحدة الأميركية عندما زعموا أن صدام حسين معتدي غاشم لغزو جيرنه في حين أن الولايات المتحدة نددت بغزو الأمم المتحدة لغرينادا وبنما فترة الثمانينات، واضاف المقال " حصد غزو بنما ما بين 1000 -4000 شخصا ما يجعله أكثر دموية من غزو العراق للكويت".
ودافع المقال عن قرار صدام حسين بالغزو موضحا " كانت السياسات الاقتصادية للكويت أكثر ضررا على العراق عن الوضع في بنما بالنسبة للولايات المتحدة"، وتساءل المقال لماذا تجاهلت الولايات المتحدة ما ادعت أنه صراع تاريخي بين العراق والكويت لخدمة أغراضها الخاصة ولماذا اتخذت أميركا جانب الكويت في المقام الأول، وتابع المقال " هدف مزعوم آخر للحرب هو الحفاظ على السلام والحرية في الكويت وهو هدف لا معنى له، فالكويت ديكتاتورية ولها سجل سيء في مجال حقوق الإنسان حيث ألغت البرلمان قبل وقت قصير من الغزو العراقي لتصبح ملكية مطلقة تاركة القليل من الحرية للدفاع هناك"، وأشار المقال إلى نفاق الولايات المتحدة وإسرائيل عندما ركزوا على صراع العربي الإسلامي في حين لم يفعلوا شيء لاستعادة الحقوق الفلسطينية التي طالب بها مجلس الأمن للأمم المتحدة، وانتقد المقال صحافيي الولايات المتحدة الذين يشيرون إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بالمتنازع عليها كما يفعل الدبلوماسيون الأميركيون.
ولفت المقال إلى أن الشعب الأميركي دعم الحرب مع العراق بسبب وسائل الاعلام التي أقنعتهم بأن صدام حسين يشكل تهديدا خطيرا، وكانت هوما عابدين وقت النشر أحد مساعدي كلينتون الذي كان حين ذلك سيناتور عن نيويورك، وفي تلك السنة صوتت كلينتون لصالح خلف زوجها جورج دبليو بوش لإعطائه سلطه إعلان الحرب على صدام حسين، وكانت كلينتون باستمرار مؤيدة لإسرائيل، وترتبط المجلة بشدة بعائلة عابدين، حيث ضمت هيئة التحرير والدة هوما كرئيس للتحرير وشقيقها حسن كمحرر مشارك وشقيقتها هبة كمحرر مساعد آخر، ولم تستجب حملة كلينتون لطلب التعليق على دور عابدين في المجلة أو ما إذا كانت تتقاضى أجرا على منصبها، وأدرج اسم هوما عابدين على ترويسة المجلة لأكثر من عقد من الزمن بعد أن انضمت لفريق كلينتون عام 1996 حيث ارتفعت من كونها متدربة داخلية في البيت الأبيض إلى أحد المقربين للمرشحة الرئاسية، ومن المرجح اختيارها على رأس إدارة كلينتون.
ونفت عابدين المتزوجة من عضو الكونغرس اليهودي أنتوني وينر عملها في مجلة شؤون الأقليات المسلمة، بينما ظهر اسمها لأول مرة في المجلة عام 1996 وأزيل عام 2008 في وقت عملها مع كلينتون في وزارة الخارجية، وذكر متحدث باسم كلينتون " ما أفهمه هو إدراج اسمها ببساطة في هذه الفترة لكنها لم تلعب دور تحرير في المجلة"، إلا أن هذه المزاعم تتناقض مع ظهورها في هيئة التحرير، ونادرا ما تصد عابدين نفسها بيانات علنية إلا أنها تحدثت في لقاء لها مع مجلة فوغ مع المحررة آنا وينتور المؤيدة لكلينتون للحديث عن دينها الإسلامي وطلاقتها في اللغة العربية.
ويبدو محتوى مجلة شؤون الأقليات المسلمة على خلاف مع مواقف كلينتون المعلنة بشأن الحركة النسوية ورهاب الجنسية المثلية والسياسة في الشرق الأوسط، وزعم مقال سابق في مجلة إسلامية أكاديمية أن هناك علاقات عميقة بين الطبقات العليا في السياسة الأميركية وتأييد إسرائيل واليهود الأميركيين، ما يوحي بأن الشعب اليهودي حظى بمساعدة بسبب تذكر الأميركيين لمحرقة الهولوكوست كما تعد إسرائيل حليف أميركا في الشرق الأوسط، وفي أعقاب هجمات 11/9 كتبت والدة عابدين التي اتهمت بتبني وجهات نظر جماعة الإخوان المسلمين مقال افتتاحي أشار إلى أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن هجوم تنظيم القاعدة.
أرسل تعليقك