الرياض ـ وكالات
قد تتخذ السعودية في العام المقبل خطوة تحجم عنها منذ عقود وهي رفع سعر الغاز الطبيعي الأدنى في العالم حاليا لخفض الدعم المكلف وتقليل الطاقة المهدرة.
وسيكون رفع السعر تحولا اقتصاديا مهما للمملكة لكنه سيكون تحولاصعبا لأنه قد يضر بالقدرة التنافسية لصناعات مثل البتروكيماويات. وازدهرت الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في السعودية خلال العقد الماضي بفضل وجود الغاز الرخيص الذي يباع للقطاع الصناعي المحلي بسعر 0,75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وهو ثمن زهيد جدا مقارنة بما يدفعه المنافسون في أنحاء العالم.
وتم تحديد سعر الغاز السعودي -الذي لم يتغير منذ عقود- حين كان الغاز منتجا ثانويا وفيرا من حقول النفط العملاقة في المملكة. ومنذ ذلك الحين تحجم الرياض عن رفع السعر بالرغم من ارتفاع تكاليف الإنتاج خشية أن يؤثر ذلك سلبا على الشركات التي توفر فرص عمل للسكان الذين يتزايد عددهم وكثير منهم شبان. لكن المصادر التي يمكن إنتاج الغاز منها بتكلفة قليلة تضاءلت.
ومما يزيد الأمور تعقديا إهدار تلك الموارد. لذلك تضطر السعودية للبحث في مصادر الغاز البحرية وغير التقليدية مرتفعة التكلفة لتلبية الطلب المتزايد. وحققت الحكومة بعض النجاح في تقليل الموارد المهدرة حيث طالبت مشروعات البتروكيماويات التي تستخدم الغاز الطبيعي كمادة خام باستخدام تقنيات أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة قبل تخصيص أي كميات من الغاز لتلك المشروعات.
وقد يكون رفع سعر بيع الغاز المحلي دافعا أكبر لتقليل الإهدار وسيوفر على الحكومة مليارات الدولارات من دعم الغاز. وقال مصدر سعودي في الصناعة مطلع على مناقشات الحكومة لهذه المسألة “توجد خطط لرفع سعر الغاز وهذا سيتم لأن السعودية تريد القضاء على الاستهلاك غير الكفء للغاز لأنه ينفد.” وذكر المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن إجراء ملموس لكن رفع السعر قد يتم بحلول نهاية 2013.
وأحجم مسؤولون حكوميون كبار عن التعليق علنا على الموضوع. لكن السعودية أبدت خلال العام المنصرم استعدادا متزايدا لتنفيذ إصلاحات اقتصادية حيث أصدرت قانونا للرهن العقاري مثلا. ويعتقد العديد من العاملين في الصناعة والمحللين أن إصلاح تسعير الغاز قد يعقب تلك الخطوات في العام المقبل. وقال كامل الهرمي محلل النفط الكويتي المستقل إنه بعد سنوات من النقاش بين المسؤولين الحكوميين قد يتم رفع سعر الغاز العام المقبل لكن أي زيادة ستكون صغيرة ومحسوبة حتى لا تضر قطاع البتروكيماويات.
وتبقي السعودية سعر بيع الغاز المحلي منخفضا من خلال دعم حكومي ضخم تدفعه من مئات مليارات الدولارات التي تجنيها من تصدير النفط الخام. وبسبب الدعم قدمت الصين والهند شكاوى إلى منظمة التجارة العالمية إذ أن شركات البتروكيماويات الصينية والهندية تتنافس مع الشركات السعودية. لكن قطاع البتروكيماويات السعودي اكتسب ثقلا سياسيا كبيرا لأنه يوفر الآلاف من الوظائف في بلد يحرص قادته على تفادي احتجاجات من الشبان كتلك التي أشعلت انتفاضات الربيع العربي في 2011.
لذلك تقاوم الحكومة حتى الآن ضغوطا خارجية لخفض الدعم قائلة إنها لا تخالف أيا من قواعد منظمة التجارة العالمية لأنها لا تصدر أيا من هذا الغاز. وحذر بعض المسؤولين في شركات البتروكيماويات السعودية من أن رفع أسعار الغاز قد يقلل القدرة التنافسية في السوق العالمية. ويشيرون إلى أن المنافسين الصينيين يدفعون رواتب أقل للعاملين بينما بدأ المنافسون من أمريكا الشمالية يستفيدون من أسعار الطاقة المنخفضة بفضل انتشار الغاز الصخري.
أرسل تعليقك