سراييفو ـ وكالات
كان لاستقالة المفتي العام في البوسنة مصطفى تسيريتش تأثيرات كبيرة على الإسلام البوسني. لكن إلى من يتجه مسلمو البوسنة في فترة التحول؟ حوار مع أحمد علي-باجيتش الأستاذ المحاضر في الكلية الإسلامية بجامعة سراييفو.
أي الجهات يتبع المسلمون المثقفون من أبناء جيلك؟
أحمد علي-باجيتش: لا نتبع اتجاهًا محددًا. ولأننا كنا مقطوعين عن العالم الإسلامي على مدى عقودٍ من الزمن إبان الحكم الملكي اليوغسلافي وأثناء الحقبة الشيوعية، تعلمنا أن نعتمد على أنفسنا، وطورنا نظامنا التعليمي الخاص بنا وأنتجنا معارف إسلامية معتبرة. لقد كنا مجبرين على الاعتماد على أنفسنا وبذلك تعودنا على أن نكون مستقلين، فنشأت لدينا توجهات متنوعة كثيرة.
الأساتذة المحاضرون في هذه الكلية أتوا من جامعات مختلفة، من شيكاغو والمغرب ومصر وسوريا والمملكة العربية السعودية وبلغراد وزغرب وتركيا وبريشتينا والهند. لن تجدي مثل هذا التنوع في أي جامعة من جامعات العالم الإسلامي. لدينا هنا أساتذة تقليديون ومحدِّثون وإصلاحيون.
ما هو توجه المحدثِّين؟
علي-باجيتش: يسترشد المحدثِّون البوسنيون بالعلماء المسلمين الذين يدرِّسون في الجامعات الغربية أو الذين سبق أنْ درَّسوا فيها، ومنهم على سبيل المثال فضل الرحمن وعبد الكريم سرّوش ونصر حامد أبو زيد.
تبدو سراييفو وكأنها ساحة لكل التيارات الإسلامية القائمة. وأنتم أصدرتم ببليوجرافيا بكافة الكتب التي تُرجمت إلى البوسنية، فمن دفع كلفة كل هذا؟
علي-باجيتش: جزء كبير تمت تغطية كلفته عبر تبرعات الشركات. تمكنّا من الحصول على أشياء كثيرة بالمجان. والمدارس الصوفية تدعو لاتباع أئمتها؛ السعوديون، الكويتيون، الليبراليون، والنسويات. جميعهم يتحملون الأعباء المالية الخاصة بكتبهم. والسفارة الإيرانية توزع كتب الخميني، والأتراك يوزعون أعمال نورسي وفتح الله كولن، ناهيك عن الكتب المترجمة الصادرة عن دور نشرٍ مستقلة.
لا تغير في المسار: تم انتخاب حسين كزازوفيتس خلفاً لمفتي سراييفو العام مصطفى تسيريتش، الذي تبوأ هذا المنصب 19 عاماً
ما الذي يجعل البوسنة ساحة لافتة إلى هذا الحد؟ نحن هنا لسنا في سوريا، أقصد أنه ليس للبوسنة أهمية استراتيجية.
علي-باجيتش: حقًا ليس للبوسنة أهمية استراتيجية لكنْ أهمية رمزية. سراييفو لها وقعٌ معينٌ لدى الكثير من الناس بسبب المأساة التي حلت بها والمعارك التي دارت فيها. ظلت أخبار سراييفو حاضرة في الإعلام العالمي على مدى أربع سنوات. لذا صار مهمًا للقيادات الدينية أنْ تأخذ صور لها تبيِّن أنها فعلت شيئًا لدعم سراييفو.
هل يشكل هذا خطرًا أم هو فرصة للخطو للأمام؟
علي-باجيتش: أرى في ذلك فرصة وتحديًا. لا أميل للخوف الأهوج. بالطبع ينضوي الوضع على تهديدات سيما عندما نكون موصولين بالعالم الإسلامي على هذا النحو، لكن هذا الوضع أفضل من العزلة والتعرض للنسيان. ونحن نتعامل مع الأمر بشكلٍ جيدٍ حتى الآن، ويتجلى ذلك في عدم قدرة أي الحركات العالمية على أنْ تحقق نجاحًا حقيقيًا هنا. والسبب البسيط يكمن في أنَّ الساحة هنا ليست فارغة.
من يدخل إليها يجد مؤسسةً إسلاميةً لها هياكلها ولا يمكن شراؤها أو وصمها بأنها تابعة للحكومة. إنها دار الإفتاء التي لديها تقاليدها والتي تعتمد الانتخابات مبدأً. وبالتالي على كل الحركات الوافدة من الخارج أن تتعامل عاجلاً أم آجلاً مع حقيقة أنَّ الأكثرية العامة تبقى تحت ظل المؤسسة. قد يستغرق الأمر أربع أو خمس سنوات، لكن الحركات تلاحظ واقع الحال في نهاية المطاف.
أرسل تعليقك