الدوحة ـ قنا
أكد سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث أن دولة قطر منذ تصديقها على اتفاقية اليونسكو لصون التراث الثقافي غير المادي ( 2003) فإنها تقوم بدورها في بذل الجهود لصون وتعزيز تراثها غير المادي واستثماره كقوة دافعة للتنمية المستدامة، وأن الدولة تؤكد على أهمية التعامل مع التراث المادي وغير المادي.
جاء ذلك خلال كلمة سعادة الوزير الافتتاحية لأعمال ورشة عمل "تحديات بناء القدرات في مجال التراث الثقافي غير المادي في الدول العربية" والتي تنظمها وزارة الثقافة بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو، لمدة أربعة أيام وبمشاركة 18 دولة عربية.
وقال إنه منذ انضمام دولة قطر إلى الاتفاقية الدولية لصون التراث غير المادي قد تمكنت قطر ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية خلال الدورة السابعة للجنة التي عقدت في باريس بمقر اليونكسو من تحديد تراث "الصقارة" كتراث إنساني حي ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
وأوضح أن التراث الثقافي هو ملك لجميع الشعوب فهو مرآة العالم وذاكرته وفي كل لحظة تفقد الإنسانية وبصورة نهائية أجزاء منه لا تعوض، ولذا يبقى التراث غير المادي المنبثق عن الجماعات الإنسانية المختلفة والمنقول عبر التقاليد كاللغات والقصص والحكايات والموسيقى وفنون الرياضة القتالية والمهرجانات والطب وحتى فن الطهي مشكلة حقيقية عصية على الحماية، لأن وصف وتوثيق التراث المادي أسهل بكثير من غير المادي لكونه لا يرى في أغلب الأحيان ولا يتوفر إلا في مناسبات معينة، مشيرا إلى أن اهتمام اليونسكو بهذا الموضوع وإقرار اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي في عام 2003 م جاء ضمن الجهود المبذولة للتصدي للأخطار التي يتعرض لها هذا التراث نتيجة العولمة المعاصرة والتحولات الاجتماعية التي تشهدها المجتمعات الإنسانية في الوقت الراهن.
ودعا وزير الثقافة في كلمته إلى مزيد من التعاون والتنسيق العربي من خلال الملفات المشتركة للتراث الثقافي العربي غير المادي من أجل أن تتحد الجهود لإحراز الكثير من النجاحات العربية في الساحة الدولية.
وأشاد بدور المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لعقد هذه الورشة بعد مرور 10 سنوات على الاتفاقية الدولية وهو ما يؤكد على أهمية التعاون الدولي الإقليمي كما انها فرصة سانحة للاستفادة من تجارب الدول العربية التي قامت بتسجيل تراثها غير المادي ضمن الاتفاقية الدولية والوقوف على التحديات التي تواجهها الدول العربية في مجال التدريب في هذا المجال، معتبرا أن اللقاء الذي تحتضنه الدوحة يعد فرصة من أجل تعزيز القدرات وبحث آليات التنسيق بين أصحاب القرار من المسؤولين العرب والاستفادة من التوصيات التي تنتهي إليها الورش العلمية.
ومن جانبه قال الدكتور محمد العزيز بن عاشور المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) إن هذه الورشة فرصة لتحاور خبراء من 18 دولة عربية حول مشروع مهم وتبادل الآراء لصون التراث الثقافي غير المادي في هذا العصر الذي نواجه فيه عولمة نمطية مفرطة تواجه الخصوصية الثقافية، مشيرا إلى أن عالمنا العربي يتعرض لهزات واضطرابات من شأنها أن تهز ثوابت وهويات شبابنا.
وطالب في كلمته بالتعاون العربي للحفاظ على الثراث المادي وغير المادي خاصة أن التراث غير المادي أكثر هشاشة وعرضة للأخطار متوجها في حديثه بالشكر لوزارة الثقافة ودورها في حماية التراث ودعمها للتوجهات العربية على الساحة الدولية بما يخدم تراثنا العربي.
وتحدثت خلال الجلسة الافتتاحية السيدة سيسيل دوفيل رئيس قسم التراث غير المادي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونسكو/ عن أهمية الورشة في خلق حوار بناء بين الدول العربية وتبادل الأفكار حول التحديات التي تواجه التراث غير المادي وتوثيقه في الدول العربية مشيرة إلى أن هذه الورشة تعتبر حجر أساس يمكن البناء عليه لتطبيق استراتيجية عربية في هذا المجال، مشيدة في حديثها بحسن الدعم والتنظيم من قبل وزارة الثقافة بدولة قطر.
وقالت إن أهم التحديات أمام التراث غير المادي سواء الدول العربية أوغيرها هي التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية و الصراعات والعنف في بعض المناطق وظاهرة قلة التعليم والتهميش الاجتماعي والتفاوت الاقتصادي ، مؤكدة أن التراث الثقافي غير المادي ملك مشترك متاح للجميع يخدم الابتكار والإبداع وعلينا استثماره بما يفيد في مجال التنمية المستدامة.
أما الدكتور منير بوشناقي المدير السابق للمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافيـة ( ICCROM) وهو خبير سابق باليونسكو فقدم بانوراما تاريخية حول اتفاقية دور اليونسكو في السعي للحفاظ على التراث الثقافي غير المادي منذ عام 1960م والاتفاق على الحفاظ على التراث المنقول "المتاحف" ثم اتفاقية حماية التراث العالمي منذ عام 1989 وحتى 1999 جابت المنظمة العديد من دول العالم للتوعية بأهمية الحفاظ على التراث لتصل في النهاية إلى توصية بوضع اتفاقية دولية في عام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي وقد وقع عليها أكثر مائة دولة خلال ست سنوات.
وعقب الجلسة الافتتاحية بدأت جلسات العمل تضمنت جلسات العمل لليوم الأول تقديما للاتفاقية قدمتها السيدة سيسيل دوفيل والمصطلحات الرئيسية للاتفاقية قدمها كل من الباحثان أحمد سكونتي وهاني هياجنة.
أرسل تعليقك