يستقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بقصر الأليزيه غدا الأثنين نظيره الكوبي راؤول كاسترو لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والعلاقات الثنائية في كافة المجالات في إطار زيارته الرسمية لباريس التي تعد الأولى من نوعها منذ 21 عاما والأولى لبلد أوروبي منذ توليه السلطة في 2006 خلفا لشقيقه الأكبر والزعيم التاريخي فيدل كاسترو الذي زار باريس في مارس 1995 خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران.
وتكتسب الزيارة - التي تستمر يومين- أهمية خاصة حيث تسعى فرنسا لنقل العلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة وهو ما بدأته بالفعل من خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس فرانسوا أولاند إلى كوبا في 10 مايو الماضي والتي كانت الأولى من نوعها لرئيس فرنسي منذ أكثر من قرن والأولى لرئيس غربي منذ استعادة العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة في نهاية 2014 بعد أكثر من 50 عاما من القطيعة.
وتقام مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس الكوبي راؤول كاسترو (84 عاما) غدا بحضور وزيرة البيئة الفرنسية سيجولين رويال عند "قوس النصر" يتوجه بعدها إلى قصر الرئاسة الفرنسية ، حيث سيجري مباحثات مع الرئيس فرانسوا أولاند يعقبها التوقيع على عدد من الاتفاقات ويلي ذلك عقد مؤتمر صحفي مشترك.
ويحضر المباحثات من الجانب الفرنسي، وزير الخارجية لوران فابيوس و وزير الدولة للتجارة الخارجية و تنشيط السياحة و الفرنسيين في الخارج ماتياس فكل و الممثل الخاص للرئيس لشئون أمريكا اللاتينية والكاريبي جون بيير بيل والسفير الفرنسي بكوبا جون ماري برونو ، ومن الجانب الكوبي نائب رئيس مجلس الوزراء ريكاردو رويز و وزير الخارجية برونو باريلا ووزير التجارة الخارجية والاستثمار رودريجو دياز و نائب وزير الخارجية روجيليو دياز و السفير الكوبي بفرنسا هيكتور كابريرا.
كما يلتقي الرئيس الكوبي - خلال زيارته الرسمية لباريس - مع رئيس الوزراء مانويل فالس ورئيسي الجمعية الوطنية كلود بارتولون ومجلس الشيوخ جيرار لارشيه بالإضافة إلى عمدة باريس آن هيدالجو والمديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا. و يشارك نائب رئيس مجلس الوزراء الكوبي ريكاردو رويز على هامش الزيارة في منتدى أعمال بمقر جمعية أرباب الأعمال الفرنسيين "ميديف".
وتشهد العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا منذ التوقيع في 30 نوفمبر 2010 بهافانا على إعلان مشترك لاستئناف التعاون الثنائي. و زادت الزيارات المتبادلة بين الجانبين خلال عام 2015 و كانت أبرزها زيارة الرئيس أولاند إلى كوبا.
وتسعى فرنسا لتكون الشريك السياسي الأول لكوبا في أوروبا عبر تقريب المواقف بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك و مواكبة تحولها إلى اقتصاد أكثر فاعلية ودعم تبنيها مقاربة حول الحقوق والحريات الشخصية أكثر اتساقا مع القيم الأوروبية.
وتتجه فرنسا نحو تعزيز علاقتها بدول أمريكا اللاتينية إلى جانب كوبا من خلال الزيارات الرسمية القادمة للرئيس فرانسوا أولاند لكل من بيرو و الأرجنتين و أوروجواي.
وتعول فرنسا على كوبا التي ستتسلم خلال هذا العام الرئاسة الدورية لاتحاد دول الكاريبي لتفعيل مقررات مؤتمر باريس حول المناخ.
من ناحية أخرى، تعتبر فرنسا من المساندين لرفع الحصار الأمريكي المفروض على كوبا منذ عام 1962 و تصوت كل عام منذ عام 1991 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل استصدار قرار لإنهاء الحصار.
كما دعمت فرنسا إبرام اتفاق بين كوبا و مجموعة الدائنين "بنادي باريس" في 12 ديسمبر 2015 لتطبيع علاقات المجتمع المالي الدولي مع هافانا و لفتح البلاد أمام أسواق رأس المال والحصول على وكالات ائتمان دولية.
وبالرغم من أن واشنطن لم ترفع بعد الحظر التجاري المفروض منذ نصف قرن على كوبا، تسعى فرنسا التي تعد الشريك الاقتصادي العاشر لكوبا لحجز مكانها في السوق الكوبية التي تشهد انفتاحا تدريجيا ، عبر التوقيع على عدد من الاتفاقات لدفع العلاقات التجارية والاقتصادية قدما وإتاحة وصولها إلى الأسواق المختلفة لأمريكا اللاتينية، كما تبحث كوبا عن مصادر جديدة للدخل إذ أن حليفتها الرئيسية والداعمة المالية فنزويلا لا تزال غارقة في أزمة اقتصادية وسياسية.
وتعتزم فرنسا تحويل جزء من ديون كوبا لها الى صندوق استثمار لتمويل مشروعات مشتركة بمساهمة الشركات الفرنسية في مجالات النقل والفنادق و المنتجات البترولية والصناعات الغذائية، بالإضافة إلى مشروعات أخرى تشارك فيها الوكالة الفرنسية للإنماء.
وفيما يتعلق بالمبادلات التجارية،بلغت صادرات فرنسا إلى كوبا في عام 2014 نحو 180 مليون يورو في مقابل 23 مليون يورو من الواردات.
على جانب آخر، زاد عدد السائحين الفرنسيين في كوبا خلال عام 2015 بواقع %30 ، بينما ارتفعت السياحة بشكل عام بنسبة () و بلع معدل النمو السنوي ٪4.
ومن المقرر أن تشهد زيارة الرئيس الكوبي إلى باريس التوقيع على خارطة طريق اقتصادية مشتركة تحدد المجالات ذات الأولوية وهي السياحة و الصحة و الطاقة و التنمية العمرانية و الصناعات الغذائية و التجارة العادلة.
وحول التعاون العلمي والثقافي ، تخطط فرنسا لتكثيف التعاون القائم بين البلدين في مجال الهندسة الزراعية و التكنولوجيا الحيوية و البحث العلمي ،ومن المتوقع أن يشهد العام الجاري التوقيع على اتفاق بين المكتبة الوطنية الفرنسية ونظيرتها الكوبية لتعزيز التعاون في مجالات التوثيق و التقنية و تبادل الخبرات و تنمية المهارات.
يشار إلى أن كوبا شهدت نشاطا دبلوماسيا مكثفا خلال عام 2015، واستقبلت العديد من كبار المسئولين و القادة و كان أبرزهم إلى جانب زيارة الرئيس أولاند بابا الفاتيكان فرانسيس الأول ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي و وزير الخارجية الامريكي جون كيري.
ومن المقرر أن يغادر الرئيس الكوبي راؤول كاسترو الأربعاء القادم العاصمة الفرنسية باريس عائدا إلى بلاده في ختام زيارته إلى فرنسا .
أرسل تعليقك