يعقد رئيسا الصين شي جينبينغ وتايوان ما يينغ جو في نهاية الاسبوع في سنغافورة للمرة الاولى منذ انفصال البلدين مع نهاية الحرب الاهلية في 1949.
ويبدو الاعلان عن هذا اللقاء المفاجىء محاولة لتعزيز فرص حزب كومينتانغ المؤيد للصين في الانتخابات الرئاسية التايوانية المرتقبة في كانون الثاني/يناير، لكنه قد يثير توترا لدى الناخبين القلقين اساسا من تزايد نفوذ بكين في الجزيرة.
وياتي ذلك بعد تحسن سريع في العلاقات مع بكين منذ تولي رئيس تايوان ما يينغ جو من حزب كومينتانغ او "الحزب القومي الصيني" المقرب من الصين السلطة في 2008.
وتشهد العلاقات بين الصين وتايوان توترا منذ اعلان ماو تسي تونغ جمهورية الصين الشعبية قبل 66 عاما.
ولجأ قوميو كومينتانغ الى جزيرة تايوان واقاموا فيها مؤسساتهم السياسية. وعلى مر العقود بنت تايوان هويتها الخاصة وتحولت الى ديموقراطية فيما تصر بكين على ان الجزيرة لا تزال جزءا لا يتجزأ من اراضيها.
وستراقب الولايات المتحدة عن كثب القمة بين منافستها الرئيسية الصين، وحليفتها الاقليمية تايوان فيما رحب البيت الابيض بحذر باللقاء. وقال الناطق باسم البيت الابيض جوش ارنست "سنرحب بالتاكيد بخطوات تتخذ من جانبي مضيق تايوان لمحاولة خفض التوتر وتحسن العلاقات بين ضفتي مضيق" فورموزا.
ويرى محللون ان الولايات المتحدة ردت بفتور لانها ترى ان العلاقات بين تايبيه وبكين اصبحت وثيقة جدا في ظل رئاسة ما يينغ بعدما دعمت التقارب الاخير في العلاقات بما فيه مصلحة الاستقرار الاقليمي، .
وقال جان بيار كابيستان استاذ العلوم السياسية في جامعة هونغ كونغ "انها تؤيد التقارب وتحسين العلاقات بين جانبي المضيق من جهة وتعتبر من جهة اخرى ان سياسة التقارب التي اعتمدها ما يينغ تجاوزت حدها وساهمت في اضعاف امن تايوان".
رحبت الصين بالمحادثات. وافادت وكالة انباء الصين الجديدة الرسمية ان الطرفين "سيتبادلان وجهات النظر حول تشجيع التطوير السلمي في العلاقات بين جانبي المضيق".
ونقلت عن جانغ زيجون رئيس مكتب شؤون تايوان في الصين القول انه "على مدى السنوات السبع الماضية قام الطرفان ببناء ثقة متبادلة". واضاف "اعتقد ان اللقاء سينال تاييدا واسعا من كل الجهات عبر المضيق والمجموعة الدولية".
ولم تتضح تفاصيل اخرى عن مضمون اللقاء. وقال المتحدث باسم رئيس تايوان ان "الهدف من زيارة الرئيس ما هو ضمان السلام على جهتي مضيق (فورموزا) وابقاء الوضع على ما هو في المضيق".
ولتجنب مخاطر حصول اشكال بروتوكولي حول لقب "رئيس" تايوان، نقلت وكالة انباء الصين الجديدة عن جانغ قوله ان المسؤولين سيتوجهان لبعضهما البعض بكلمة "سيد".
وهذا اللقاء التاريخي ياتي فيما تتزايد معارضة الرأي العام التايواني لتقارب العلاقات مع الصين مع مخاوف من تعاظم نفوذها.
وانتقد ابرز حزب معارض هو "الحزب التقدمي الديموقراطي" الرافض لدور الصين، والذي يرجح فوزه في الانتخابات الرئاسية في كانون الثاني/يناير، اللقاء بشدة قائلا ان ما يينغ يحاول التاثير على نتيجة الانتخابات.
وقال في بيان "اي تعامل بين الطرفين يمكن ان يحصل فقط حين يفيد تطور البلاد الحر والديموقراطي وكذلك الاستقرار الاقليمي".
وتجمع حوالى 50 متظاهرا امام مبنى البرلمان فيما كثفت الشرطة وجودها ايضا.
وتم توقيف خمسة شبان بعد الظهر لانهم القوا قنابل دخانية ورشقوا مكتب الرئاسة بالبيض.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي كانت ردود الفعل متفاوتة، حيث اعتبر البعض ان هذه القمة كان يجب ان تعقد منذ فترة طويلة فيما اتهم اخرون الرئيس ببيع روح تايوان للصين.
اما في الصين فقد دعا مسؤول كبير في الحزب الشيوعي الصيني في الوقت نفسه الى رجال الاعمال في الجانبين الى "معارضة استقلال الجزيرة".
وطلب عضو اللجة الدائمة للمكتب السياسي للحزب يو جينغشينغ رئيس الغرفة الاستشارية الصينية من رجال الاعمال ايضا "المساهمة في تعزيز العلاقات بين جانبي المضيق".
لكنه اضاف في كلمة في ختام قمة حول التجارة الصينية التايوانية في مدينة نانكين الصينية ان "التطور السلمي للعلاقات بين القارة وتايوان لم يكن سهلا والعامل الاهم يجب ان يبقى الالتزام بالاسس السياسية -- اي ابقاء توافق 1992 حول مبدأ +صين جديدة+ ومعارضة استقلال تايوان".
واكد انه "اذا تم التخلي عن هذه الاسس فان العلاقات بين جانبي المضيق ستواجه صعوبات وسيتم المساس بمصالح شعبي الضفتين".
- تأييد برلماني-
وقام رئيس وزراء تايوان ماو شي-كو والامين العام لمكتب الرئاسة تسينغ يونغ-شوان ورئيس مجلس شيون الصين اندرو هسيا بابلاغ رئيس البرلمان وانغ جين-بينغ باللقاء صباح الاربعاء.
وقال وانغ بعد اللقاء ان "البرلمان يدعم اي حوار يفيد جانبي المضيق والاستقرار الاقليمي".
ولم تتحقق امال رئيس تايوان في عقد لقاء مع شي جينبينغ في السابق رغم تحسن العلاقات.
فقد عبر عن رغبته في لقاء الرئيس الصيني خلال المنتدى الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادئ (ابيك) في بكين في تشرين الثاني/نوفمبر لكن الصين رفضت.
وينتهي حكم يينغ جو العام المقبل في ختام ولايتين ولا يحق له الترشح لولاية ثالثة وفق الدستور. ومن المتوقع ان يفوز الحزب التقدمي الديموقراطي المعارض بالرئاسة في كانون الثاني/يناير.
ورأى المحلل السياسي الكسندر هوانغ من معهد الشؤون الدولية في جامعة تامكانغ ان "هذا اللقاء حاسم، وسيتيح فتح فصل جديد في العلاقات".
لكن بعض المراقبين يرون ان بكين وكذلك حزب كوميتنانغ الذي ينتمي اليه الرئيس ما، يجازفان بدفع الثمن غاليا بعد هذا اللقاء، في انتخابات كانون الثاني/يناير الرئاسية.
وتعرض حزب كومينتانغ لاسوأ نكسة في انتخابات بلدية السنة الماضية بسبب استراتيجية التقارب مع الصين.
وفي حين ان التقارب مع الصين ادى الى توقيع اتفاقات تجارية وتعزيز السياحة يرى العديد من الناخبين ان اصحاب الشركات الكبرى قد استفادوا من هذا التحسن وليس التايوانيين العاديين.
كما هناك قلق ازاء النقص في الشفافية بعدما قام السنة الماضية متظاهرون من الطلاب باحتلال البرلمان بشكل غير مسبوق احتجاجا على اتفاق تجاري ابرم سرا بحسب قولهم.
ودافع ما يينغ على الدوام عن سياسته للتقارب مع الصين قائلا انها حملت الاستقرار الى المنطقة.
ا ف ب
أرسل تعليقك