متظاهرون أمام دار القضاء العالي (صورة أرشيفية)
القاهرة ـ خالد حسانين
دعت جبهة "الإنقاذ الوطني" المعارضة في مصر، إلى مليونية سلمية، الجمعة، أمام دار القضاء العالي، تحت عنوان "إحنا ما بنتهددش"، للإعلان عن رفضها تهديدات الرئيس محمد مرسي الأخيرة، واستخدام النيابة العامة لتصفية الحسابات السياسية لخدمة مصالح جماعة "الإخوان المسلمين"، وللمطالبة بتنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة
بوقف قرار تعيين النائب العام طلعت عبدالله، في الوقت الذي حاصر فيه عدد من أعضاء حركة "6 أبريل"، منزل وزير الداخلية، في مدينة نصر، احتجاجًا على إلقاء القبض على أعضاء الحركة، وسط رفض القوى الإسلامية والمعارضة لتصرفات الحركة، واعتبروها "سقطة أخلاقية".
وأعلن حزب "6 أبريل" و"تكتل القوى الثورية الوطنية"، عن المشاركة في التظاهرات، للتنديد بإصدار أوامر ضبط وإحضار بحق عدد من النشطاء السياسيين، وللمطالبة بتنفيذ الحكم القضائي الصادر بعزل المستشار طلعت عبدالله من منصب النائب العام، فيما أكدت الأحزاب الإسلامية، ومنها حزب "الوسط" عدم المشاركة، مقللين من أهمية الدعوة.
وتنوي القوى الثورية، الحشد مباشرةً في اتجاه دار القضاء، من دون إطلاق مسيرات، وأداء صلاة الجمعة، أمام مكتب النائب العام، وإغلاقه بالجنازير، تنفيذًا لحكم المحكمة بإلغاء قرار تعيينه، والتوجه بعد ذلك إلى ميدان التحرير بعد انتهاء الفاعليات، لإعلان رفضهم لمحاولات الشرطة والبلطجية لمهاجمة المعتصمين هناك، حيث أكدت القوى المشاركة، أنهم سينفذون حكم المحكمة بأيديهم عبر منع النائب العام من دخول المبنى، وإعلان عدم اعترافهم بأي تحقيقات يجريها، أو أي أوامر للضبط والإحضار.
وقالت جبهة الإنقاذ، إنها ستشارك في التظاهرات أمام دار القضاء العالي، لإعلان رفض استهداف نظام الحكم الإخواني، لبعض رموز الثورة بالملاحقة، من دون سند من القانون، ورفضًا لاستخدام النيابة العامة كمخلب قط لتصفية الحسابات السياسية مع خصومهم السياسيين، فيما دعا عدد من النشطاء على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" المتظاهرين إلى التوجه إلى مقر تنظيم "الإخوان" في المقطم، وتنظيم مسيرة من ميدان النافورة إلى مقر مكتب الإرشاد ومحاصرته، عصر الجمعة، للتأكيد على أنهم "لا يهابون أي تهديدات من الجماعة، أو أوامر ضبط وإحضار النائب العام، وللمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي وجماعته عن الحكم".
وقال القيادي في حركة "كفاية"، محمود بدر، لصحيفة "الوطن"، إن القوى الثورية ستنفذ حكم محكمة الاستئناف بإقالة عبدالله، وستغلق أبواب دار القضاء العالي، إلى حين رحيل النائب العام غير الشرعي والتابع لـ"الإخوان"، وأن النشطاء سيعلقون لافتة "مغلق إلى حين تعيين نائب عام من الشعب وليس من (الإخوان)"، مؤكدًا أنهم "لن يتنازلوا عن رحيل عبدالله، لأنه ينفذ أوامر مرشد (الإخوان)، ويحاسب المعارضين فقط، ويترك باقي الجرائم التي حدثت بحق الشعب، وسقط فيها شهداء مثل الاتحادية، وبورسعيد، من دون تحقيق.
وأعلن محمد رمضان، الأمين العام لاتحاد "حماة الثورة"، الذي يضم 76 ائتلافًا ثوريًا، أن الاتحاد سيشارك في المليونية ضد ما سماها "التهديدات التي يمارسها يوميًا النظام الحاكم"، مضيفًا "لن نسكت على تهديدات مرسي وتحريضه الدائم ضد المعارضة والقوى الثورية، وإن قرارات الضبط والإحضار التي أصدرها النائب العام، لا تزيد عن كونها مجرد أوراق سترمى في سلة المهملات، وفي حال إصرار طلعت عبدالله على اغتصاب منصب النائب العام، سيكون هناك خطوات تصعيدية مفاجئة، وكل الخيارات مفتوحة، ولن نستبعد أي أسلوب للتعامل مع هذا الموقف".
وأكدت النقابات المستقلة، ودار الخدمات النقابية، ومؤتمر عمال مصر، واللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية، مشاركتها في مليونية الجمعة، للمطالبة بإقالة النائب العام "الإخواني"، ولدعم القوى الثورية ضد الاستدعاءات التي طالت بعض النشطاء، حيث قال رئيس دار الخدمات النقابية كمال عباس، "سنحشد ما يقرب من 100 نقابة مستقلة للمشاركة، وللإعلان عن رفض قرارات النائب العام الملاكي لـ(الإخوان)، وللمطالبة برحيله، وبخاصة بعد حكم محكمة الاستئناف بعدم شرعيته، وسننظم مسيرة من ميدان طلعت حرب إلى مكتب النائب العام، للانضمام إلى القوى الثورية التب أعلنت مشاركتها"، مشيرًا إلى أن "الفترة المقبلة عصيبة، وتحتاج إلى التكاتف من جميع القوى الثورية والعمالية، لمواجهة الحكم الإخواني، ومحاولتهم السيطرة على كل مقدرات الدولة".
وأغلق متظاهرون، مداخل ميدان التحرير، وأجبروا السيارات على الرجوع مرة ثانية في اتجاه ميدان عبدالمنعم رياض، وكوبري قصر النيل، وذلك بعد انسحاب أصحاب المحلات من الميدان، إثر مهاجممة العشراتٌ منهم المعتصمين في ميدان التحرير، فجر الخميس، وأشهروا الأسلحةَ البيضاء في وجوههم، وقاموا بطردهم من الميدان، وحرقِ جميع الخيام الموجودة فيه، كما تم فتحُ جميع الطرق والمحاور المؤدية إلى ميدان التحرير، وعودة حركة المرور إلى طبيعتها مرة أخرى، في الوقت الذي ألقت قوات الأمن، القبض على 4 أشخاص مشتبه بأنهم هاجموا وأحرقوا خيام المعتصمين في الميدان.
وقام عدد من أعضاء حركة "6 أبريل"، بمحاصرة منزل وزير الداخلية، في مدينة نصر، في ساعة متأخرة من مساء الخميس وحتى الساعات الأولى من صباح الجمعة، احتجاجًا على سياسات الوزارة، وإلقاء القبض على أعضاء الحركة، وقاموا بعرض ملابس داخلية في إشارات سياسية قاسية ضد الوزير، فيما واجهتهم قوات الأمن بإلقاء الغاز المسيل لتفريقهم من دون جدوى.
وردد المتظاهرون الهتافات المنددة بوزير الداخلية، وسياسيات الوزارة في التعامل مع المتظاهرين والنشطاء السياسيين، مطالبين بسرعة الإفراج عن زملائهم، بعدما تم إلقاء القبض عليهم خلال الأحداث الأخيرة في ميدان التحرير، وكانت مفاجأة أن تتخذ الحركة هذا الأسلوب في ليلة مليونية "ما بنتهددش" التي تمت الدعوة لها اعتراضًا على ملاحقة السياسيين والإعلاميين ممن ينتقدون الرئيس مرسي وجماعة "الإخوان"، وذلك بعد أن قامت الحركة بعمل مفاجئ سابق، ففي الوقت الذي اتجهت فيه جميع القوى الثورية صوب مقر جماعة "الإخوان" في المقطم، اتجهت الحركة نحو منزل الرئيس مرسي في التجمع الخامس، حيث تعتمد الحركة على تكتيك وتحركات مختلفة ومتفردة عن باقي القوى السياسية.
وقد رفضت القوى المدنية، وعلى رأسها قيادات جبهة "الإنقاذ الوطني"، الطريقة التي تظاهرت بها حركة "6 أبريل" أمام منزل وزير الداخلية، الخميس، من خلال رفع الملابس الداخلية، وشنت هجومًا حادًا على استخدام مثل هذه الوسائل في التظاهرات، مؤكدة أنها "تنفّر الشارع من القوى الثورية، وتخدش الحياء العام".
وانتقد رئيس حزب "المصري الديمقراطي"، الدكتور محمد أبو الغار، الطريقة التي تظاهرت بها حركة "6 أبريل"، مؤكدًا "أن مبدأ التظاهر السلمي هو حق مكفول للجميع، وكان يفضل أن يكون هذا التظاهر أمام مقر عمل الوزير وليس أمام بيته"، في حين رأى المتحدث الرسمي باسم حزب "الوفد"، عبدالله المغازي، أن حركة "6 أبريل" تحاول التظاهر بطريقة مختلفة، وفي أماكن أخرى غير التي تتظاهر فيها القوى الثورية بالكامل، ففي الوقت الذي تخرج فيه القوى الثورية أمام مكتب الإرشاد في المقطم، يذهبون إلى منزل الرئيس في التجمع الخامس، وبينما ترفع القوى الثورية شعارات ولافتات، يقومون بوضع البرسيم أمام منزل الرئيس، ومثل هذه الوسائل تأتي على عكس قيم وأخلاق المصريين".
وشدد القيادي في "المصري الديمقراطي"، تامر الميهي، تصرفات حركة "6 أبريل"، قائلاً "إنها تتعمد اتخاذا أساليب غريبة تسيئ للمعارضة، وتتعارض مع تقاليد الشعب المصري، فما معني استخدام الملابس الداخلية كأسلوب للتعبير عن الرأي، وتصعب من مهمة القوى الثورية في تغيير الحكومة الحالية"، في حين وصف حزب "الحرية والعدالة" في بيان له، صباح الجمعة، ما فعله شباب "6 أبريل"، برفعهم للملابس الداخلية أمام منزل وزير الداخلية بـ"الانهيار الأخلاقي"، وطالب الحزب الحركة من خلال صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، بأن "يراجعوا أنفسهم ويحددوا منهجهم في التظاهر".
وطالب المتحدث بإسم حزب "الحرية والعدالة"، دكتور مراد علي، أعضاء حركة "6 أبريل"، بـ"مراجعة أنفسهم في ما فعلوة الخميس، أمام منزل وزير الداخلية، ورفع الملابس الداخلية أمام منزل الوزير، وهو انهيار أخلاقي"، مضيفًا "عارضنا سويًا مبارك الطاغية لعشرات السنين، ولكننا لم نتخل أبدًا عن أخلاقنا، أتمنى من الشباب المحترم ألا ينساقوا في الانهيار الأخلاقي"
وقال عضو المكتب السياسي لحزب "الراية" السلفي، الدكتور محمد مرسي، "إننا أمام مشهد عبثي، وصورة غير حضارية، لا تتفق مع أخلاق المصريين، وهناك أساليب مختلفة ومحترمة للتعبير عن الرأي، بخلاف تلك التصرفات غير الأخلاقية، وتظهر الوجة الحقيقي لتلك الحركات الثورية".
وأكد مصدر في القصر الرئاسي المصري، لصحيفة "الحياة" اللندنية، صباح الجمعة، أنه يتم الإعداد للطعن في حكم بطلان تعيين النائب العام المستشار طلعت عبدالله، وأن دوائر السلطة تنتظر حيثيات الحكم لإعداد مذكرة الطعن به، وتقديمها إلى محكمة النقض، وأنه من حق رئيس الجمهورية أو وزير العدل أو المجلس الأعلى للقضاء أو النائب العام نفسه، تقديم الطعن، لكنه رجح أن تضطلع هيئة قضايا الدولة بهذه المهمة، مؤكدًا "استمرار طلعت عبدالله في أداء مهام عمله كنائب عام".
وقال المصدر، "إن الحكم القضائي حسم مسألة عدم عودة النائب العام السابق عبدالمجيد محمود إلى منصبه، إذ نص على بطلان تعيين عبدالله، ورفض باقي الطلبات (بطلان إقالة عبدالمجيد)، وأن الأزمة الآن في استمرار عبدالله في منصبه، وليس في عودة عبدالمجيد التي حسمها الحكم القضائي".
وعن الجدل الدائر بشأن نفاذ الحكم إلى حين صدور قرار محكمة النقض، رأى المصدر المسؤول، أن "الحكم القضائي غير مشمول بالنفاذ، وإذا ظهر غير ذلك في حيثياته، سيتم تقديم طلب إلى محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم إلى حين حسم الطعن، وأن الوضع سيبقى على ما هو عليه حتى صدور حكم محكمة النقض، وأنه في حال ألغت محكمة النقض حكم بطلان تعيين النائب العام، وهو ما أتوقعه، سيستمر المستشار طلعت عبدالله في منصبه، أما في حال أيدت محكمة النقض الحكم، فسيعود الأمر إلى مجلس القضاء الأعلى، لترشيح 3 يتم اختيار نائب عام جديد من بينهم، حسبما ينص الدستور المصري الجديد".
أرسل تعليقك