وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور
بيروت ـ جورج شاهين
استدرج موقف الكثير من وزراء الخارجية العرب إلى الرد بقسوة على مطالبته بإعادة سورية إلى مؤسسات الجامعة العربية التي جمدت عضويتها فيها قبل ستة عشر شهرًا، وأقسى ردات الفعل كانت لدى وزير خارجية قطر الذي هاجم منصور بعنف، فيما تركت مواقف منصور في بيروت
ردات فعل سلبية للغاية أبرزها تلك التي عبر عنها رئيس الوزاراء الأسبق سعد الحريري، الذي رأى في بيان له، الأربعاء، "أن دعوة وزير الخارجية إلى فك تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية، هي الخلاصة الحقيقية للدور القبيح الذي تقارب من خلاله الحكومة اللبنانية الأحداث الدموية في سورية. فأين هي حكومة لبنان من الخطاب الذي ألقاه باسمها وزير الخارجية في اجتماع الجامعة العربية؟ هل نحن أمام وزير يتحدث فعلاً باسم الجمهورية اللبنانية ورئيسها، باسم الحكومة ورئيسها؟ أم نحن أمام وزير خارجية ايران، أو في أحسن تقدير أمام وزير ينفذ أوامر جهة سياسية، تمسك بزمام الأمر الحكومي، وتفرض على لبنان، الدولة والمؤسسات والشعب، مواقف لا وظيفة لها سوى الإساءة إلى علاقات لبنان، وتعريض المصلحة الوطنية إلى مخاطر جسيمة؟".
وقال الحريري: "لقد وجد الرئيس السوري من ينطق باسمه على منبر الجامعة العربية، ووزير خارجية لبنان تولى تنفيذ هذا التكليف الأسود، الذي يتنافى مع أبسط قواعد التضامن العربي، ويطيح كل الادعاءات المتعلقة بسياسة النأي بالنفس".
وأضاف: "إننا لا نعبر عن رفضنا لهذا الموقف ونضعه في خانة الخضوع لأوامر خارجية فحسب، لكننا ندعو القوى السياسية المؤتمنة على سلامة لبنان وعلاقاته العربية إلى إشهار الرفض الكامل لسياسات الحكومة العشوائية. هذه الحكومة تطلب من كل اللبنانيين المشاركة في تغطية جرائم بشار الأسد، واللبنانيون ليسوا أجراء عند بشار الأسد أو عند إيران ووكيله السياسي والعسكري في لبنان. اللبنانيون يطلبون من هذه الحكومة أن تكشف عن وجهها الحقيقي لتقول للعرب ولكل العالم إنها حكومة بشار الأسد وحزب الله في لبنان".
ورد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على وزير الخارجية عدنان منصور، وأصدر بيانًا قال فيه: "لا يشرفنا أبدًا كلام الوزير عدنان منصور في لقاء وزراء الخارجية العرب، وقد كان الأجدر به ان يأخذ في الاعتبار مشاعر الأكثرية الكبرى من اللبنانيين قبل أن يتخذ موقفًا من الثورة السورية، أو أقله أن يحصل على موافقة حكومته قبل أن يطرح إعادة العمل بعضوية سورية في الجامعة العربية، في محاولة لإعادة تعويمه وتقديمه على الساحة العربية بعد كل ما حدث في سورية.
وبالإضافة إلى الموقف المبدئي والاخلاقي، هل يعلم الوزير منصور أنه يعرض لبنان واللبنانيين لمخاطر جمة في أمنهم وأرزاقهم، يمكن أن تجر لبنان إلى عزلة عربية خانقة وعزلة دولية قاتلة؟".
أضاف: "نسأل في المناسبة، أين هو التزام سياسة النأي بالنفس التي أقرتها وكررتها هذه الحكومة الفاشلة والفاسدة، والتي يشارك فريق منها عبر مجموعاته المسلحة في الحرب إلى جانب الحكومة السورية، ويسمح وزير خارجيتها لنفسه بأن يهين لبنان ويستهين بشعبه، ويتحول ناطقًا رسميًا لبشار الاسد في المحافل العربية والدولية".
وختم: "نسأل الرئيس والحكومة عن الذي جرى، وعن وصمة العار التي وصمها هذا الوزير على جبين كل لبناني حر، ونكرر دعوتنا الى استقالة هذه الحكومة، ونسأل من تبقى فيها من أحرار، إلى متى هذا السكوت؟ ألم يحن وقت الاستقالة بعد من هذه الحكومة التي فشلت وفسدت إلى حدود التهديد بإفساد سمعة لبنان في العالم، عبر نأيها الكامل بنفسها عن كل واجباتها وحقوق اللبنانيين، باسثناء تغطية إرهاب النظام السوري المتمادي؟"
كما رفضت الأمانة العامة لقوى 14 آذار ما صدر عن "القائم بأعمال النظام السوري في لبنان" عدنان منصور، لناحية دعوة جامعة الدول العربية إلى التراجع عن قرار تعليق عضوية النظام السوري في الجامعة العربية.
وترى أن صفة وزير الخارجية اللبنانية التي لم تكن يومًا الصفة الواقعية لطبيعة عمل منصور، بدأت تشكّل خطرًا فعليًا على الدولة اللبنانية وعلى اللبنانيين ومصالحهم، خصوصًا في ضوء مواقف دول مجلس التعاون الخليجي المستنكرة لدعوات منصور.
وتدعو الأمانة العامة لقوى 14 آذار أصحاب الصلاحية إلى وضع حدّ لتصرفات منصور واتخاذ التدابير الدستورية الكفيلة برفع الغطاء الرسمي الذي يوظفه في خدمة نظام الأسد وسياساته العدوانية تجاه شعبه والكيان اللبناني والشرعيتين العربية والدولية.
وسجل وزير الخارجية اللبناني خروجًا جديدًا على سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان منذ اندلاع الثورة في سورية، حينما دعا مجلس الجامعة العربية المنعقد على مستوى وزراء الخارجية العرب إلى "إعادة سورية إلى حضن جامعتها العربية، ولرفع تعليق مشاركتها في اجتماعاتنا"، معتبرًا أن التواصل مع سورية لإنقاذها، واحتضانها من جديد ضرورة من أجل الحل السياسي.
وحذر منصور من أن لهيب الحرب الذي يطال سورية اليوم، وكذلك الحركات التكفيرية التي تضرب في كل مكان إن لم نخمدها ونضع حدًا لها، سيمتد لهيبها غدًا إلى ديارنا جميعًا، معتبرًا أنه "لا يخفى أن الضغوط التي يعانيها لبنان، ودول جوار سورية بسبب تدفق الأشقاء السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سورية تفوق قدراتها
ورأس منصور آخر جلسة لمجلس الوزراء العرب قبل أن يسلم رئاسة الدورة المقبلة لجامعة الدول العربية الـ 139 إلى وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، خلال اجتماع المجلس على المستوى الوزاري في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، الأربعاء.
ومما جاء في كلمة منصور "لقد كان لترؤس لبنان هذه الدورة لمجلس جامعة الدول العربية، وهو العضو المؤسس، فرصة المشاركة بفاعلية في العديد من النشاطات، فبالإضافة إلى الاجتماعات العادية والاستثنائية التي عقدها المجلس، عقد في إطار الجامعة العربية الاجتماع الوزاري العربي - الأوروبي في القاهرة، والمنتدى العربي - التركي في إسطنبول، والمنتدى العربي - الروسي في موسكو. فضلا عن الكثير من النشاطات الأخرى أبرزها زيارة وفد وزراء الخارجية العرب إلى قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي مباشرة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2012".
واشار إلى أن "هذه الدورة شهدت تصويتًا تاريخيًا في الأمم المتحدة على قبول فلسطين كدولة مراقب غير عضو في الجمعية العامة الأمر الذي يسجل نجاحا للجهود الفلسطينية والعربية في تحقيق هذا الحضور الدولي، ويتيح للفلسطينيين الاضطلاع بمسؤوليات أكبر تجاه قضيتهم العادلة، وحقوقهم المسلوبة"، معتبرًا "أن رفض إسرائيل للقرارات الدولية ذات الصلة، واستمرارها في سياسات القضم والضم للأراضي العربية وتهويد القدس وتغيير الديموغرافيا وشلل الرباعية الدولية يزيد التحديات الفلسطينية والعربية صعوبة".
أضاف "إلى ذلك تستمر إسرائيل بتحديها للقرار 1701 ولميثاق الأمم المتحدة إن من خلال خرقها لسيادة لبنان يوميًا برًا وبحرًا وجوًا، وزرعها لشبكات التجسس والإرهاب، أو من خلال عدوانها العسكري الأخير على السودان وسورية. كما تستمر في العبث بالموقف العربي طالما أنها تدرك مسبقًا حجم الرد العربي ومداه، وهذا ما لمسناه أيضًا عبر رفضها المشاركة في المؤتمر الهادف لإقامة شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الذي كان مقررًا عقده في هلسنكي خلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مما دفع المنظمين لتأجيله".
أضاف: "تبقى الأزمة السورية تؤلمنا جميعًا، حيث نقف أمامها عاجزين عن تحقيق الحل السياسي عبر الحوار الوطني بين الأفرقاء، إذ نثبت للعالم أننا فشلنا في ذلك، وكل ما نجحنا فيه هو تعليق مشاركة سورية في اجتماعات الجامعة العربية، رغم أننا عقدنا أكثر من 15 اجتماعًا على مدار عامين، واتخذنا القرارات تلو القرارات ظنًا منا أننا بها سنوفر لسورية الأمن والاستقرار بإزاحة نظام واستبداله بآخر فغرقت سورية في الدماء والدمار، وشاهدنا بلا شك تدفق السلاح والأموال من هنا وهناك بلا حساب ولا حدود، وكذلك مجموعات المقاتلين القادمين من الخارج الذي لم يعد خفيًا على عاقل. واجتاحت المنطقة أفكار متطرفة لم يعرفها عالمنا العربي من قبل، تزرع بذور الفتنة المذهبية والطائفية، وتروج للدعوات المتطرفة القبيحة، وهي كلها بعيدة عن قيم وأصالة وتاريخ وتقاليد وعادات وثقافة شعوبنا، ترمي إلى تفتيت نسيج مجتمعنا ومكونات وحدة شعبه وهويته الوطنية".
وتابع منصور: "إن مسؤوليتنا كبيرة أمام الله والتاريخ، وأمام شعوبنا، فلنعمل اليوم قبل الغد على إيجاد حل سياسي متوازن مشرف يخرج سورية من أتون الحرب، فهي لا تستحق منا إلا وقفة الشقيق بجانب شقيقه، حتى لا نكون ونحن نراجع حساباتنا بضمير حي أننا تركنا سورية في النفق المجهول، ننتظر الآخرين يبحثون عن الحل لها ونحن لا حول ولا قوة لنا".
وقال: "فلنعد سورية إلى حضن جامعتها العربية، ولنرفع تعليق مشاركتها في اجتماعتنا، فالتواصل مع سورية لإنقاذها وإحتضانها من جديد ضرورة من أجل الحل السياسي. فلهيب الحرب الذي يطال سورية اليوم وكذلك الحركات التكفيرية التي تضرب في كل مكان إن لم نخمدها ونضع حدًا لها، سيمتد لهيبها غدًا إلى ديارنا جميعًا"، معتبرًا أنه "لا يخفى أن الضغوط التي يعانيها لبنان، ودول جوار سورية بسبب تدفق الاشقاء السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سورية تفوق قدراتها، وهنا لا بد أن نشيد بمؤتمر الكويت للمانحين الذي استضافته مشكورة دولة الكويت الشقيقة، وإذ نؤكد على ضرورة الإسراع بترجمة مقرراته، وبالتالي تلبية الحاجات العاجلة لمساعدة هؤلاء النازحين في تأمين مستلزماتهم من الغذاء والإيواء والطبابة والتعليم".
في حين أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرية حمد بن جاسم مسؤولية بشار الأسد عن بحر الدماء التي تجري في سورية، في رده على قول وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور إن القرارات السابقة فشلت في حل الأزمة. وقاطعه حمد بن جاسم الوزير منصور في لهجة حادة مؤكدًا أن الرئيس السوري بشار الأسد هو سبب استمرار نزيف الدم السوري ، وأن الجامعة قامت بدورها من دون استجابة منه.
وقال وزير الخارجية المصرية محمد كامل عمرو "إنه واثق في قدرة مصر على التصدي لأعباء الرئاسة في ذلك التوقيت البالغ الدقة والحساسية، وبدأ كلمته بالحديث عن الأزمة السورية واصفًا نظام بشار بأنه "نظام لا يتوانى عن قصف شعبه بالصواريخ، الذي كل ذنبه أنه طالب بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية فوجد نفسه أمام آلة حرب".
وأوضح عمرو أن مصر دعت منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة إلى عملية سياسية تضمن نقل السلطة والحفاظ على وحدة التراب الوطني السوري؛ لتجنب الصراع الداخلي الذي يهدد وحدة الاراضي السورية ويخلف القتلى، ويقضي على فرص العيش المشترك بين السوريين.
وأكد على وقوف مصر منذ البداية خلف الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية للتوصل لحل للصراع دون التمسك بالثوابت التي أزهقت من أجلها أرواح السوريين، مشيدًا بمبادرة معاذ الخطيب للحوار السياسي والتي لم تلق سوى "آذان صماء أبت أن تستمع لصوت العقل وفضلت الحرب والدمار".
وشدد عمرو على ضرورة مراجعة وتطوير الأليات المعتمدة لحل القضية الفلسطينية وعلى رأسها الرباعية الدولية التي كان يجب عليها مراقبة تنفيذ خارطة الطريق التي وضعتها اللجنة نفسها. وإبراز أن خيار السلام العربي والمبادرة العربية مرتبط بأن تلتزم اسرائيل بالانسحاب من الاراضي المحتلة.
وتسلم محمد كامل عمرو وزير الخارجية المصري رئاسة الدورة الـ 139 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري من وزير الخارجية اللبنانى عدنان منصور وذلك خلال انطلاق أعمال الدورة الجديدة للمجلس بأحد فنادق القاهرة بسبب الاشتباكات في ميدان التحرير، الأربعاء.
أرسل تعليقك