أدّى السّيد فهد بن محمود آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء صباح اليوم صلاة عيد الأضحى المُبارك بمسجد الخور في مسقط. كما أدّى الصّلاة بمعية سُموّه عددٌ من أصحاب السُّموّ أفراد الأسرة المالكة وأصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السّعادة والمستشارين.
وقد أمَّ المُصلّين فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المُفتي العام لسلطنة عُمان الذي استهلّ خطبته بالتكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله عزّ وجلّ.
وتناولت الخطبة ما خصّ به الله تعالى هذا اليوم خير أمة أخرجت للناس وبما أودع في ذكراه من ميراث نبوّات الهدى والخير، والرشد والصلاح، والقيم والأخلاق، عبر تاريخها الحافل بالتضحيات، الماجد بالعزة والرفعة نصرة للحق، وهداية للخلق، وإبلاغًا لرسالة التوحيد الحنيفية السمحاء، وإيواءً للبشرية إلى الفطرة السليمة، والهدي القويم.
وفيما يأتي نصُّ الخطبة:
"الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سُلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يُحيي ويُميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وَاللَّهُ أَكْبَرُ كبيرا.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد كثيرا وَسُبحان الله بكرة وأصيلا.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر].
أَمَّا بَعْدُ:
فهنيئا لكم معاشر المسلمين هذا اليوم المُبارك الأغر، الذي خصّ الله تعالى به خير أمة أخرجت للناس، بما أودع في ذكراه من ميراث نبوّات الهدى والخير، والرشد والصلاح، والقيم والأخلاق، عبر تاريخها الحافل بالتضحيات، الماجد بالعزّة والرفعة، نصرة للحق، وهداية للخلق، وإبلاغًا لرسالة التوحيد الحنيفية السمحاء، وإيواءً للبشرية إلى الفطرة السليمة، والهدي القويم وتلكم على الصحيح - أيها المسلم - هي حقائق العيد ومعانيه، فما أحوجك اليوم إلى استبطان هذه المعاني، وكم سيجني المسلمون من عوائد الخير والرشد والسلام والاعتدال لو أخذوا - مع ابتهاجهم بمظهره ورمزه - جوهره وروحه؟ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٠﴾ ) [الروم ٣٠]
الله أكبر ... الله أكبر ... لا إله إلا الله ولله الحمد
أيها المسلمون لا يخفى على أحد ما تمر به البشرية من تحوّلات كبرى أخطرها تغييب المعاني والتعريفات للحقائق والمفاهيم، والعدوان على الأخلاق والفضائل والسطو على القيم والعلاقات الأسرية والمجتمعية والبشرية وهي أوضاع تدعو المسلمين إلى أداء أمانتهم، وتبليغ رسالتهم، تلك الرسالة التي بسطها لنا ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم، فجمعت وأوعت ما تفرق من محاسن الرسالات السماوية السابقة، أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس كافة عبر سنوات دعوته ثم لخصها لهم في خطبة الوداع، عناوينها الكبرى: أصلها عقيدة راسخة تكشف للإنسان حقائق الدنيا والآخرة وتوجه له سلوكه وتعرفه بمعنى حياته ومقاصدها وغاياتها، وروحها شعائر تعبدية تجلي في الإنسان حقيقة الطاعة والإذعان لأمر الله، وتبعث فيه الطمأنينة وتروي له عطش روحه وظمأ قلبه، وحصنها أسس معرفية تدعو إلى إدراك الأشياء بتدبر وتفكر موصول بالخالق جل وعلا وحكمته البالغة في الخلق، وميزانها مرجع رباني للأخلاق والقيم يسمو بهذا الإنسان ويزكّيه ويهذّب له إنسانيته وكرامته، وبرهانها نظام عادل سمح للمعاملات والعلاقات بين الناس في شؤونهم كلها ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾. [الأنعام:161- 163].
فاغتنموا - رحمكم الله - هذه الأيام الطبية المباركة في تعظيم الله عز وجل بذكره وشكره وتكبيره، وفي فهم دينكم من منابعه الصافية كتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة، وتحصين ناشئتكم على هذه المعاني والقيم، وفي رد شبهات المبطلين والجهلة والغالين مع الحرص على صنائع المعروف والبر والإحسان، وتقديم الأضاحي لوجه الله تعالى وإصلاح ذات البين وتمتين الأواصر وتحقيق التكافل الاجتماعي، مع الاقتصاد والاعتدال في الفرح والسرور، والإتيان بالتكبير والذكر أدبار الصلوات إلى نهاية أيام التشريق وتذكر المنقلب الذي يصير إليه العباد جميعًا مع الاستعداد له ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانُ منْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) ﴾ [النساء: 174، 175]
هذا، وَصَلُّوا وَسَلَّمُوا عَلى رَسُول الله الأمين، فَقَدْ أَمَرَكُمْ رَبُّكُمْ بذلك حِينَ قَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]
اللهمَّ صَلَّ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ وعلى آل نبينا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ نبينا إبراهيم، وبارك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ نبينا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى نَبِيِّنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ نبينا إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللّهم عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنا معهم بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا احفظ أوطاننا، وأَعِزَّ سُلطاننا، وأيّده بالْحَق وأيّدْ بهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَسْبِعْ عَلَيْهِ نِعمَتَكَ، وَأَيَّدَهُ بِنُور حِكْمَتِكَ، وَسَدّدْهُ بتوفيقك، واحفَظْهُ بِعَينِ رِعَايَتِكَ.
اللهم إنا نسألك أن تحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه، وأن تكتب لأهلها العزّ والرفعة والنّماء والسلام يا ذا الجلال والإكرام اللهم تقبّل من حجاج بيتك الحرام مناسكهم وأعدهم إلى أوطانهم سالمين.
اللَّهُمَّ أَعِزُّ الإسْلامِ وَاهْدِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْحَقِّ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الخَيْرِ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ وَاكْتُبِ السَّلام والأمن لِعِبَادِكَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا وَزُرُوعِنَا وكل أرزاقنَا يَا ذَا الْجَلالِ وَالإكْرَامِ، ربَّنا آتنا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 190].
وبهذه المناسبة المباركة أعرب صاحبُ السُّمو السّيد فهد بن محمود آل سعيد عن أطيب التّهاني لجميع المواطنين والمقيمين بالعيد السّعيد، داعيًا المولى عزّ وجلّ أن يُعيد هذه المناسبة العطرة على جلالةِ السُّلطان المعظـم بموفور الصحة والسّعادة والعمر المديد، وأن يوفـّق جلالته ـ أبقاه الله - والحكومة دائمًا لتحقيق المزيد من النماء والازدهار لهذا البلد العزيز، وأن يُنعم المولى سبحانه وتعالى على سلطنة عُمان الغالية وأبنائها الأوفياء وكافة الشعوب الإسلامية بدوام التوفيق والبركات.
أرسل تعليقك