ودعت الكويت أميرها وأمير الإنسانية والقلوب، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – رحمه الله – بعد حياة سياسية حافلة ومسيرة خلد خلالها رمزا للإنسانية وقائدًا محبًا للسلام، رحل الصباح ومقل الكويتيين تذرف الدموع وقلوبهم تلهث بالدعاء لفقيد الإنسانية، ونعى الديوان الأميري يوم أمس الثلاثاء المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح – رحمه الله – عن عمر 91 عامًا، وكان -رحمه الله – في رحلة علاج طويلة في العاصمة الأمريكية واشنطن.
ولد الشيخ صباح الأحمد الصباح – رحمه الله – في 16 من يونيو لعام 1929، في مدينة الجهراء شمال غرب الكويت العاصمة، وهو الأمير الخامس بعد إعلان استقلال دولة الكويت عن المملكة المتحدة في عام 1961، والأمير الخامس عشر في تاريخ الكويت الحديث، وتلقى تعليمه في المدرسة المباركية، وهي أول مدرسة نظامية في تاريخ الكويت، وأنشئت في ديسمبر من عام 1911، وأطلق عليها اسم (المباركية) نسبة إلى الشيخ مبارك الصباح.
في عام 1962 عين الأمير صباح الأحمد وزيرا للإعلام في أول تشكيل وزاري في تاريخ الكويت، حيث أسهم الأمير في تطوير ودعم وسائل الإعلام الكويتية المختلفة، وفي عام 1963، خلف الأمير صباح، الشيخ صباح السالم في منصب وزير الشؤون الخارجية، كثاني وزير خارجية في تاريخ الكويت، واستمر على رأس الوزارة طيلة أربعة عقود، حيث رسم خلالها مبادئ الدبلوماسية الكويتية، التي اتسمت بالدعوة للسلام والحوار لحل القضايا السياسية بين الدول، وكانت له مشاركات إيجابية كبيرة في حل الكثير من القضايا السياسية الشائكة، إقليميا ودوليا، حيث تكللت الكثير من وساطاته الخارجية بالنجاح، وشهد – رحمه الله – بحضوره الإيجابي العديد من اتفاقيات الصلح والسلام بين الأطراف المتنازعة أو الأخوة الفرقاء، تاركا بصمة إنسانية شهد لها الداني والقاصي في فض النزاعات، مما حدا بالأمم المتحدة إلى تكريمه في التاسع من سبتمبر لعام 2014 بلقب «قائد العمل الإنساني»، كما سميت الكويت «مركزا للعمل الإنساني»، وذلك تقديرا للجهود التي بذلها الأمير صباح الأحمد – رحمه الله- خدمة للإنسانية. وفي عام 2003، تولى الأمير صباح منصب رئيس مجلس الوزراء، وكلف بالتشكيل الوزاري الحادي والعشرين، واستمر في المنصب لقرابة الثلاث سنوات، وفي 29 يناير 2006، بويع الأمير صباح الأحمد الصباح أميرا للكويت خلفا لسعد العبدالله السالم الصباح، الذي تنازل عن الحكم بسبب أوضاعه الصحية.
المناصب التي تولاها
دخل الشيخ صباح الأحمد الصباح الحقل السياسي، في سن مبكر، حيث عينه الشيخ عبدالله السالم الصباح -أمير الكويت آنذاك – عضوا في «اللجنة التنفيذية العليا» عام 1954، وهو في عمر الخامسة والعشرين، وفي عام 1955 عين رئيسًا لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم عضوًا في الهيئة التنظيمية للمجلس الأعلى في عام 1956، وبعد عام أضيفت إليه مهام رئاسة دائرة المطبوعات والنشر. وفي أول تشكيل حكومي في تاريخ الكويت، تقلد الشيخ صباح وزارة الإرشاد والأنباء (الاعلام) بين الفترة من يناير 1962 إلى يناير 1963، ثم وزيرًا للشؤون الخارجية إضافة إلى وزارة الإعلام في التشكيل الوزاري الثاني لعام 1963، ثم وزيرا للشؤون الخارجية في التشكيل الحكومي الثالث عام 1964، وظل على رأس الوزارة في الحكومات المتعاقبة حتى عام 1978، حيث تقلد إلى جانب الخارجية منصب نائب لرئيس مجلس الوزراء في الحكومة العاشرة (فبراير 1978 – فبراير 1981)، واستمر في تقلد المنصبين حتى التشكيل الوزاري العشرين (فبراير 2001 – يوليو 2003). وفي التشكيل الحكومي الحادي والعشرين (يوليو 2003 – يناير 2006)، تولى الأمير الراحل رئاسة مجلس الوزراء، بعد قرار فصل منصب ولاية العهد عن رئاسة الوزراء، وفي 29 يناير لعام 2006، بويع الأمير صباح الأحمد الصباح، أميرًا لدولة الكويت.
العلاقات العمانية الكويتية
تميزت العلاقات العمانية الكويتية، بالمتانة والرسوخ والاحترام المتبادل وجسدتها العلاقات الأخوية بين قيادتي البلدين الشقيقين، منذ العهد السامي لجلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه – حيث لا يخفى على أحد، الاحترام الكبير الذي كان يكنه السلطان الراحل لصاحب السمو الأمير صباح الأحمد -طيب الله ثراهما – من خلال اللقاءات العديدة التي جمعتهما والزيارات المتبادلة والدعوات الأخوية، ومما يظل في الذاكرة ذلك المشهد الحزين لزيارة سموه الأخيرة لعمان، التي جاءها معزيًا في وفاة صديقه وأخيه السلطان قابوس، وحديثه الأخوي لأخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- أبقاه الله -، بأن «السلطان قابوس لم يمت، وانتم موجودون». وتستمد العلاقات بين البلدين الشقيقين متانتها من خلال التقارب الكبير في الرؤى السياسية وكيفية التعاطي مع الأزمات الإقليمية والدولية، حيث رسم القائدان الراحلان خطوطًا عريضة للسياسة الخارجية لبلديهما، من خلال النأي بالنفس عن التدخل في شؤون الآخرين والحياد الإيجابي بما يخص الخلافات الإقليمية والدولية والسعي الدؤوب لحل تلك الخلافات، والعربية منها على وجه الخصوص، حيث لم يألُ القائدان الراحلان جهدا في محاولتهما لرأب الصدع الخليجي، بسبب الأزمة بين بعض الدولة الخليجية ودولة قطر، التي أكملت عامها الثالث، فكان الشيخ صباح الوسيط الذي جاب السماء، ذهابا وعودة، دون كلل أو ملل، للم شمل الأخوة الأشقاء، وإنهاء الخلاف الدائر بينهم، رغم تجاوز عمره التسعين عاما
مبادرات إنسانية
وحول المبادرات الإنسانية لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح – رحمه الله- لدعم القضايا الإنسانية حول العالم، أوجزت صحيفة القبس الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 28 يناير 2019، وذلك بمناسبة احتفال الكويت بذكرى الـ14 لتولي صاحب السمو – رحمه الله – للحكم، سلسلة المبادرات السخية التي قام بها سموه خلال فترة عهده وحتى عام 2018:
2007: أعلن سمو الأمير الراحل في القمة الثالثة لمنظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك) في نوفمبر 2007 عن تبرّع دولة الكويت بمبلغ 150 مليون دولار لدعم برنامج يموّل البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة والتغيّر المناخي.
2008: أنشأت دولة الكويت صندوق الحياة الكريمة، وأسهمت بمبلغ قدرة 100 مليون دولار في رأسمال الصندوق لمواجهة انعكاسات أزمة الغذاء العالمية على الدول الأقل نموًّا.
2009: أطلق سموه – رحمه الله – في مؤتمر القمة العربية ــــ الذي عُقد في الكويت مطلع 2009 ــــ مبادرة دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم، برأسمال ملياري دولار. وأمر سموه بتقديم مبلغ 500 مليون دولار لتفعيل انطلاقة هذه المبادرة. وتبرّع سموه خلال القمة بمبلغ 34 مليون دولار لتغطية احتياجات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
2010: خلال مؤتمر المانحين لإعمار شرق السودان، الذي عُقد في الكويت في ديسمبر 2010، جرى الإعلان عن مساهمة دولة الكويت بمبلغ 500 مليون دولار أميركي لمنطقة شرق السودان، على أن يقدّم المبلغ، من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
2011: تبرّع سموه -طيب الله ثراه – بمبلغ مليون دينار كويتي لمشروع رحلة الأمل، التي أسهمت في إبراز وجه الكويت الإنساني.
2012: أعلن سموه -رحمه الله – في مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي عن تبرّع دولة الكويت بتكاليف تجهيز المقر الجديد للمفوضية العامة للاتحاد الأفريقي في العاصمة الأثيوبية.
2012: أطلق سموه -رحمه الله- مبادرة لتنمية الدول الآسيوية غير العربية الأقل نموًّا، عبر برنامج من ملياري دولار، تساهم فيه دولة الكويت بـ300 مليون دولار.
2013: استضافت الكويت المؤتمر الدولي الأول لمانحي سوريا، وأعلن سموه -رحمه الله – عن مساهمة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار أمريكي لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري الشقيق.
2013: أعلن سموه -رحمه الله – في القمة العربية الأفريقية الثالثة عن تقديم قروض ميسّرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى سنوات خمس، كذلك أعلن سموه عن عزم دولة الكويت تخصيص جائزة مالية سنوية بمبلغ مليون دولار، باسم المرحوم الدكتور عبدالرحمن السميط، تختص بالأبحاث التنموية في أفريقيا.
2014: تبرّعت دولة الكويت بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي من القطاعين الحكومي والأهلي لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري الشقيق.
2014: أعلن سموه -رحمه الله – مضاعفة مساهمة دولة الكويت الطوعية السنوية الثابتة لصندوق الأمم المتحدة المركزي للاستجابة للطوارئ الإنسانية إلى مليون دولار.
2015: تبرّعت دولة الكويت بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري الشقيق.
2016: أعلن سموه -رحمه الله – في المؤتمر الرابع للمانحين لمساعدة سوريا عن مساهمة الكويت بمبلغ، 300 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات في دعم الوضع الإنساني للشعب الشقيق. وأعلن سموه -رحمه الله – عن قيام الأجهزة الاستثمارية في دولة الكويت بتوجيه مبلغ 4 مليارات دولار أمريكي إلى قطاعات الاقتصاد المصري.
2018: أعلن سموه -طيب الله ثراه – أن دولة الكويت ستلتزم تخصيص مليار دولار قروضًا، ومليار دولار للاستثمار في الفرص الاستثمارية في العراق.
وقد يهمك أيضًا:
ولي عهد الكويت يتلقى اتصالًا من رئيس وزراء البحرين بمناسبة عيد الاضحى
مجلس الوزراء الكويتي يعلن الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أميرا للدولة
أرسل تعليقك