آثار الخراب والدمار ينتشر في مختلف المدن السورية
دمشق ـ وكالات
أفاد ناشطون سوريون، بمقتل 130 شخصًا، الجمعة، في أنحاء مختلفة من البلاد غالبيتهم في دمشق وحلب، في الوقت الذي أعلن الجيش الحر "المعارض" بدء عملية عسكرية تهدف إلى تحرير محافظة إدلب أطلق عليها اسم "البنيان المرصوص"، وسط أنباء عن عزم "دمشق إطلاق مبادرة تشتمل على دعوة واسعة لحوار
وطني قد يديره نائب الرئيس فاروق الشرع، ردًا على عرض المبعوث الأممي المشترك إلى سورية الأخضر الإبراهيمي"، في حين تستضيف الكويت اجتماعًا للجهات المانحة لسورية في 30 كانون الثاني/يناير المقبل، لجمع المزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين السوريين وبحث توفير 1.5 مليار دولار، بينما أعلنت "جبهة النصرة" أنها تستعد لملء الفراغ بعد انهيار حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، بالعمل على إرساء حكم الشورى الإسلامي".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مقرًا له، إن "130 شخصًا قُتلوا في أنحاء سورية، الجمعة، معظمهم في دمشق وحلب، فيما شن الطيران الحربي غارات جوية على ريف دمشق بعد ليلة شهدت عمليات قصف ومعارك طالت عددًا من أحياء العاصمة، كما قُتل 14 شخصًا بينهم امرأتان و8 أطفال، في غارة جوية استهدفت مدينة السفيرة جنوبي مدينة حلب الواقع شمال البلاد، كما شهد محيط مطار حلب الدولي قصفًا عنيفًا بالرشاشات الثقيلة"، مشيرًا إلى أن النزاع المستمر في سورية منذ أكثر من 21 شهرًا أدى إلى سقوط أكثر من 45 ألف قتيل.
وأعطى ناشط، طالبا عدم الكشف عن هويته لمخاوف أمنية، قائمة بأسماء القتلى، قائلاً إن "الحكومة غالبًا ما تشن غارات ضد المدينة كون مسلحي المعارضة السورية يهاجمون مجمعًا عسكريًا كبيرًا على مشارفها، وأن اشتباكات عنيفة اندلعت هناك مع جنود الجمعة، وأن الجيش السوري عادة ما ينتقم من تقدم الثوار بقصفه مناطق سكنية، حيث قام بعمليات قصف بالمدفعية الثقيلة في مدينة داريا في الغوطة الغربية في ريف دمشق، بينما شهدت قرية كفر هود في ريف حماة الشمالي قصفًا عنيفًا، كما قصف الطيران الحربي قرية الحويقة في دير الزور، وذلك بعد سقوط نحو 180 قتيلاً في أعمال العنف في مناطق عدة من سورية، بينهم 55 مدنيًا و42 جنديًا"، في حين بث ناشطون لقطات تبين لحظة سقوط صاروخ على بلدة كفر بطنا في ريف دمشق، ومشاهد إخراج عدد من الجرحى، ولم يتسن لـ"سكاي نيوز عربية" التأكد من صحة الشريط من مصدر مستقل.
في غضون ذلك، أعلن ضابطان في القوات الجوية السورية انشقاقهما عن الجيش، وأقدما على اللجوء إلى تركيا لينضما إلى مئات العسكريين الذين انشقوا عن دمشق، حيث أفاد دبلوماسي تركي، طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة "فرانس برس"، الجمعة، إن "ضابطين برتبة لواء طيار وصلا إلى تركيا، حيث لحقا بالعشرات من كبار الضباط السوريين، منهم حوالي 40 برتبة لواء، إلى تركيا حتى الآن، واجتاز الضابطان المنشقان الحدود التركية السورية مع العشرات من الجنود السوريين الآخرين وعائلاتهم عند قرية ريحانلي الحدودية في محافظة هاتاي، وستنقل السلطات التركية هؤلاء العسكريين المنشقين إلى معسكر للاجئين في هاتاي أيضًا، يضم جميع الجنود السوريين الذين انشقوا عن الجيش الحكومي".
وانشق في وقت سابق، قائد الشرطة العسكرية السورية اللواء عبدالعزيز جاسم الشلال، ولجأ إلى تركيا مع عائلته، في حين ترفض السطات التركية تقديم معلومات دقيقة عن هويات الجنود السوريين اللاجئين في تركيا، الذين يقاتلون مع الجيش الحر ضد القوات الحكومية، حيث تستضيف حوالي 148 ألف لاجئ سوري في عدد من المخيمات في جنوب شرقي الأناضول المتاخم لسورية.
على الصعيد ذاته، أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أن اجتماعًا للجهات المانحة لسورية سينعقد في 30 كانون الثاني/يناير المقبل، برئاسة أمينها العام بان كي مون في الكويت، لجمع المزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين السوريين، حيث قال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية مارتن نيسيركي نقلاً عن بان، في بيان له، إنه "على الأسرة الدولية بذل مزيد من الجهود لتخفيف معاناة ملايين الأشخاص في سورية والبلدان المجاورة"، فيما أعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، الإثنين، عن هذا الاجتماع للمانحين من دون تحديد موعد عقده.
وأكد نيسيركي أن "بان قلق للغاية إزاء التدهور السريع للوضع الإنساني في سورية، وأن هذا الشتاء تكافح أسر كثيرة من أجل الدفء من دون ملاجئ وملابس مناسبة ووقود للتدفئة، وأن الأطفال يشكلون أكثر من نصف المدنيين المتضررين من هذه الأزمة، وأن الاجتماع سيشكل المناسبة المنتظرة للبحث في نقص التمويل للمساعدات الإنسانية في سورية"، موضحًا أن وكالات الأمم المتحدة بحاجة إلى 1.5 مليار دولار لتوفير التمويل الكافي حتى حزيران/يونيو المقبل، لمساعدة ما يصل إلى مليون لاجئ سوري، إلى جانب 4 ملايين سوري تضرروا في النزاع لكنهم لم يغادروا بلدهم، حيث سجلت المفوضية العليا للاجئين التابعة للمنظمة أكثر من 500 ألف لاجئ سوري، وباتت تتوقع أن يصل عدد هؤلاء إلى مليون بحلول حزيران/يونيو 2013، أي ما يقارب 4.4 % من عدد سكان سورية قبل الأزمة.
في سياق متصل، أعلن زعيم "جبهة النصرة" الإسلامية المسلحة الشيخ أبو محمد الجولاني، بوضوح للمرة الأولى، أن "الجبهة تعمل على إرساء حكم الشورى الإسلامي وتنظيم الحياة في سورية، استعدادًا لملء الفراغ بعد انهيار حكومة الرئيس السوري بشار الأسد"، مضيفًا في كلمة مسجلة بثتها "مؤسسة المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي" التي تتولى عادة نشر أشرطة وبيانات الجبهة على شبكة الإنترنت، إن "مرحلة انهيار السلطة تترك فراغًا أنتم خير من يملأه"، موجهًا خطابه لأعضاء الجبهة.
وقال الشيخ الجولاني، متوجها إلى "أهل الشام"، "فديناكم بأرواحنا ودمائنا، قدمنا لكم دماءنا ذودًا عن دينكم وعرضكم ودمائكم، ولا نزال ندفع بأنفسنا واحدًا تلو الآخر ليعود لأهل الشام عزهم وخيرهم الذي فُقد منهم، إلى أن ينعموا تحت راية الحق، راية لا إلا الله وتُبسط الشورى بينهم"، مضيفًا "الحذر الحذر إخواني الأعزاء أن نحبط آمال المسلمين الذين وضعوا ثقتهم أمانة في أعناقنا جميعًا، وأذكر نفسي وإياكم بالدماء الطاهرة الذكية التي روت أرض الشام، خلاصًا من (الطاغية) بشار من أن تذهب هدرًا"، مشيرًا إلى أن "(جبهة النصرة) في الشام، أصبحت معادلة يصعب على الغرب حلها وفهم طبيعتها واستقاء المعلومات اللازمة عنها طيلة العام والنصف الماضيين".
وتوجه الجولاني في التسجيل المنشور على موقع "يوتيوب"، "بالشكر الجزيل لأهلنا وأحبابنا الذين نزلوا الساحات مستنكرين قرار إدراجنا تحت قائمة الإرهاب"، مضيفًا "ما بذلت هذه الدماء لتخرج من ظلم النظام النصيري لتتيه في ظلمات النظام الغربي، فلا يقطفن ثمار التضحيات غير زارعيها"، لافتًا إلى أن "الجبهة ليست حزبًا سياسيًا بل جبهة تعني بشؤون المسلمين عمومًا"، طالبًا منهم الاهتمام بشؤون الناس الحياتية وتوفير الأمن لهم ومعاملتهم بشكل جيد، داعيًا إلى "إعانة الناس وإدارة الأفران والمخابز وتوزيع الوقود وتوفير أسس المستوصفات وإعادة الإعمار ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً، وتوفير الأمن للناس وإنشاء مراكز إصلاح ذات البين والفصل في النزاعات، والحفاظ على طيب العلاقة مع الجماعات الأخرى (المقاتلة) وحسن معاملتهم وغض الطرف عن أخطائهم".
من جهة ثانية، حمل الجولاني على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، متهمًا إياهما بـ "مد عمر النظام السوري"، مضيفًا "إن للناس يفهمون أن الدعم الأميركي والدولي المتواصل مد في عمر هذا النظام، بإعطاء المهل وإرسال المراقبين والسعي بالهدن"، معتبرًا أن "أميركا تنفس عن غيظها وتعبر عن فشل دورها في المنطقة وذلك بوضع (جبهة النصرة) على قائمة الإرهاب جزاء لها على معونتها لهذا الشعب"، قائلاً أنه "آن زوال (عصبة) بشار على أيدي المجاهدين الأطهار وبعد أن بدأ فجر النصر يبزغ من جديد".
ولا يُعرف الكثير عن "جبهة النصرة" التي ظهرت بعد وقت قصير على بدء النزاع في سورية قبل حوالي سنة ونصف السنة، إلا أنها باتت، بحسب تقارير من داخل سورية، منتشرة على كل الجبهات تقريبًا، وقد تبنت العديد من العمليات العسكرية والتفجيرات ضد مراكز أمنية وتجمعات للجيش السوري، وتقول واشنطن التي أدرجت أخيرًا الجبهة على لائحتها للمنظمات الإرهابية، أن "النصرة" مرتبطة بتنظيم "القاعدة" في العراق، وهي تتألف من غالبية من السوريين، لكن بين أعضائها أيضا جهاديين أجانب من جنسيات مختلفة.
ويقول مدير مجموعة الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط "غريمو"، الباحث في الشؤون السورية فابريس بالانش، "لم تأت (النصرة) إلى سورية لتنسحب مع سقوط بشار الأسد، لطالما كانت واضحة في نواياها، إنهم سلفيون ويريدون إرساء الخلافة الإسلامية، وأنها بدفع من الانتصارات التي حققتها على الأرض، باتت تظهر أكثر للعلن، وهي تستثمر القرار الأميركي بإدراجها على لائحة الإرهاب كونه حقق لها تعاطفًا بين الناس".
من جانبها، نقلت صحيفة "الحياة" عن مصادر دبلوماسية قولها، إن "موافقة روسيا وأميركا على مبادرة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، يعني صدورها في قرار دولي بموجب الفصل السادس، يتضمن عددًا من العناصر بينها نشر قوات حفظ سلام دولية لمراقبة وقف العنف ودعم تنفيذ الخطة الانتقالية"، مشيرة إلى أن "الإبراهيمي سيلتقي مساعدي وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز والروسي ميخائيل بوغدانوف، في جنيف بداية العام المقبل، للبحث في صياغة (جنيف 2) الذي يستند إلى خطوات تنفيذية لبيان جنيف الذي صدر باتفاق ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومجموعة الاتصال في نهاية حزيران/يونيو الماضي"، لافتة إلى أن "هذه المقترحات التنفيذية ستنطلق من صندوق الأدوات الموجود لدى الإبراهيمي وفيه بيان جنيف وخطة المبعوث السابق كوفي أنان وقرارات الجامعة العربية، بحيث تتضمن قوانين جديدة للعمل السياسي في سورية وتمهد لانتخابات برلمانية"، فيما توقعت المصادر ذاتها "صدور قرار دولي في بداية شباط/فبراير المقبل، في حال جرى التوافق الروسي ـ الأميركي، وتم دعمه بتوافق الدول الدائمة العضوية وعدد من دول المنطقة.
وصرح دبلوماسي روسي لـ"الحياة"، بأن "دمشق تعتزم إطلاق مبادرة ردًا على عرض مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحية، وأن المبادرة تشتمل على دعوة واسعة لحوار وطني قد يديره نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، ويستهدف تحديد آليات لتشكيل الحكومة الانتقالية والوصول إلى انتخابات بعد تهدئة الموقف الميداني ووقف إطلاق النار".
ولفت الدبلوماسي إلى أن "نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الذي أجرى محادثات الخميس مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أبلغ موسكو أن القيادة السورية لديها تحفظات على اقتراح الإبراهيمي، وأن بلاده تعتزم الرد على الاقتراحات قريبًا، عبر إعلان مبادرة لحوار موسع يحضره كل الأفرقاء"، مشيرًا إلى أن "موسكو ليست واثقة من وجود أرضية واقعية لإنجاح حوار من هذا النوع
أرسل تعليقك