سوريون من مناصري المعارضة يتظاهرون ضد الرئيس بشار الأسد في عمان
دمشق ـ جورج الشامي
واصلت قوات الجيش السوري قصفها لعدد من المدن السورية، السبت، مستخدمة الطيران الحربي والمدفعية وراجمات الصواريخ، ما أسفر عن سقوط 144 قتيلاً، في حين تجددت الاشتباكات الدائرة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في أماكن متفرقة ومحافظات مختلفة، واستشهد قائد كتيبة مقاتلة
في اشتباكات ريف إدلب، بينما طلب الرئيس السوري بشار الأسد من دول الـ"بريكس"، وهي مجموعة تضم الاقتصاديات الكبرى الناشئة (البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا) التدخل من أجل وقف العنف في بلاده، فيما أكد الرئيس اللبناني على وجوب التزام كل الأطراف في لبنان الحياد و"عدم إرسال مسلحين إلى سورية وعدم استقبالهم".
وتحدثت تقارير صحافية عن أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" تحضر لتوجيه ضربات للـ"إسلاميين" في سورية، باستخدام طائرات من دون طيار، فيما اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على تأجيل البت في مسألة رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، حتى نهاية أذار/مارس الجاري، في الوقت الذي أعلن فيه القنصل السوري لدى كوبا هيثم حميدان انشقاقه عن حكومة الأسد.
فيما دعت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر توريد الأسلحة لمساعدة مقاتلي المعارضة، في غضون ذلك واصلت دمشق عبر إعلامها الرسمي حملتها على سعي بعض الغربيين إلى تزويد المعارضة السورية بالسلاح، معتبرة أنها "لعبة قذرة"، في سياق آخر شهدت باريس تظاهرة منددة بالحكومة السورية و"مجازرها" وبعجز الأمم المتحدة عن وضع حد للنزاع السوري المستمر.
وقالت بثينة شعبان، في اتصال هاتفي لوكالة فرانس برس، بعد توارد أنباء عن انشقاقها، "سلمت رسالة، السبت، من الرئيس بشار الأسد إلى الرئيس جاكوب زوما، الذي سيرأس في 26 آذار/مارس الجاري قمة البريكس، تتناول الوضع في سورية".
وأكدت شعبان أن زوما "بدا متجاوبًا خلال الاجتماع، وأبدى أسفه للدمار الذي يصيب بلدنا الجميل"، موضحة أنها زارت، في الإطار ذاته، روسيا والصين والبرازيل والهند، وستعود إلى سورية في غضون أيام.
في محافظة إدلب استشهد شابة وطفل نتيجة قصف القوات الحكومية لبلدة خان السبل في ريف إدلب، كما قال قائد كتيبة معارضة في الاشتباكات الدائرة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في محيط معسكر الحامدية في ريف إدلب.
وفي محافظة درعا، قتل مقاتل من الكتائب المقاتلة في الاشتباكات الدائرة بين القوات الحكومية ومقاتلي الكتائب المعارضة في منطقة اللجاة في ريف درعا.
وفي محافظة حلب سقطت قذائف هاون عدة على حي حلب الجديدة، ولم ترد معلومات عن سقوط ضحايا، كما تدور اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في محيط بلدة خان طومان، وأنباء عن سيطرة مقاتلو الكتائب المقاتلة على مدرسة الحكمة القريبة من المستودعات، واستشهاد قائد كتيبة من الكتائب المقاتلة في الاشتباكات، كما انسحبت القوات الحكومية من غرب بلدة القبتين في ريف حلب، بعد اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في المنطقة، وإعطاب دبابة للقوات الحكومية وخسائر بشرية في صفوف القوات الحكومية.
وفي دمشق تجددت الاشتباكات العنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة عند أطراف مخيم اليرموك، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
وفي حمص، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في حاجز مساكن الضبعة على الطريق الواصل بين قرية الضبعة ومدينة القصير، وأنباء عن سيطرة مقاتلي المعارضة على الحاجز، ومقتل ضابط من القوات الحكومية برتبة رائد، وأسر وجرح عناصر من الحاجز وسيطرة المقاتلين على عربة ناقلة جنود.
كما تجدد القصف على أحياء مدينة دير الزور، وسط اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة في محيط مبنى التأمينات في حي الحويقة، ما أدى لسقوط مقاتل من مدينة دير الزور، وعدد من الجرحى.
وطلب الرئيس السوري بشار الأسد من دول الـ"بريكس" التي تعقد اجتماعًا في جوهانسبورغ بعد عشرة أيام التدخل من أجل وقف العنف في بلاده، وذلك في رسالة سلمتها مستشارته بثينة شعبان لرئيس جنوب أفريقيا.
ولفتت شعبان إلى أن الأسد "يطالب في رسالته بتدخل مجموعة البريكس من أجل التوصل إلى وقف العنف في بلاده، والمساعدة على إقامة الحوار (الوطني) الذي يرغب في بدئه".
وتضم مجموعة "البريكس" الاقتصاديات الكبرى الناشئة (البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا)، وقد امتنعت الدول الأعضاء في هذه المجموعة عن التصويت في مجلس الأمن خلال جلسة إقرار التدخل العسكري في ليبيا. وأوضحت شعبان أنها زارت في الإطار نفسه روسيا والصين والبرازيل والهند، وستعود إلى سورية في غضون أيام.
دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر يفرضه الاتحاد على توريد الأسلحة إلى سورية لمساعدة مقاتلي المعارضة، وشككت في مدى تأثير مثل هذه الخطوة على المحاولات الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية هناك.
وأكدت على ضرورة أن يتشاور الاتحاد الأوروبي مع الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي ورئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب بشأن مدى تأثير رفع الحظر على جهودهما الرامية لبدء المحادثات لإنهاء الأزمة السورية.
وذكرت أشتون خلال مؤتمر نظمه صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، وهي مؤسسة معنية بتعزيز التعاون عبر الأطلسي "ما ينبغي علينا التأكد منه هو ألا يزيد أي شيء نقوم به من صعوبة ذلك (العمل)".
وقادت ألمانيا جبهة معارضة الخطوة الفرنسية البريطانية الرامية لرفع الحظر من أجل مساعدة مقاتلي المعارضة، بعد عامين من الحرب الأهلية، التي أودت بحياة 80 ألف شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي السابق ألان جوبيه أن "من حق فرنسا وبريطانيا طرح مشكلة" احتمال تسليم أسلحة للمقاتلين المعارضين للحكومة السورية.
وقال جوبيه على هامش تدشين جسر جديد في بوردو جنوب غربي فرنسا "عملنا طيلة عامين كل ما في وسعنا لإيجاد مخرج دبلوماسي لهذا النزاع، لكننا لم ننجح". وأضاف جوبيه "ينبغي التحرك، وأعتقد أن من حق فرنسا وبريطانيا طرح المشكلة"، ملاحظًا أنه "قرار صعب وخطير وينطوي على مجازفة"، منبهًا إلى أن "مجموعات متطرفة هي في صفوف هذه المعارضة وقد أحرزت تقدماً بسبب هذه المأساة. لهذا السبب ينبغي إبداء انتباه كبير ومخاطبة من هم قادرون في الائتلاف الوطني السوري على أن يكونوا محاورين مسؤولين".
ورأى أن تسليح المقاتلين السوريين المعارضين سيتيح "إعادة التوازن بعض الشيء إلى الأمور بين الحكم الذي تزوده روسيا وإيران أسلحة ثقيلة والمعارضة التي تقاتل بأسلحة خفيفة".
وواصلت دمشق عبر إعلامها الرسمي، السبت، حملتها على سعي بعض الغربيين إلى تزويد المعارضة السورية بالسلاح، معتبرة أنها "لعبة قذرة"، وغداة إعلان الاتحاد الأوروبي، بضغط فرنسي، انه سيحاول التوصل الأسبوع المقبل إلى "موقف مشترك" في مسألة تزويد المعارضة السورية بالأسلحة، حملت صحيفة "الثورة" الحكومية السورية الصادرة، السبت، على إعلان لندن وباريس استعدادهما لتسليح المعارضة حتى من دون موافقة الاتحاد.
وقالت إن "الإعلان الفرنسي البريطاني بتزويد المجموعات الإرهابية بالسلاح بشكل منفرد وبمعزل عن موافقة الاتحاد الأوروبي، ليس حالة تمرد على قرارات الاتحاد، وليس عصيانًا للسيد الأميركي"، لكنه "إعلان صريح عن الدخول في لعبة توزيع أدوار قذرة".
ورأت أن "محور رعاة الإرهاب الدولي الممتد من واشنطن إلى لندن وباريس وأنقرة والدوحة والرياض لا يريد لطاولة الحوار السوري السوري أن تلتئم، ولا يريد للأزمة أن تنتهي"، وفي مكان آخر، كتبت "الثورة" أن أوروبا "تقدم صورة نمطية من العودة إلى منطق الاستعمار"، مضيفة "المفارقة أن أحدًا لا يستطيع أن يقتنع أنه يمكن لفرنسا وبريطانيا أن ترسما خطًا في السياسة أو في غيرها خارج الحسابات الأميركية".
وأكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان على وجوب التزام كل الأطراف في لبنان الحياد و"عدم إرسال مسلحين إلى سورية وعدم استقبالهم"، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، السبت.
جاء ذلك عقب تسليم دمشق لبنان مذكرة تهدد فيها بقصف "تجمعات مسلحين" في الأراضي اللبنانية إذا استمر تسلل المسلحين من لبنان إلى الأراضي السورية.
ووفق ما ذكر البيان قال سليمان "إن الحفاظ على الاستقرار في لبنان يفترض علينا جميعا ألا نرسل مسلحين إلى سورية ولا نستقبلهم. يجب علينا أن نلتزم الحياد".
وأضاف سليمان أنه تم تكليف الجيش اللبناني بـ"قمع وتوقيف أي مسلح موجود لهدف المحاربة، إن كان من المعارضة السورية أو من غير المعارضة".
وشهدت باريس تظاهرة منددة بالحكومة السورية و"مجازرها"، وبعجز الأمم المتحدة عن وضع حد للنزاع السوري المستمر، وذلك في الذكرى الثانية لاندلاع هذا النزاع.
وهتف ما بين 200 و300 متظاهر انطلقوا من ساحة الجمهورية حاملين أعلامًا سورية "بشار، ارحل، سورية ليست ملكًا لك"، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
وتقدمت المسيرة شاحنة علقت عليها لافتة حملت عبارة "لماذا يصمت مجلس الأمن الدولي والضمير العالمي عن المجازر التي لا نهاية لها لنظام الأسد؟".
ووجه أحد المتظاهرين تحية إلى المصور الفرنسي أوليفييه فوازان (38 عامًا) الذي قتل متأثرًا بجروح أصيب بها خلال إجرائه تحقيقًا في سورية، والى "أكثر من 120 صحافيًا ومصورًا قتلوا" في هذا النزاع، وحمل لافتة كتب عليها أن "عين الحقيقة لا تموت".
وشارك ممثلون لمنظمة العفو الدولية ولأحزاب اليسار الفرنسي في التحرك، وذلك بعد 24 ساعة على تظاهرة مماثلة في العاصمة الفرنسية طالب فيها نحو ألف شخص بوقف "المجازر" في سورية.
وأفادت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "CIA" تجمع المعلومات عن "الإسلاميين المتطرفين" في سورية، بغية دراسة إمكان توجيه ضربات إليهم، باستخدام طائرات من دون طيار، في مرحلة لاحقة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، حاليين وسابقين، أن "الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يسمح بتوجيه أي ضربات في سورية، والأمر ليس مطروحًا"، لكن الـ "CIA"، التي تدير برامج الطائرات من دون طيار، التي تستهدف الناشطين في باكستان واليمن، قامت بتغييرات في صفوف الضباط المسؤولين عن توجيه الضربات، لتحسين جمع المعلومات عن الناشطين في سورية، حيث شَكَلَ هؤلاء الضباط وحدات مع زملائهم، الذين كانوا يطاردون ناشطي "القاعدة" في العراق.
وأضافت الصحيفة أن "الناشطين القدامى في العراق انتقلوا على الأرجح إلى سورية، والتحقوا بالمليشيات التي تقاتل الحكومة هناك"، لافتة إلى أن "الضباط المكلفين التركيز على سورية، يتمركزون في مقر وكالة الاستخبارات المركزية في لانغلي في ولاية فرجينيا".
وتابعت "لوس أنجلوس تايمز" أن "الوكالة تعمل بشكل وثيق مع الاستخبارات السعودية والأردنية، وغيرها من أجهزة استخبارات المنطقة، الناشطة في سورية"، موضحة أن "هذه الاستعدادات تأتي مع تزايد انتصارات المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، في سورية"، مؤكدة أن "وزارة الخارجية الأميركية تعتقد أن واحدة من أقوى مليشيات المعارضة السورية (وهي جبهة النصرة) هي منظمة إرهابية، لا يمكن تمييزها عن تنظيم القاعدة في العراق".
واعتبر "الائتلاف الوطني" السوري المعارض، في بيان له، أن "السوريين حققوا على مدى عامين إنجازات مهمة"، مشيرًا إلى أن "السوريين كانوا يعلمون أن الطريق لن يكون سهلاً، وأن حافزهم الأكبر، الذي يجدد العزم ويشد الهمم، كان الإيمان الكامل بأنهم سيحققون ما خرجوا من أجله، كاملاً غير منقوص"، وأضاف البيان "لقد مر السوريون خلال عامين كاملين بتحديات هائلة، لكنهم حققوا إنجازات هامة على الصعيد السياسي والمدني والعسكري والإغاثي، ولا تزال أمام السوريين مهام كبرى، لن تزداد معها العزائم إلا إصرارًا على إسقاط الحكومة، وإقامة سورية الجديدة".
أرسل تعليقك