دمار في حمص نتيجة قصف الجيش السوري
دمشق - جورج الشامي
وثقت لجان التنسيق المحلية السورية، مع انتهاء السبت، 144 قتيلاً، بينهم ستة عشر سيدة، وثلاثة عشر طفلاً، فيما اشتبك الجيش السوري "الحر" مع القوات الحكومية في 120 نقطة، قام من خلالها بالسيطرة على حاجز الضبعة في ريف حمص، وصد محاولات الحكومة اقتحام أحيائها المحاصرة، وتمكن "الحر" في ريف دمشق
من السيطرة على فرع الإسكان العسكري في خان الشيح، واستهدف حاجز قوات الحكومة في حي تشرين، وفرع المخابرات الجوية في حرستا، واستمر في حصار اللواء 39 في مدينة درعا.
وواصلت قوات الجيش السوري قصفها لعدد من المدن السورية، السبت، مستخدمة الطيران الحربي والمدفعية وراجمات الصواريخ، في حين تجددت الاشتباكات الدائرة بين القوات الحكومية ومقاتلي الكتائب المقاتلة في أماكن متفرقة ومحافظات مختلفة، بينما طلب الرئيس السوري بشار الأسد من دول الـ"بريكس"، وهي مجموعة تضم الاقتصاديات الكبرى الناشئة (البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا)، التدخل من أجل وقف العنف في بلاده، فيما أكد الرئيس اللبناني على وجوب التزام كل الأطراف في لبنان الحياد و"عدم إرسال مسلحين إلى سورية وعدم استقبالهم".
وتحدثت تقارير صحافية عن أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" تحضر لتوجيه ضربات لـ"الإسلاميين" في سورية، باستخدام طائرات دون طيار، فيما اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على تأجيل البت في مسألة رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، حتى نهاية أذار/مارس الجاري، في الوقت الذي أعلن فيه القنصل السوري لدى كوبا هيثم حميدان انشقاقه عن نظام الأسد.
فيما دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر توريد الأسلحة لمساعدة مقاتلي المعارضة، في غضون ذلك واصلت دمشق عبر إعلامها الرسمي حملتها ضد سعي بعض الغربيين إلى تزويد المعارضة السورية بالسلاح، معتبرة أنها "لعبة قذرة".
في سياق آخر شهدت باريس تظاهرة منددة بالحكومة السورية و"مجازرها"، وبعجز الأمم المتحدة عن وضع حد للنزاع السوري المستمر.
وقالت بثينة شعبان، في اتصال هاتفي لوكالة فرانس برس، بعد توارد أنباء عن انشقاقها، "سلمت رسالة، السبت، من الرئيس بشار الأسد إلى الرئيس جاكوب زوما، الذي سيرأس في 26 آذار/مارس الجاري قمة البريكس، تتناول الوضع في سورية".
وأكدت شعبان أن زوما "بدا متجاوبًا خلال الاجتماع، وأبدى أسفه للدمار الذي يصيب بلدنا الجميل"، موضحة أنها زارت، في الإطار ذاته، روسيا والصين والبرازيل والهند، وستعود إلى سورية في غضون أيام.
وتوزع القتلى كالآتي: 41 في دمشق وريفها، 26 في حلب، 20 في درعا، 15 في الرقة، 17 في إدلب، 12 في حمص، 8 في حماه، 3 في دير الزور، و2 في الحسكة.
ووثقت اللجان 341 نقطة قصف في مختلف المدن والبلدات السورية، حيث سُجل قصف الطيران الحربي في أربعة نقاط، كان أعنفها في الرقة وإدلب، والقصف بصواريخ سكود سُجل في خمسة نقاط، أما القصف بصواريخ أرض أرض فسجل في نقطتين، والقصف بقذائف الهاون سجل في 131 نقطة، أما القصف المدفعي فقد سجل في 125 نقطة، والقصف الصاروخي سجل في 75 نقطة في مختلف المناطق السورية.
وصد الجيش "الحر" محاولات قوات الحكومة لليوم الرابع والعشرين بعد المائة لاقتحام داريا، وفي حلب تمكن من السيطرة على محطة المنارة قرب مطار حلب الدولي، وفي دير الزور استهدف مقر قوات الحكومة قرب مشفى الفرات، ودمر آليات عدة ومدرعات لقوات الحكومة في مدن سورية مختلفة.
في حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن محافظة حلب تشهد اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب والقوات الحكومية عند أطراف قرية قبتين في ريف مدينة السفيرة، بينما يستمر القصف من قبل القوات الحكومية على مدينة السفيرة، كما سقط عدد من الجرحى جراء القصف الذي تعرضت إليه مدينة إعزاز، في حين تعرضت بلدة بيانون للقصف، ما أدى إلى أضرار مادية.
أما ريف دمشق، فأكد المرصد أن اشتباكات تدور بين مقاتلين من الكتائب المعارضة والقوات الحكومية عند أطراف مدينة زملكا من جهة المتحلق الجنوبي، يرافقها قصف من قبل القوات الحكومية على المنقطة، فيما تعرضت بلدات ومدن الزبداني ودير العصافير وشبعا للقصف من قبل القوات الحكومية.
وفي درعا، تعرضت بلدات النعيمة والشيخ مسكين في ريف درعا إلى قصف من قبل القوات الحكومية، كما تدور اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي الكتائب المقاتلة في بلدة الغارية الغربية، وسط قصف مدفعي عنيف على البلدة، ما أدى إلى إعطاب عربة ناقلة جنود ودبابة للقوات الحكومية، وخسائر بشرية في صفوفها، حسب ما ذكر المرصد.
في حين تعرضت بلدتا سراقب وبنش في ريف إدلب إلى قصف من قبل القوات الحكومية، كما استهدفت القوات الحكومية سيارة عند مبنى أمن الدولة، في مدينة معرة النعمان، الذي يسيطر عليه مقاتلو الكتائب المعارضة، من خلال قذيفة مدفعية.
وفي حمص انشق نحو 20 جنديًا من القوات الحكومية في مدينة تدمر، واتجهوا إلى منطقة البساتين، في المدينة التي تعرضت إلى القصف العنيف من قبل القوات الحكومية، بعد اشتباكات مع مقاتلين من الكتائب عند محيط منطقة البساتين، ولا تزال الاشتباكات مستمرة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة داخل حي بابا عمرو في مدينة حمص.
وطلب الرئيس السوري بشار الأسد من دول الـ"بريكس"، التي تعقد اجتماعًا في جوهانسبورغ، بعد عشرة أيام، التدخل من أجل وقف العنف في بلاده، وذلك في رسالة سلمتها مستشارته بثينة شعبان لرئيس جنوب أفريقيا.
ولفتت شعبان إلى أن الأسد "يطالب في رسالته بتدخل مجموعة البريكس من أجل التوصل إلى وقف العنف في بلاده، والمساعدة على إقامة الحوار (الوطني) الذي يرغب في بدئه"، وقد امتنعت الدول الأعضاء في هذه المجموعة عن التصويت في مجلس الأمن، أثناء جلسة إقرار التدخل العسكري في ليبيا.
وأوضحت شعبان أنها زارت في الإطار نفسه روسيا والصين والبرازيل والهند، وستعود إلى سورية في غضون أيام.
دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر يفرضه الاتحاد على توريد الأسلحة إلى سورية لمساعدة مقاتلي المعارضة، وشككت في مدى تأثير مثل هذه الخطوة على المحاولات الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية هناك.
وأكدت على ضرورة أن يتشاور الاتحاد الأوروبي مع الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي ورئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب بشأن مدى تأثير رفع الحظر على جهودهما الرامية لبدء المحادثات لإنهاء الأزمة السورية.
وذكرت أشتون، أثناء مؤتمر نظمه صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، وهي مؤسسة معنية بتعزيز التعاون عبر الأطلسي، "ما ينبغي علينا التأكد منه هو ألا يزيد أي شيء نقوم به من صعوبة ذلك العمل".
وقادت ألمانيا جبهة معارضة الخطوة الفرنسية البريطانية، الرامية لرفع الحظر من أجل مساعدة مقاتلي المعارضة، بعد عامين من الحرب الأهلية، التي أودت بحياة 80 ألف شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي السابق آلان جوبيه أن "من حق فرنسا وبريطانيا طرح احتمال تسليم أسلحة للمقاتلين المعارضين للحكومة السورية"، وقال، على هامش تدشين جسر جديد في بوردو جنوب غربي فرنسا، "عملنا طيلة عامين كل ما في وسعنا لإيجاد مخرج دبلوماسي لهذا النزاع، لكننا لم ننجح".
وأضاف جوبيه "ينبغي التحرك، وأعتقد أن من حق فرنسا وبريطانيا طرح المشكلة"، ملاحظًا أنه "قرار صعب وخطير وينطوي على مجازفة"، منبهًا إلى أن "مجموعات متطرفة هي في صفوف هذه المعارضة، وقد أحرزت تقدمًا لسبب هذه المأساة، لذا ينبغي إبداء انتباه كبير، ومخاطبة من هم قادرون في الائتلاف الوطني السوري على أن يكونوا محاورين مسؤولين".
ورأى أن تسليح المقاتلين السوريين المعارضين سيتيح "إعادة التوازن بعض الشيء إلى الأمور بين الحكم الذي تزوده روسيا وإيران أسلحة ثقيلة والمعارضة التي تقاتل بأسلحة خفيفة".
وواصلت دمشق عبر إعلامها الرسمي، السبت، حملتها ضد سعي بعض الغربيين إلى تزويد المعارضة السورية بالسلاح، معتبرة أنها "لعبة قذرة"، وغداة إعلان الاتحاد الأوروبي، بضغط فرنسي، أنه سيحاول التوصل الأسبوع المقبل إلى "موقف مشترك" في مسألة تزويد المعارضة السورية بالأسلحة، حملت صحيفة "الثورة" الحكومية السورية الصادرة، السبت، على إعلان لندن وباريس استعدادهما لتسليح المعارضة، حتى دون موافقة الاتحاد.
وقالت إن "الإعلان الفرنسي البريطاني بتزويد المجموعات الإرهابية بالسلاح بشكل منفرد وبمعزل عن موافقة الاتحاد الأوروبي، ليس حالة تمرد على قرارات الاتحاد، وليس عصيانًا للسيد الأميركي"، لكنه "إعلان صريح عن الدخول في لعبة توزيع أدوار قذرة".
ورأت أن "محور رعاة الإرهاب الدولي الممتد من واشنطن إلى لندن وباريس وأنقرة والدوحة والرياض لا يريد لطاولة الحوار السوري السوري أن تلتئم، ولا يريد للأزمة أن تنتهي"، وفي مكان آخر، كتبت "الثورة" أن أوروبا "تقدم صورة نمطية من العودة إلى منطق الاستعمار"، مضيفة "المفارقة أن أحدًا لا يستطيع أن يقتنع أنه يمكن لفرنسا وبريطانيا أن ترسما خطًا في السياسة أو في غيرها خارج الحسابات الأميركية".
وأكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان على وجوب التزام كل الأطراف في لبنان الحياد و"عدم إرسال مسلحين إلى سورية وعدم استقبالهم"، حسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، السبت.
جاء ذلك عقب تسليم دمشق لبنان مذكرة تهدد فيها بقصف "تجمعات مسلحين" في الأراضي اللبنانية إذا استمر تسلل المسلحين من لبنان إلى الأراضي السورية.
ووفق ما ذكر البيان قال سليمان "إن الحفاظ على الاستقرار في لبنان يفرض علينا جميعًا ألا نرسل مسلحين إلى سورية، ولا نستقبلهم، يجب علينا أن نلتزم الحياد".
وأضاف سليمان أنه تم تكليف الجيش اللبناني بـ"قمع وتوقيف أي مسلح موجود لهدف المحاربة، إن كان من المعارضة السورية أو من غير المعارضة".
وشهدت باريس تظاهرة منددة بالحكومة السورية و"مجازرها"، وبعجز الأمم المتحدة عن وضع حد للنزاع السوري المستمر، وذلك في الذكرى الثانية لاندلاع هذا النزاع.
وهتف ما بين 200 و300 متظاهر انطلقوا من ساحة الجمهورية حاملين أعلامًا سورية "بشار، ارحل، سورية ليست ملكًا لك"، في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
وتقدمت المسيرة شاحنة علقت عليها لافتة حملت عبارة "لماذا يصمت مجلس الأمن الدولي والضمير العالمي عن المجازر التي لا نهاية لها لنظام الأسد؟".
ووجه أحد المتظاهرين تحية إلى المصور الفرنسي أوليفييه فوازان (38 عامًا) الذي قتل متأثرًا بجروح أصيب بها خلال إجرائه تحقيقًا في سورية، وإلى "أكثر من 120 صحافيًا ومصورًا قتلوا" في هذا النزاع، وحمل لافتة كتب عليها أن "عين الحقيقة لا تموت".
وشارك ممثلون لمنظمة العفو الدولية ولأحزاب اليسار الفرنسي في التحرك، وذلك بعد 24 ساعة على تظاهرة مماثلة في العاصمة الفرنسية طالب فيها نحو ألف شخص بوقف "المجازر" في سورية.
وأفادت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "CIA" تجمع المعلومات عن "الإسلاميين المتطرفين" في سورية، بغية دراسة إمكان توجيه ضربات إليهم، باستخدام طائرات من دون طيار، في مرحلة لاحقة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، حاليين وسابقين، أن "الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يسمح بتوجيه أي ضربات في سورية، والأمر ليس مطروحًا"، لكن الـ "CIA"، التي تدير برامج الطائرات من دون طيار، التي تستهدف الناشطين في باكستان واليمن، قامت بتغييرات في صفوف الضباط المسؤولين عن توجيه الضربات، لتحسين جمع المعلومات عن الناشطين في سورية، حيث شَكَلَ هؤلاء الضباط وحدات مع زملائهم، الذين كانوا يطاردون ناشطي "القاعدة" في العراق.
وأضافت الصحيفة أن "الناشطين القدامى في العراق انتقلوا على الأرجح إلى سورية، والتحقوا بالمليشيات التي تقاتل الحكومة هناك"، لافتة إلى أن "الضباط المكلفين التركيز على سورية، يتمركزون في مقر وكالة الاستخبارات المركزية في لانغلي في ولاية فرجينيا".
وتابعت "لوس أنجلوس تايمز" أن "الوكالة تعمل بشكل وثيق مع الاستخبارات السعودية والأردنية، وغيرها من أجهزة استخبارات المنطقة، الناشطة في سورية"، موضحة أن "هذه الاستعدادات تأتي مع تزايد انتصارات المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، في سورية"، مؤكدة أن "وزارة الخارجية الأميركية تعتقد أن واحدة من أقوى مليشيات المعارضة السورية (وهي جبهة النصرة) هي منظمة إرهابية، لا يمكن تمييزها عن تنظيم القاعدة في العراق".
واعتبر "الائتلاف الوطني" السوري المعارض، في بيان له، أن "السوريين حققوا على مدى عامين إنجازات مهمة"، مشيرًا إلى أن "السوريين كانوا يعلمون أن الطريق لن يكون سهلاً، وأن حافزهم الأكبر، الذي يجدد العزم ويشد الهمم، كان الإيمان الكامل بأنهم سيحققون ما خرجوا من أجله، كاملاً غير منقوص"، وأضاف البيان "لقد مر السوريون خلال عامين كاملين بتحديات هائلة، لكنهم حققوا إنجازات هامة على الصعيد السياسي والمدني والعسكري والإغاثي، ولا تزال أمام السوريين مهام كبرى، لن تزداد معها العزائم إلا إصرارًا على إسقاط الحكومة، وإقامة سورية الجديدة".
أرسل تعليقك