أعلن الجيش السوداني الخميس، عزل رئيس الجمهورية عمر البشير، واعتقاله والتحفظ عليه في مكان آمن، استجابة لمطالب المتظاهرين، حيث أكد وزير الدفاع عوض بن عوف، في بيان عاجل للجيش بثه التلفزيون الرسمي، إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وحل البرلمان السوداني بمجلسيه، وتعطيل العمل بالدستور.
وكشف سياسيون ومحللون سودانيون كشفوا بعض الحيثيات، حيث قالت قمرية عمر، مقررة السكرتارية في تجمع المهنيين وإحدى قياديات إعلان الحرية والتغيير، قالت لموقع الحرة، "إن القيادات الوسيطة بالجيش هي المسؤولة عن التحرك الأخير، وهي من وقفت بجانب مطالب الشعب، وقامت بالضغط على القيادات العليا من أجل التغيير."
وأكدت قمرية أن ما حدث لم يتم بالتشاور مع المعارضة، وأن القيادات الوسيطة والعليا لم تتواصل مع أهم الفصائل السياسية التي تقف وراء الحراك الأخير، سواء قوى إعلان الحرية والتغيير، أو تجمع المهنيين السودانيين.
أقرأ أيضا :
أنباء عن اعتقال النائب السابق للبشير وإغلاق مطار الخرطوم
خلاف داخلي
وأكد الصحافي والمحلل السياسي، فيصل صالح أن بيان القوات المسلحة الذي صدر، هو نتاج قرار الأجهزة الأمنية، بقيادة وزير الدفاع عوض بن عوف، ورئيس الأركان كمال عبد المعروف، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وأضاف صالح أن "البيان العسكري تأخر إصداره، بسبب رفض القيادات الوسيطة في الجيش وجود بعض الأعضاء في المجلس العسكري المقرر له قيادة البلاد عقب عزل البشير، مثل الفريق عوض بن عوف، والفريق كمال عبد المعروف ضمن أعضائه، لاعتبارهما من وجوه المرحلة القديمة".
وأجمع المحلل السياسي السوداني، يوسف جلال، على أن القيادات العليا للجيش لم تتحرك إلا بعد ضغوط واسعة من القيادات الوسيطة، موضحًا أن هناك تسريبات عن خلاف على مكونات المجلس العسكري الذي سيحكم البلاد لفترة انتقالية تستمر عامين، وتوقع جلال أن توزع مقاعد المجلس على الأجهزة الأمنية كالتالي: ستة مقاعد للقوات المسحلة، ومقعدين لجهاز الأمن ومقعدين للشرطة ومقعدين للدعم السريع، مشيرًا إلى أن نقاشا داخليا في المجلس قد اندلع قبل إذاعة البيان، حول من سيرأس هذا المجلس، سواء إذا كان وزير الدفاع عوض بن عوف، أو رئيس الأركان كمال عبد المعروف.
أدلة المحاسبة
أما المحلل السياسي، عثمان ميرغني، فقد قال للحرة إن القيادات الوسيطة من رتبة عميد فما دون هي من ضغطت على القيادات العليا، باعتبارها محررة من الضغوط الهيكلية، بعكس القيادات العليا، مشيرًا إلى وجود مخاوف في الشارع من أن ما يحدث هو مجرد تحايل لاستمرار النظام بشكل آخر، مضيفا أن البيان الأول للمجلس العسكري يكشف عن طبيعة التشكيل السيادي والوزاري للبلاد خلال الفترة المقبلة.
ورأى "ميرغني" وبخصوص مداهمة قوات الجيش السوداني لمقر الحركة الإسلامية (الإخوان المسلمين بالسودان) المرتبطة بحزب المؤتمر الحاكم، أنها كانت بهدف حماية الأوراق والمستندات التي شرع أعضاء الحزب بحرقها وطمسها، لافتًا إلى أن المتظاهرين هم من بدأوا في اقتحام هذه المقرات من أجل حماية المستندات والأدلة التي ستكون من أهم ركائز عملية المحاسبة خلال الفترة القادمة، على اعتبار أن الحركة الإسلامية كانت ضالعة في كل ما حدث بالسودان خلال السنوات الماضية.
مكان إقامة البشير بعد تسليم السلطة للجيش
أكد مصدر سوداني مسؤول إن اتصالا جرى بين اللجنة الأمنية العليا والرئيس السوداني عمر البشير، الذي وافق على تسليم السلطة، بعدما أبلغته اللجنة بأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وأبلغ المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن البشير يوجد في منزله الخاص حاليا، بعدما جرى استبدال الحراسات الخاصة به بحراسات أخرى.
ومنذ الصباح الباكر، تتردد أنباء عن تنحي الرئيس السوداني عمر البشير وتسليم السلطة للجيش، فضلا عن وضعه تحت الإقامة الجبرية، كما ذكرت تقارير على وسائل إعلام عربية وأجنبية أن الجيش داهم المقر الرئيس للحركة الإسلامية المقربة من عمر البشير والحزب الحاكم، واعتقل قيادات عسكرية مقربة من الرئيس ومسؤوليين في الحزب.
وأوقفت هيئة الإذاعة والتلفزيون في السودان بث البرامج الاعتيادية وأعلنت انتظار بث بيان من القوات المسلحة ثم بدأت في بث أناشيد وأغان وطنية، فيما احتفل المتظاهرون والمعتصمون أمام المقر العام لقيادة الجيش الاحتفال بترديد الأناشيد والأغاني ورفع علامات النصر، حيث يعتصم آلاف المتظاهرين أمام مقرّ الجيش في الخرطوم منذ ستة أيام ويطالبون بانضمام الجيش الى مطلبهم الرئيس وهو تنحي عمر البشير بعد ثلاثين عاما في الحكم.
وبدأت المظاهرات في السودان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، للتنديد بالغلاء وتردي الأوضاع المعيشية، لكنها تطورت لاحقا إلى المطالبة بتنحي البشير، ولا يصر تجمع المهنيين، وهو أبرز تحالف معارض يقود تلك التظاهرات، على تنحي البشير فحسب، بل يطالب بتشكيل حكومة مدنية انتقالية، ويقول إن أي "انقلاب" عسكري جديد في السودان لن يحل الأزمة الراهنة، حيث تأسس تجمع المهنيين عام 2013 بعد الاحتجاجات التي عمت البلاد في سبتمبر/أيلول من ذلك العام، إلا أن الإعلان الرسمي عنه كان في أغسطس/آب 2018 في ظل تعتيم على أعضائه وهيئاته لأسباب أمنية.
الانقلاب والدعوة لاستمرار المظاهرات
وصف تجمع المهنيين السوداني بيان الجيش السوداني بـ"الانقلاب" ودعا لبقاء الجماهير في الشوارع، حيث جاء في بيان موقع من "قوى الحرية والتغيير" أن الجيش نفذا انقلابا عسكريا يعيد إنتاج النظام القديم والوجوه والمؤسسات التي ثار عليها "شعبنا العظيم".
وأضاف البيان أن "من دمر البلاد وقتل شعبها يسعى أن يسرق كل قطرة دم وعرق سكبها الشعب السوداني العظيم في ثورته التي زلزلت عرش الطغيان"، مشيرًا إلى أن قوى "الحرية والتغيير" ترفض ما ورد في البيان "الانقلابي"، داعيًا شعب السودان إلى "المحافظة على اعتصامه الباسل أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة وفي بقية الأقاليم وللبقاء في الشوارع في كل مدن السودان مستمسكين بالميادين والطرقات التي حررناها عنوة واقتدارا حتى تسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية تعبر عن قوى الثورة. هذا هو القول الفصل وموعدنا الشوارع التي لا تخون".
وأعلن الفريق أول عوض بن عوف وزير الدفاع ونائب الرئيس السوداني عمر البشير بيان القوات المسلحة باعتقال عمر البشير والتحفظ عليه في مكان آمن، وبدء الفترة الانتقالية لمدة عامين، حيث أكد "عوف" في بيان بثه التلفزيون السوداني، إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين في جميع أنحاء البلاد، وإعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر وحظر التجوال لمدة شهر من العاشرة مساء وحتى الرابعة صباحا، وتشكيل مجلس عسكري حاكم، وحل مؤسسة الرئاسة، وإعلان وقف إطلاق النار الشامل في كل أنحاء البلاد، ووضع دستور دائم للبلاد بنهاية الفترة الانتقالية.
وقد يهمك أيضاً :
الجيش السوداني يواجه ضغوط شعبية لإنهاء "عهد البشير" وسط تكهنات سياسية
أنباء عن تنحي الرئيس السوداني عمر البشير ووضعه تحت الإقامة الجبرية
أرسل تعليقك