الرئيس السوري بشار الاسد (يمين) مستقبلا امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي في دمشق
دمشق، بيروت ـ جورج الشامي، جورج شاهين
حصدت أعمال العنف في سورية، الإثنين، 21 قتيلاً في اشتباكات بين الجيشين الحر والحكومي في مختلف مناطق سورية، في الوقت الذي استولى فيه الجيش الحر على سد "البعث" الإستراتيجي الذي يختصر المسافة الواصلة بين الجبهة الشرقية والجبهة الغربية في سورية إلى 90 كيلومترًا فقط، بينما
حوّل الجيش السوري مطار دمشق الدولي إلى ثكنة عسكرية، في حين أصدر القضاء العسكري اللبناني، مذكرة توقيف غيابية بحق رئيس جهاز الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، في إطار التحقيق في قضية نقل متفجرات وأسلحة إلى لبنان.
ميدانيًا، أفادت مصادر المعارضة السورية، أن "21 قتيلاً سقطوا الإثنين، بينهم أربع أطفال، فيما تجددت الاشتباكات بين الجيش الحر والقوات الحكومية في محيط إدارة المركبات في ريف دمشق، وتحدث سكان العاصمة عن عودة التفجيرات إليها، وذلك بعد يوم من وقوع مجزرة في حلب ومقتل 140 شخصًا في مختلف أنحاء سورية، ففي دمشق انفجرت سيارة مفخخة في حي الميدان تحت جسر المتحلق قرب مطعم مونو، ولم ترد أنباء عن حدوث إصابات، في حين شهد حي القابون اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية عند محور المخفر وعلى مداخل الحي، وفي برزة استمر القصف العنيف على الحي بالتزامن مع اشتباكات عنيفة على اوتستراد برزة، وفي ريف دمشق سحبت قوات الجيش السوري دباباتها في دير عطية إلى منطقة خلف التمثال عند التلة المطلة على الأتوستراد، بالتزامن مع تحليق طيران الميغ فوقها لتغطية الانسحاب، وتجددت الاشتباكات العنيف في الكسوة بين الجيش الحر واللجان الشعبية في منطقة الطيبة وقتل ثلاثة من عناصر اللجان الشعبية، وفي حلب جرت اشتباكات عنيفة في محيط المخابرات الجوية في حيّ جمعية الزهراء، أما في دير الزور (الميادين) فاستشهدت طفلتان وجرح العديد من الأهالي جراء غارة جوية شنها طيران (الميغ) الحربي على المدينة، استهدف فيها إحدى المدارس التي تحوي لاجئين من المدينة، وفي الرقة اندلعت اشتباكات في محيط الفرقة 17 شمال المدينة، سيطر على إثرها الجيش الحر على مستودعات التسليح التابعة للفرقة".
وقال ممثل الهيئة العامة للثورة السورية، عمار الصادق، أن "الجيش السوري حوّل مطار دمشق الدولي إلى ثكنة عسكرية، في خطوة منافية للأعراف الدولية، في حين استولى الجيش الحر (المعارض) على سد (البعث) الواقع على نهر الفرات، وتمكن أفراده من الدخول إلى مبنى السد، وتأتي أهمية الاستيلاء على السد من كونه يختصر المسافة الواصلة بين الجبهة الشرقية والجبهة الغربية في سورية من 260 كيلومترًا إلى 90 كيلومترًا فقط، وتولى تنفيذ العملية كتيبة (أحرار الطبقة) و(جبهة النصرة)، وظهر في فيديو بث على (يوتيوب) عناصر الجيش السوري الحر وهم يحملون أسلحتهم ويرفعون علامة النصر داخل مبنى السد، فيما بدت صورة الرئيس السوري بشار الأسد معلقة على أحد الجدران، وقبيل اقتحام عناصر الجيش السوري الحر للموقع، أوضحت لقطات في الفيديو عمليات إطلاق نار تجري من موقع بعيد على المبنى الرئيسي للسد، ويقصف الجيش السوري المناطق المجاورة لموقع السد بانتظام، على الرغم من تحذير خبراء بأن سد (البعث) وسد (الثورة) لا يتحملان الاهتزازات الناتجة عن الانفجارات، وتتعرض المنطقة لخطر الغرق في حال تصدع (البعث)، مما يمكن أن يتسبب في اندفاع مفاجئ لحوالي مليون ونصف مليون متر مكعب من المياه".
وقد أفرجت المعارضة المسلحة السورية، الإثنين، عن 3 رهائن أحدهم إيطالي وآخرين روسيين كانوا مختطفين في سورية، فيما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن من وصفتهم بـ"متطرفين" سوريين أفرجوا عن روسيين اثنين وإيطالي كان قد اختطفوا في 12 كانون الأول/ديسمبر الماضي في سورية، مقابل الإفراج عن "مقاتلين". وأوضحت الوزارة الروسية في بيان لها، أن الروسيين أصبحا في السفارة الروسية في دمشق، فيما سيُسلم الإيطالي إلى ممثلي بلاده من قبل وزارة الخارجية السورية، وأن روسيا أجرت اتصالات مكثفة مع السلطات السورية، وكذلك مع مختلف قوى المعارضة "في سورية والخارج"، ويعمل الرهائن السابقون في مصنع فولاذ سوري خاص "حمشو وشركاؤه" قرب حمص.
من جهته، نقل التلفزيون السوري، أن "النائب السابق إبراهيم عزوز قتل مع زوجته وابنتيه في حلب"، فيما أكد المرصد السوري أن عزوز "قُتل بأيدي معارضين" من دون أن يشير إلى عائلته.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، شكك وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو، الأحد، في جدوى الحوار بين حكومة دمشق والمعارضة في إيجاد حل للنزاع في سورية، بعدما رحب كل من وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني علي أكبر صالحي باستعداد رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب بإجراء حوار مشروط مع دمشق.
وقال داود أوغلو في اليوم الأخير للمؤتمر الدولي حول الأمن في ميونيخ، الأحد، أن "الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة طريق خاطىء، ولا يمكن أن يكون حلاً"، وتساءل: لو حصلت انتخابات غدًا في ظل رئاسة الأسد، من يمكنه أن يضمن أن قادة المعارضة سيتمكنون من الترشح؟.
ورحب وزير الخارجية الإيراني برغبة رئيس الائتلاف السوري المعارض في التحاور مع دمشق، واعتبر ذلك "خطوة جيدة إلى الأمام"، واصفًا محادثاته مع الخطيب في ميونيخ السبت، وهي الأولى بين مسؤول إيراني رفيع وقيادي في المعارضة السورية، بأنها "جيدة جدًا"، قد تسهم في التوصل إلى حل للصراع في سورية، مؤكدًا أن "بلاده تريد أن تكون جزءًا من الحل. ويجب إفساح المجال أمام المعارضة والحكومة بالجلوس حول طاولة مفاوضات، وإذا أردنا وقف الاقتتال، لا ينبغي أن نستمر في إلقاء اللوم على الطرف الآخر".
من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أمام مؤتمر الأمن الدولي في مدينة ميونيخ، الأحد، "ما حصل قبل أيام يثبت أنه حين نقول شيئًا إنما نلتزم به، قلنا إننا لا نعتقد أنه يجب السماح بنقل أنظمة أسلحة متطورة إلى لبنان"، معتبرًا أن "دعم الرئيس السوري سيكلف إيران و(حزب الله) كثيرًا، وسيوجه ضربة كبرى لهما، فسورية باتت المعقل الوحيد للإيرانيين في العالم العربي، واعتقد أنهم سيدفعون الثمن".
في المقابل، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، في مؤتمر صحافي انعقد في دمشق الإثنين على هامش زيارة له للعاصمة السورية، إن "إسرائيل ستندم على عدوانها على سورية، وأنه كما ندمت إسرائيل في حروبها السابقة ضد المقامة الإسلامية، فإنها ستندم على عدوانها الأخير على أراضي سورية"، مضيفًا "إنه امتحان كبير للعالم الإسلامي حتى يثبت دوره في المنطقة في الدفاع عن المقاومة ودعمها بشكل جاد، سورية جزء مهم من العالم الإسلامي تقع في الجبهة المتقدمة منه في مواجهة إسرائيل، وإن حل الأزمة السورية لن يكون إلا سوريًا".
وقد استقبل الرئيس السوري بشار الأسد، الأحد، جليلي والوفد المرافق له، وجرى خلال اللقاء بحث الأوضاع في المنطقة عمومًا وفي سورية بخاصة، لاسيما بعد الغارة الإسرائيلية قرب دمشق، حيث شدد الأسد - حسب وكالة الأنباء السورية ـ على أن "هذا العدوان يكشف الدور الحقيقي الذي تقوم به إسرائيل بالتعاون مع القوى الخارجية المعادية وأدواتها على الأراضي السورية لزعزعة استقرار سورية وإضعافها، وصولاً إلى التخلي عن مواقفها وثوابتها الوطنية والقومية، وأن سورية بوعي شعبها وقوة جيشها وتمسكها بنهج المقاومة، قادرة على مواجهة التحديات الراهنة والتصدي لأي عدوان".
وقصفت طائرات إسرائيلية الأربعاء، مركزًا للبحث العلمي قرب دمشق، قال مسؤول أميركي إنه "قاعدة صواريخ أرض-جو ومجمعًا مجاورًا يحتوي على أسلحة كيميائية، وفشلت إسرائيل في خلق اختلافات داخلية في سورية لذلك بادروا إلى التدخل العسكري المباشر".
في الإطار نفسه، ردّ وزير الدفاع السوري ونائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، العماد فهد جاسم الفريج، على من يطالب بلاده بالرد على الغارة الجوية، التي قامت بها إسرائيل بقوله إن "تلك الغارة هي العكس تمامًا، أي أنها ردّ إسرائيلي على سورية"، وجاء ما قاله في شريط فيديو بثه التلفزيون العربي السوري الأحد، وفيه مقتطفات من مقابلة أعدها معه وسيتم بثها مساء الإثنين، بتوقيت دمشق على الفضائية السورية، وفي المقابلة فتح المذيع موضوع الغارة على مركز للبحوث العلمية في جمرايا في ريف دمشق، ليأخذ رأيه فيها، فذكر العماد الفريج "لو رأينا عدد المرات التي هاجمت فيها العصابات المسلحة هذا المركز من أجل تدميره والاستيلاء عليه لوجدناها عشرات المرات، ولما فشلوا وجدت إسرائيل أن عليها القيام بالمهمة"، على حد تعبيره، ثم قام العماد الفريج في المقابلة بطرح سؤال على نفسه بالذات، وهو السؤال الذي تردد آلاف المرات على ألسنة الآلاف منذ الغارة حتى الآن، ولا يزال بلا جواب يشفي الغليل، وهو: "لماذا لا ترد سورية؟"، وأجاب العماد على السؤال بجواب "لوجستي" شرح فيه السبب بأن: "العدو الإسرائيلي هو الذي ردّ، عندما يرى أن أدواته لا تحقق نتائج يقوم بالتدخل (نيابة عنها) كما قلنا، أيضًا الغارة هي رد على عملنا العسكري ضد العصابات المسلحة، فهو (العدو) الذي رد على الجيش العربي السوري البطل، والذي أثبت للعالم أنه جيش قوي، جيش مدرب، جيش لا يمكن أن ينكسر"، وتطرقت المقابلة، إلى مطار "تفتناز" وإلى مطار آخر في شمال منطقة البوكمال، يبدو أن في قصته ملابسات، كما تطرقت إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بجوار دمشق، والذي نفى أن يكون للجيش السوري أي تواجد فيه، كما شملت المقابلة شخصًا يبدو أنه مهم ومخطوف يسعون إلى إطلاق سراحه، إلى جانب تطورات الأوضاع في سورية وأبعاد ما يحدث فيها من ثورة على حكومة دمشق.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الخارجية الصينية، الإثنين، أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزور الصين خلال الفترة من الرابع إلى السابع من شباط/فبراير، حيث سيلتقي نظيره الصيني، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشون ينغ في إفادة صحافية يومية، "يأتي هذا في إطار مساعي الصين للتوصل إلى قرار سياسي فيما يتعلق بالقضية السورية".
وكانت آخر مرة يزور فيها المعلم الصين، وهي من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في نيسان/أبريل العام الماضي، واستخدمت الصين إلى جانب روسيا حق النقض "الفيتو" 3 مرات ضد قرارات من مجلس الأمن، تهدف إلى تنحية الرئيس السوري بشار الأسد، أو الضغط عليه لإنهاء الحرب التي سقط فيها أكثر من 60 ألف قتيل، لكن الصين ترغب في إظهار أنها لا تنحاز إلى أي جانب، ودعت مسؤولي الحكومة السورية، وكذلك أعضاء في المعارضة، إلى زيارتها رغم عدم وجود نفوذ كبير لها في الشرق الأوسط، وحثت بكين حكومة دمشق على التفاهم مع المعارضة، واتخاذ الخطوات اللازمة لتلبية مطالب التغيير السياسي، وقالت إن "من الضروري تشكيل حكومة انتقالية".
في غضون ذلك، أصدر القضاء العسكري اللبناني، الإثنين، مذكرة توقيف غيابية بحق رئيس جهاز الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، في إطار التحقيق في قضية نقل متفجرات وأسلحة إلى لبنان، بغرض القيام بأعمال إرهابية، وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن "قاضي التحقيق العسكري الأول في لبنان رياض أبو غيدا، أصدر مذكرة توقيف غيابية في حق مملوك ومدير مكتبه في قضية الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة، بتهمة نقل أسلحة ومتفجرات من سورية إلى لبنان للقيام بأعمال إرهابية" بحسب وصفه.
ويعتبر اللواء مملوك هو أرفع مسؤول أمني في سورية، حيث يشرف على الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في الدولة، وهو سني من دمشق عمل طوال حياته المهنية في مجال الاستخبارات، ويحظى بثقة الرئيس بشار الأسد، وتم اعتقال سماحة المعروف بقربه من النظام السوري في أب/أغسطس الماضي، في منزله ببلدة الجوار شمال شرق بيروت، على خلفية قيامه بنقل عبوات كان سيتم تفجيرها في مناطق لبنانية عدة، وبخاصة في الشمال، وكان سماحة وزيرًا للإعلام في 2003 في حكومة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.
أرسل تعليقك