الخوف من خطر الدمار يسيطر على دمشق وأهلها يحتمون بالمنازل التاريخية
آخر تحديث GMT19:17:04
 عمان اليوم -

حال المدن السورية يبعث برسائل تحذيرية إلى العالم بشأن "مستقبلها المظلم"

الخوف من خطر الدمار يسيطر على دمشق وأهلها يحتمون بالمنازل التاريخية

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - الخوف من خطر الدمار يسيطر على دمشق وأهلها يحتمون بالمنازل التاريخية

البعض يتجول في ساحة الجامع الأموي في دمشق

لندن ـ سليم كرم بات الخوف هو المسيطر على حال العاصمة السورية دمشق، فإنها تواجه اليوم مثلما واجهت من قبل على مدار تاريخها خطر الدمار في الوقت الذي يقترب فيه الصراع على السيطرة على دمشق من نهايته، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : هل يمكن أن تسفر المعركة الحالية عن قطع شريان الحياة عن قلب العاصمة؟ الواقع أن ما حدث في حمص وحماة وحلب وغيرهن من المدن السورية يبعث برسائل منذرة لما يمكن أن تتعرض له الساحرة دمشق، فإن أهم ما يميز روح العاصمة السورية دمشق هو تنوعها العرقي وبناياتها الساحرة، إلا أن هذه المزايا التي ظلت مرتبطة بدمشق على مدار تاريخها باتت اليوم في خطر، لقد اختلف حال المدينة اليوم عن حالها عندما وصفها الرحالة ابن جبير في القرن الثاني عشر وقال "إذا كانت الجنة على الأرض فإنها بلا شك دمشق".
فإن دمشق تعد بمثابة مركز يضم في أحيائه أعظم آثار سورية التاريخية والتي قررت منظمة "اليونسكو" خلال عام 1979 اعتبارها ضمن التراث الثقافي العالمي، وعلى مدار تاريخها الذي يعود للقرن الرابع قبل الميلاد نجت آثار هذه المدينة وواحاتها ومسالكها التجارية من كوارث الزلازل والحرائق والغزاة، كما كانت المدينة بمثابة البوتقة التي انصهرت فيها الشعوب البابلية والسريانية والمصرية والفارسية واليونانية والرومانية وسكان آسيا الصغرى، لقد كانت دمشق في عهدها الروماني أكبر عشر مرات من باريس، وحتى يومنا هذا لازالت جدران المدينة القديمة سليمة على مساحة 346 فدانًا ولا يوجد مثيل لها من الآثار القديمة في قلب أي عاصمة أوروبية.
كما تتفرد دمشق عن غيرها من المدن بمجموعة منازلها الخاصة التاريخية، لقد احتفظت مدن مثل القاهرة واسطنبول بآثارها من المساجد والمدارس والقصور ولكنها فقدت معمارها السكني. أما الكتاب العثماني السنوي الصادر لعام 1900 فيسجل 16832 منزلاً في المدنية القديمة داخل دمشق لا يزال نصفها قائمًا وسليمًا حتى يومنا هذا كما أن العديد منها لا يزال يحتفظ بديكورات الغرف والساحات.
واليوم انتقل الآلاف من العائلات المشردة من منازلهم في المنطقة الساخنة المحيطة في العاصمة إلى المناطق الآمنة وبالتحديد إلى مثل هذه المنازل التاريخية في حواريها الضيقة، وبعضها بات ملاذًا وملجأ لأصدقاء أصحابها، ولعل أهم ما يميز المنازل في الحواري الضيقة أن بمنأى عن الدبابات التي تستطيع أن تسير في مثل هذه الطرق إلا ذلك لا يمنع من أنها مهددة بالمدفعية المتواجدة الآن فوق جبل قسون والتي يمكن أن تستهدف في لحظة من اللحظات هذه المدينة القديمة.
وعلى بعد خطوات من الشارع المستقيم في دمشق وهو من الأماكن التراثية الدينية التي أشير إليها في الكتاب المقدس يوجد الجامع الأموي الذي يعود إلى القرن الثامن الميلادي وهو قلب العاصمة الروحي وهناك أيضًَا الأماكن والمعابد المقدسة للآراميين والرومانيين والمسيحيين، أما الكنائس والمساجد في دمشق فهي مفتوحة أمام الجميع في سورية بمختلف الأعراق والأديان، وقد نجت كل هذه الآثار من الكوارث كافة التي تعرضت لها، و لقد نجت من حريقين هائلين كما نجت من غزو التتار.
ومن بين الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى في سورية على هذه الاختلاط والانصهار الديني، العقيدة الإسلامية التي تنظر إلى المسيح في توقير باعتباره نبي عظيم وترى أنه سوف يهبط إلى الأرض قبل نهاية الزمان ليحارب المسيح الدجال، وفي كتدرائية مسيحية تتردد عبارات تقول "نحن كنيسة للعرب، ولا وجود لحرب اسمها حرب دينية" كما يتردد فيها الدعوة للوحدة والتعايش في هذا الزمن العصيب.
ومهما كانت المخاطر التي تتهدد بنايات وآثار المدينة فإن النسيح التاريخي والثقافي والروحاني لدمشق سوف يبقى إلى الأبد كما أنها سوف تظل تنعم بتلاحمها الاجتماعي الذي لن يتمزق إربًا مهما كانت الضغوط، ولو سقط الحكم السوري خلال الأشهر المقبلة فإن المدينة سوف تشهد معاناة وخسائر مادية ولكن دمشق كما يقول التاريخ سوف تبقى بلا هزيمة مهما تعرضت له من دمار لأنها رمز سوري غير قابل للفناء.
 

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخوف من خطر الدمار يسيطر على دمشق وأهلها يحتمون بالمنازل التاريخية الخوف من خطر الدمار يسيطر على دمشق وأهلها يحتمون بالمنازل التاريخية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:42 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 عمان اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
 عمان اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 13:39 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
 عمان اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab