احتفل الغزيّون، السبت، بعيد الأضحى المبارك، من بين الألم والمعاناة التي خلفتهما الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، بنوع من الفرحة الخجولة، حيث ارتسمت علامات الفرح على وجوه الأطفال، وتبادلوا الابتسامات فيما بينهم، متناسين جراحهم الماضية، والألم الذي أصابهم.
وعلت أصوات تكبيرات العيد في كل بقعة على تراب قطاع غزة، "الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، التي أثارت الشجون والاشتياق للأعياد الماضية "الحقيقية"، لعشرات الآلاف ممن فقدوا منازلهم في الحرب على غزة.
وجاء احتفال الغزيين وسط حالة نزوح كبيرة، حيث أن ما يزيد عن عشرة آلاف منزل لن يستطيع سكانها الظفر بلحظات العيد الجميلة بين جدرانها، وقد سويت بالأرض فافترش الناس الركام، وذُبحوا مرتين، مرةً حين دُمرت منزلهم، ومرةً حين جاء عيد النحر، ولم تُرَق الدماء التي اعتادوا على رؤيتها في منازلهم.
ولم يعِشْ سكان غزة لحظات عيد الفطر، الذي لم يكن سعيدًا عليهم وسط حرب إسرائيل الأخيرة على غزة، حتى جاء عيد الأضحى وقد تم وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال، إلا أنّ الآلاف من المدمرة منازلهم سيقضون هذا العيد بين ركام منازلهم.
ووسط ترديد تكبيرات العيد انتشرت إحدى مجموعات كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أولهم يقبض على زناد القنص، ينتظر تسلل جندي إسرائيلي، وجواره آخر يرقب آليات الاحتلال تحسبًا لأيّة محاولة توغل.
وحدات النخبة التابعة لكتائب "القسام" انتشرت على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، تحسبًا لأي غدر إسرائيلي قد ينغص فرحة أهل غزة المنقوصة أصلًا بعد العدوان الأخير.
ودعا نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى "ضرورة استكمال ملفات المصالحة وتعزيز مبدأ الشراكة السياسية".
وتحدث هنية، في خطبة العيد، عن استراتيجية حركته في المرحلة المقبلة، مشددًا على "أهمية إعادة إعمار القطاع، وتطوير المقاومة، وحماية مكتسباتها حتى تحرير كامل فلسطين، والانفتاح بالعلاقة مع جميع الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، وبناء علاقة متوازنة مع الجهات كافة"، مؤكّدًا "ضرورة توقيع ميثاق روما لتقديم قادة الاحتلال الإسرائيلي لمحكمة الجنايات الدولية".
وأضاف هنية أنَّ "المقاومة الفلسطينية تدشن مرحلة جديدة من مراحل الصراع مع العدو بعد معركة (العصف المأكول)"، موضحًا أنَّ "تلاحم المقاومة والشعبي والصمود السياسي والحاضنة العربية كانت سببًا في تحقيق النصر في المعركة الأخيرة".
وأشار إلى أنّ "هذا النصر يؤكد حقائق الدين والإيمان للمرة الأولى من منطلق القوة الذي صنعته غزة الأبية وفلسطين"، مثمنًا "صمود الشعب الفلسطيني الذي احتضن المقاومة، ودفع الثمن بغية أن تبقى رايتها خفاقة".
وأكّد هنية أنَّ "النصر دشّن عهدًا للانتصارات، ونقل المقاومة من موقع الدفاع إلى موقع البطولة والتحدي"، مبيّنًا أنَّ "المقاومة بكل فصائلها ماضية في تطوير قدراتها القتالية وتعزيزها لحين استكمال مهمة تحرير كامل الأرض الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي".
ولفت إلى أنَّ "حماس ستدشن استراتيجية جديدة في الفترة المقبلة"، داعيًا حركة "فتح" إلى "ضرورة استكمال تطبيق ملفات المصالحة وتنفيذها".
وأردف "لدينا قرار استراتيجي باستعادة الوحدة، وترتيب البيت الفلسطيني على أساس التوافق الوطني"، محذرًا في الوقت ذاته من "محاولة تبهيت انتصار غزة والتقليل من حقيقته".
وبيّن هنية أنَّ "هذا العيد هو عيد النصر والعزة والكرامة والشهادة والشهداء الأبرار وعوائل الشهداء الذين يزينون الصلاة في الصف الأول، رغم المجازر في بيت حانون وخزاعة ورفح والوسطى ورغم العائلات التي أبيدت".
من جهته، اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور موسى أبو مرزوق أنّه "لابد من الفصل بين مرحلتين، مرحلة الانقسام البغيض، وما بعده، لنصنع لأنفسنا شيئًا مختلفًا عما مضى".
وتابع أبو مرزوق، في تصريح على صفحته عبر "فيسبوك"، "كثير أولئك الذين قرأوا التفاهمات الأخيرة بين فتح وحماس بعين الريبة والتشكك، وللحقيقة أن فقدان الثقة، وكثرة التصريحات المحبطة، وقلة التطبيق لما يتم الاتفاق عليه، عوامل لا يمكن تجاهلها".
وأشار إلى أنَّ "الجميع يريد الكثير من النوايا الطيبة، والتفسيرات الإيجابية"، مضيفًا "يجب ألا ندير حواراتنا عبر الإعلام، وأن نحيي العدالة والمسؤولية الوطنية فيما بيننا".
واستطرد "رغم أنها مسؤولية الجميع إﻻ أنها تبدأ من رأس الهرم"، لافتًا إلى أنَّ "تصريحاته جاءت بعد كثرة الكلام بالسلب عن مقبل الأيام، وتصريح رئيس حكومة التوافق رامي الحمدلله"، مبينًا أنها "في الطريق الصحيح".
وكان رئيس الحكومة أعلن، مساء الجمعة، التوصل لاتفاق مع دولة قطر، بتنسيق مع الأمم المتحدة، لتأمين صرف دفعة مالية قبل نهاية تشرين الأول/أكتوبر الجاري، لعدد من الموظفين المدنيين في قطاع غزة، والذين تم تعيينهم بعد منتصف عام 2007.
أرسل تعليقك