تعاني حكومة الكيان الإسرائيلي من إمكان انهيارها بسبب العدوان على قطاع غزة جراء تباين وجهات النظر بين أعضاء وزراء الكيان حول كيفية إنهاء تلك الحرب.
وقالت مصادر إسرائيلية، اليوم الجمعة، إن الغليان لا يزال يسود المستوى السياسي في إسرائيل، في ظل استمرار مهاجمة أعضاء الائتلاف الحكومي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مبررين ذلك بالإحباط الذي أصيبوا به نتيجة سياساته.
وصرّح وزير الخارجية في حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان في أحاديث خاصة "إن نتنياهو يسعى مجددًا لإدخال المتدينين إلى الحكومة، وفي مثل هذه الحالة فإن وزير المال يائير لبيد سينسحب من الحكومة، وفي حال انسحاب لبيد فلن يستمر في الائتلاف الحكومي".
وأشار ليبرمان إلى أن " نتنياهو وضع نفسه في إشكال حقيقي عندما اضطر للحديث مع حماس، مما دفعه لتفريغ إحباطه هذا في الأحزاب الأعضاء في الائتلاف الحكومي" في إشارة إلى إقدام نتنياهو على توجيه انتقادات الأربعاء الماضي لوزراء المجلس الوزاري المصغر من دون تسميتهم.
وتشير تقديرات المقربين من نتنياهو إلى عدم وجود احتمال حقيقي راهنًا لإيجاد ائتلاف بديل للائتلاف الحالي.
وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الخميس أن ثقة الإسرائيليين بنتنياهو تراجعت بقوة منذ بدء الحرب على قطاع غزة.
وذكرت القناة الثانية الخاصة بالتلفزيون الإسرائيلي أن نسبة الأشخاص الذين ينظرون إلى خطوة رئيس الوزراء بإيجابية تراجعت إلى 53 في المائة، في حين بلغت نسبة أصحاب الرأي السلبي 33 في المائة، وامتنع الباقون عن الإدلاء برأيهم.
وقبل أسبوعين، أظهر الاستطلاع نفسه أن نسبة مؤيدي نتنياهو بلغت 63 في المائة علمًا أن هذه النسبة كانت ناهزت 82 في المائة بعيد بدء العمليات العسكرية في الثامن من تموز/يوليوالماضي.
لكن معلقًا في القناة أوضح أن الثقة بنتنياهو لا تزال أكبر مما كانت عليه قبل الحرب على غزة.
وفي بداية الشهر، أظهر استطلاع آخر أن غالبية من الإسرائيليين (51 في المائة) ترى أن ليس هناك منتصر في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وتكبد الجيش الإسرائيلي أكبر خسارة له في هذه العملية منذ حربه مع حزب الله اللبناني في العام 2006 وخسر 64 جنديًا. وقتل أيضًا ثلاثة مدنيين في إسرائيل منذ بدء هذه الحرب التي أسفرت عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني معظمهم من المدنيين وبينهم أكثر من 550 طفلًا.
وكتب تسفي برئيل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الصادرة، اليوم الجمعة، أنه بعد 3 سنوات من القتال في داخل سورية، ومقتل ما لا يقل عن 170 ألف سوري، فإن الرئيس السوري، بشار الأسد، بدأ يشعر بالتغيير، ليس فقط على الساحة المحلية، وإنما في الأجواء الدولية. فالرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي وصف تدمير الأسلحة الكيميائية السورية على أنه إنجاز مهم، قال إن "الولايات المتحدة تضغط على النظام السوري لوضع حد للأعمال البشعة التي يواصل تنفيذها ضد السوريين".
وبحسب الكاتب فإن هذه الصياغة مثيرة، حيث يغيب عنها مطلب إبعاد الأسد عن السلطة. وأشار أيضًا إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، والتي جاء فيها أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدات السياسية والمادية للمعارضة المعتدلة.
ويضيف إلى أن التحول الاستراتيجي يعود إلى قلق الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من توسع "الدولة الإسلامية" أكثر من ولاية الأسد في منصبه. ويضيف أن الأسد تحول إلى أساس ضروري للحرب ضد "داعش". ووفق برئيل فإن هذا التغير كان موضوع المحادثات في الأسابيع الأخيرة بين السعودية وروسيا ومصر والولايات المتحدة وإسرائيل.
وأشار الكاتب إلى أنه في مطلع حزيران/ يونيو الماضي زار وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، روسيا، وبعد ثلاثة أسابيع وصل نظيره الروسي، سيرغي لافروف إلى السعودية. ورغم أنه لم ينشر الكثير عن ذلك، إلا أن القليل يشير إلى أن السعودية وافقت على الإصلاح في سورية، بما يتضمن بقاء الأسد في منصبه. وهنا يقول الكاتب إنه "في حال صحّت هذه التقارير، فإن الحديث عن تغيير استراتيجي للسعودية تجاه الأسد منذ بداية الثورة".
ويتابع الكاتب أن السعودية ليست لوحدها في هذا السيناريو، فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تناول الموضوع السوري في لقائه، الأسبوع الماضي، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بعد يومين من زيارة السيسي للسعودية ولقائه بالملك عبد الله بن عبد العزيز. ويضيف أن الاثنين ناقشا اتفاقات تجارية، و"التهديدات الإقليمية والأزمة السورية وتقدم الدولة الإسلامية والحرب على غزة".
ويشير إلى أن السيسي رئيس إحدى الدول العربية القليلة التي لم تطلق انتقادات حادة ضد الأسد أو تطالب بإبعاده عن السلطة. وأن الأسد لم يوجّه أي انتقاد لسياسة مصر تجاه حركة حماس، في حين كانت إيران أول من دعم المبادرة المصرية الأولى لوقف إطلاق النار.
ويتابع أنه لا يوجد للسيسي سياسة واضحة في شأن الأزمة السورية، ولكن إذا كان السعودية غيرت اتجاهها، فمن الجائز الافتراض بأن السيسي أيضًا سينضم إلى دعم بقاء الأسد في السلطة.
ويقول أيضًا إن هذه ليست بشائر جيدة للمعارضة السورية، فالمحور السياسي الجديد لن ينقذ الأسد فحسب، وإنما لعزل قطر عن الساحة السورية.
ويخلص برئيل في مقالته إلى أنه على هذه الخلفية يمكن فهم تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، عندما تحدث عن "أفق سياسي جديد". ويبدو أنه لم يقصد "عملية سياسية" مع الفلسطينيين، وإنما إلى "تحالف غير رسمي مع دول عربية تخشى الدولة الإسلامية، وترى في الأسد شريكًا محتمًلا لإدارة المعركة ضد داعش.
ويضيف أن "التصريحات القاسية من زعماء عرب ضد حركة حماس، والتعاون السياسي والعسكري مع مصر، والمقترح الاستراتيجي الجديد الذي تعرضه السعودية، والتهديدات التي تواجهها الأردن، والمخاوف الإسرائيلية من سيطرة ميليشيات على سورية"، كل ذلك من الممكن أن يدفع نتنياهو في اتجاه إقامة بنية تحتية للتعاون الإقليمي.
أرسل تعليقك