يحاول الجيش العراقي، مدعومًا بمقاتلي الحشد الشعبي وبغطاء جوي، منذ أسابيع، تطويق المسلحين في مناطق حزام بغداد، من جهتي ناحية اليوسفية وجرف الصخر، لقطع خط الإمدادات الواصل إلى مدينة الفلوجة، إلا أنَّ القوات المهاجمة تواجه صعوبة في اختراق بساتين وطرق تلك المناطق، بسبب قيام عناصر "داعش" بتفخيخها.
وتتواصل التحذيرات من هجوم وشيك لعناصر تنظيم داعش على مركز محافظة كركوك، التي تنتشر فيها قوات الأمن الكرديّة "البيشمركة"، منذ انسحاب الجيش العراقي منها في حزيران/يونيو الماضي.
إلى ذلك، أكّد رئيس أركان الجيش الأميركي مارتن ديمبسي، في تصريح إعلامي، أنَّ "تنظيم (داعش) كاد يصل مطار بغداد الدولي"، مشيرًا إلى أنَّ "التنظيم كان يبعد مسافة 15.5 ميلاً (نحو 25 كيلومترًا) عن المطار، الأمر الذي استدعى التصدي لهم، عبر مروحيات الأباتشي الأميركية المقاتلة، لإبعادهم عن هذه المنشأة الحيوية".
ولفت ديمبسي إلى أنَّ "الولايات المتحدة الأميركية اضطرت إلى اللجوء إلى مروحيات الأباتشي في عمليات تحليق منخفضة، وما يحمله ذلك من أخطار.".
وفي سياق متصل، عرض الخبير في الجماعات المتشددة هشام الهاشمي ملاحظات على صفحته الشخصية في "فيسبوك" بشأن ما اعتبره "تكتيك" ما يعرف بـ"المجلس العسكري لتنظيم داعش"، موضحًا أنه يشمل "جر القوات العراقية والحشد الشعبي والصحوات إلى معارك في حزام بغداد الشمالي والغربي، ليخفف عن الحزام الجنوبي الذي يعتبر الأهم عنده، ولإعادة أحياء الاقتتال الطائفي".
وأضاف أنَّ "داعش نجح في عزل القوات الاتحادية عن الحشد الشعبي من جهة، وأسقط ثقة المواطن الشيعي بقوات الحشد الشعبي التي لم تحقق تقدمًا يذكر إلا في منطقتي العظيم وآمرلي".
وأكّد أنَّ "تنظيم داعش يتحرك في الوقت الراهن غربًا في محافظة الأنبار لتوسيع نفوذه، لكن يبقى هدفه الرئيسي محافظة كركوك، ونفطها، وكذلك العاصمة بغداد".
وأشار إلى أنَّ "داعش أخذ هيت، ثم أشعل مركز الرمادي، ليحشد نحو غرب بغداد بأعداد كبيرة، لكن الهدف الحقيقي هو نفط وغاز كركوك، ومنطقة نفط خانة في ديالى".
ورأى الهاشمي أنَّ "سقوط الأنبار بيد التنظيم يجعل الطريق مفتوحًا لاحتلال حزام بغداد، وهذا الموقف يجب أنَّ يجابه بقوة الفصائل، لأنَّ القوات الاتحادية لا تزال قياداتها ضالعة في الفساد والجبن".
وتابع "الآن يسعى التنظيم إلى خطوة أخرى، معركة كركوك من ثلاث محاور؛ الدبس وداقوق والحويجة".
وأبرز أنَّ "التكتيك التقليدي لهيئات الأركان في العمليات العسكرية في شمال وغرب العراق قد يقود لمواجهة قريبة في كرخ بغداد، عبر خلايا نائمة توقظها روح الطائفية وغباء الأجهزة الأمنية في عدم التمييز بين المتطرف والأبرياء السنة، تحت غطاء مكافحة التطرف، وعند ذاك يكون تنظيم (داعش) قد نجح في إشغال الشعب عنه".
وتوقع أنَّ "الهجوم على صلاح الدين المرتقب لن يكون كسابقاته، لأنه يتزامن مع احتمال خسارة الأنبار، وهو ما سيجعل القتال على جبهتين واسعتين هذه المرة"، معتبرًا أنَّ "أهل السنة في العراق بدأوا يشعرون بانحياز العبادي ضد قضاياهم، وعلى رأسها العفو العام وملف الحرس الوطني، وهذا سيقودهم لتصعيد مقبل، يتزامن مع قرب تنظيم داعش من السيطرة الكاملة على محافظة الأنبار".
وأبرز الهاشمي أنَّ "الفصائل السنية هي الجهة الوحيدة الكفيلة بالتصدي لداعش في الأنبار وصلاح الدين"، لافتًا إلى أنَّ "داعش وظّف إعلان الخلافة لكسب تعاطف الشباب الإسلامي، الذي كان يسيء الظن بهم قبل ذلك، ورسخوا ذلك عبر (الإعلام الجهادي)، البارع بعقيدة المعاداة للشيعة، ثم جاء التحالف الدولي ليؤكد كل ذلك".
واعتقد الهاشمي أنَّ "رئيس الوزراء حيدر العبادي يخالف سلفه نوري المالكي في كل شيء تقريبًا، إلا في اعتماده على مستشارين من حزب الدعوة، لأنهم أحد أهم داعمي انقلابه على المالكي"، مضيفا أنَّ "هذا الخطأ الذي سيجعله يشبه المالكي في كل شيء".
وفي شأن الاستراتيجية المطلوبة للقضاء على "داعش" في المنطقة، بيّن الهاشمي أنَّ "ذلك يتطلب استهداف حقول النفط والغاز التي يسيطر عليها التنظيم، وصهاريج التهريب، ومراقبة الطرق الرئيسيّة، وعزل الحدود العراقية – السورية، والحدود التركية - السورية، واستهداف مخازن السلاح في صحراء البعاج، وجزيرة الثرثار، وجزيرة الرطبة، وحوض حمرين، وحوض العظيم، واستهداف نوعي لقيادات الهيكل التنظيمي، وتجفيف منابع الاستثمار في أوروبا والخليج وماليزيا، والتعاون مع قوات النخبة الاتحادية، والبيشمركة والفصائل والعشائر السنية".
أرسل تعليقك