الدار البيضاء ـ محمد خالد
أثارت خسارة المنتخب الإسباني لكرة القدم، في المباراة الأولى له في بطولة كأس العالم في البرازيل، أمام نظيره الهولندي، بخماسية كاملة، حفيظة جماهير الفريق، التي لن يمحوها سوى الفوز باللقب الدولي.وجاء اهتزاز أداء الحارس العملاق إيكر كاسياس، في المرتبة الأولى بين أسباب الخسارة، على الرغم من أنه تصدى لبعض الهجمات الخطيرة للمنتخب الهولندي، إلا أنه ارتكب أخطاء كارثية، ساهمت في منح الأفضلية لـ "الطواحين".ويبدو أنَّ كاسياس تأثر كثيرًا بنظام المداورة، الذي اعتمده مدرب "ريال مدريد" كارلو أنشيلوتي بينه وبين دييغو لوبيز، طيلة الموسم الماضي، ما جعله يفقد الكثير من ميزاته ومقوّماته كأحد أبرز الحرّاس في العالم.
وساهمت أخطاء كاسياس في تلقي مرمى المنتخب الإسباني أربعة أهداف، حيث أنه يتحمل مسؤولية الهدف الأول، بعد أن كان بعيدًا عن مرماه، بصورة غير مبررة، في حين كان باستطاعته، لو بقي قريبًا، أن يصد تسديدة فان بيرسي الراسية دون عناء، كما أنه يتحمل مسؤولية الهدف الثالث، بعد ارتقاء خاطئ، فيما كان خطؤه في الهدف الرابع جسيمًا بعد أن منح هدية لفان بيرسي، لم يرفضها هذا الأخير، قبل أن يختتم سلسلة أخطائه بخروج غير محسوب أمام المهاجم روبين، الذي تلاعب به، وبباقي المدافعين ووقع الهدف الخامس.
ويكمن السبب الثاني في هذه الهزيمة النكراء في غياب الانسجام بين قلبي دفاع المنتخب الإسباني بيكي وراموس، اللذين بديا في أسوء حالاتهما، ولم يحسنا التمركز في العديد من الكرات، التي جاءت منها أهداف، علمًا أنَّ المدافعين الأيمن والإيسر ألبا وأسبيلكويتا كانا أيضًا خارج التغطية، ما سهّل على مهاجمي المنتخب الهولندي تدمير الحصون الإسبانية بسهولة.
ويتمثل السبب الثالث في فقدان إسبانيا لنقطة قوّتها، التي جعلت منها بطلة للعالم وأوروبا، وهي الاستحواذ على الكرة، حيث حرم المدرب الهولندي فان خال، بذكائه الخططي، منتخب "لافوريا روخا" من ميزة الاستحواذ، وبالتالي قلت خطورته، في وقت بدا فيه المدرب فيسنتي ديل بوسكي عاجزًا عن إيجاد حلول لمواجهة الكماشة الهولندية، التي أطبقت على لاعبيه، ومنعتهم من تقديم أسلوب "التيكي تاكا"، الذي بدأ مفعوله يتراجع، وربما اقترب نجمه من الأفول.
ويتجلى السبب الرابع في تواضع أداء الثلاثي تشافي ألونسو، وأنييستا، وتشافي، فهؤلاء اللاعبين يعتبرون القلب النابض في المنظومة التكتيكية للمنتخب الإسباني، وبالتالي انعكس مستواهم المتواضع على أداء المجموعة، فلا تشافي استطاع لعب دوره المعتاد كمحرك، وحلقة وصل بين الدفاع والهجوم، ولا أنييستا تمكن من تشكيل الخطورة بطريقته السلسة والانسيابية، في حين تجاوزت أحداث المباراة تشافي ألونسو الذي كان أول من أخرجه ديل بوسكي من أرضية الميدان.
وكان السبب الخامس، والأخير، اختيارات ديل بوسكي الهجومية، التي كانت بعيدة كل البعد عن النجاح، فالاعتماد على دييغو كوستا، الذي يخوض المونديال الأول بألوان القميص الإسباني، كان خطأ استراتيجيًا فادحًا من طرف مدرب إسبانيا، الملقب بـ " الثعلب العجوز"، لأن كوستا غير جاهز بدنيًا بعد أن عانى من إصابات متتالية في آخر الموسم، حرمته من المشاركة مع "أتلتيكو مدريد" في كل المباريات الحاسمة، ولكون المهاجم البرازيلي الأصل واجه ضغوطات كبيرة من طرف الجماهير البرازيلية، التي قابلته بصافرات الاستهجان، كلما كان يلمس الكرة، ولأن المنتخب الإسباني لم يعتد اللعب برأس حربة صريح من عينة كوستا، الذي لا تتلاءم طريقة لعبه مع أسلوب إسبانيا المعتمد على التمريرات القصيرة، والدخول من العمق، وقد بدت كل هذه العوامل واضحة عل أداء كوستا الذي لم يقدم الشيء الكثير في المباراة.
أرسل تعليقك