بغداد – نجلاء الطائي
تعدّ ملحمة "گلگامش" من اقدم القصص أو الأعمال الأدبية في التاريخ، وهي أهم من ملحمة عمر الحديثة حتى حيث يكون "گلگامش" ملك ظالم تخلق إله أنكيدو لمعادته لكن بعد نزال ينتصر به كلكامش يصبحا صديقين في رحلة البحث عن الخلود الذي استنتج في النهاية أن الخلود بالأعمال لا بالأعمار، وكشفت البعثات التنقيبية الدولية العاملة في محافظة ذي قار، عن نتائج تنقيباتها في موقعي تل خيبر ومحيط مدينة أور الاثرية، وفيما أكدت اكتشاف قناع "خمبابا حارس الغابة في اسطورة كلكامش"، أشارت إلى أن الاكتشافات الاثرية وفرت معلومات هائلة عن طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية في العصور الحضارية الأولى.
وقال المدير التنفيذي لأعمال التنقيبات التي اجرتها البعثة التنقيبية الأميركية في مدينة أور الآثرية، عبد الأمير الحمداني، خلال مشاركته في أعمال الندوة الحوارية التي أقامها مركز الجنوب للدراسات والتخطيط الاستراتيجي في مدينة أور الأثرية والتي أُقيمت على قاعة اتحاد رجال أعمال ذي قار، إن "الندوة تهدف للتعريف بنتائج التنقيبات العلمية التي اجرتها البعثة التنقيبية الامريكية من جامعة نيويورك، والبعثة التنقيبية البريطانية من جامعة مانشستر".
ولفت الحمداني، إلى أن "عرض النتائج يهدف لتوضيح ما يجري على الأرض وإعطاء صورة عن الحياة في المدن العراقية القديمة خلال آلاف الثاني والألف الثالث قبل الميلاد ومحاولة ربط ما حدث قديما بما يجري الآن "، مشيرًا إلى أن "المراكز البحثية والمؤسسات العلمية والأكاديمية والحكومية مهتمه في هذه النتائج وهي تسهم بشكل أو بأخر في دعم عمليات التنقيب وتعمل على إنجاح هذه التجربة الفريدة من نوعها والمتمثلة بعمل خمس بعثات تنقيبية دولية في محافظة ذي قار".
وأشار الحمداني، إلى أن "البعثة التنقيبية الامريكية فتحت 4 مربعات للتنقيب في مدينة أور الاثرية وبأعماق مختلفة يصل بعضها الى خمسة امتار وقد تم اكتشاف ابنية تاريخية ومدافن وجرار واختام اسطوانية وادوات واحجار كريمة مستوردة من عمان وايران والهند إضافة إلى قناع لـ ( خمبابا ) حارس الغابة في أسطورة كلكامش".
بدوره، قال المدير التنفيذي المشارك لبعثة جامعة مانشستر البريطانية العاملة في تل خيبر، ستيوارت كامبل، إن "جنوب العراق معروف كونه موطن الحضارات الأولى وقد عملنا على مدى أربعة مواسم تنقيبية في تل خيبر (40 كم غرب الناصرية) الذي يعود تاريخه لـ 3500 عام قبل الميلاد"، مشيراً إلى أن "اعمال البعثة التنقيبية البريطانية العاملة في تل خيبر كشفت عن مبنى إداري كبير يتكون من بنايتين إحداهما صغيرة والأخرى كبيرة تضمن أماكن للمعاملات التجارية وخزن الوثائق حيث تم اكتشاف 100 رقيم طيني يوثق احداث تلك الحقبة ويوفر معلومات هائلة عن طبيعة الحياة والتعاملات التجارية وتوزيع الغلال".
وأضاف كامبل، أنه "تم اكتشاف تماثيل تعبر عن العبادات التي كانت سائدة يوم ذاك وختم اسطواني للمعاملات الرسمية وادوات وموجودات معدنية ، وتابع كما تم اكتشاف مجمع سكني خارج المبنى الإداري وقناة لتوصيل المياه وبقايا اطعمه وعظام اسماك وهو على ما يبدو كان الغذاء الرئيسي للسكان".
وأكد كامبل، أن تلك المكتشفات الاثارية توفر فرصة جيدة لمعرفة طبيعة الحياة وطريقة ادارتها في تلك الحقبة التاريخية سواء للمحيط الاجتماعي لتل خيبر او خارجه، مؤكدًا كان هدفنا من أعمال التنقيب معرفة كيف يعيش الفرد هناك وما هي طبيعة علاقته بالمجتمع، وتعمل في محافظة ذي قار خمس بعثات تنقيبية دولية اثنان منها من إيطاليا وثلاث بعثات من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية .
وكانت البعثة التنقيبية البريطانية بقيادة عالمة الأثار من جامعة مانشستر غين مون باشرت مؤخرًا بالتنقيب في موقع (خيبر) الأثري(40 كم غرب الناصرية) الذي يعود إلى عصر فجر السلالات ضمن موسمها التنقيبي الرابع، وتضم محافظة ذي قار نحو 1200 موقع آثاري يعود معظمها إلى عصر فجر السلالات والحضارات السومرية والأكدية والبابلية والأخمينية والفرثية والساسانية والعصر الإسلامي، وتعدّ من أغنى المدن العراقية بالمواقع الآثارية المهمة، إذ تضم بيت النبي إبراهيم (ع) وزقورة أور التاريخية، فضلاً عن المقبرة الملكية، وقصر شولكي ومعبد (دب لال ماخ) الذي يعد أقدم محكمة في التاريخ.
أرسل تعليقك