مدينة الخليل بين غضب أميركا وإنصاف اليونسكو بإعلانها تراث فلسطيني
آخر تحديث GMT15:14:11
 عمان اليوم -

تحوي قبور الأنبياء الأولين كإبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب

مدينة الخليل بين غضب أميركا وإنصاف اليونسكو بإعلانها تراث فلسطيني

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - مدينة الخليل بين غضب أميركا وإنصاف اليونسكو بإعلانها تراث فلسطيني

الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل
القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد

يغرق الزائر للحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل في الضفة الغربية، عميقًا في التاريخ البعيد، وهو يلامس حجارة قبور الأنبياء الأولين، مثل إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب وقبور زوجاتهم, وبني الحرم الإبراهيمي فوق مغارة النبي إبراهيم، عليه السلام، التي دفن فيها مع زوجته سارة وأبنائه الثلاثة إسماعيل واسحق ويعقوب وزوجاتهم.

ووفق الروايات التاريخية فقد اشترى النبي إبراهيم هذه المغارة لتكون مقبرة لعائلته، وأقام النبي سليمان الحرم فوق المغارة، وتحوّل الحرم إلى كنيسة في العهد البيزنطي ثم إلى مسجد في عهد صلاح الدين الأيوبي, والحرم الإبراهيمي الصرح الأبرز في هذه المدينة التاريخية التي تعاقب عليها الأنبياء، وأقيمت لهم فيها مقامات ومساجد، ما حدا بالمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم "يونيسكو" لإدراجها، أول من أمس الجمعة، على قائمة التراث العالمي.

ويضم الحرم منبرًا يحمل اسم صلاح الدين الأيوبي، يتكون من 3500 قطعة أقيم في عهد المماليك, وتضم المدينة مقامات لعدد من الأنبياء والأولياء مثل النبي يونس والنبي نوح وغيرهما, وكغيرها من المدن الفلسطينية العتيقة، تحولت الخليل إلى بؤرة للصراع مع الاحتلال الإسرائيلي على كل حجر وكل مبنى, وقسمت سلطات الاحتلال الحرم الإبراهيمي البالغة مساحته 2040 مترًا مربعًا إلى قسمين، واحد لليهود، يشكل الجزء الأكبر "57 في المائة من مساحة الحرم" وآخر للمسلمين.

ومنحت السلطات الحديقة التي تحيط بالحرم للمستوطنين اليهود، وأقامت ثكنة عسكرية على مدخله بحيث يخضع الزائرون لتفتيش دقيق, وقال عماد حمدان المدير العام للجنة إعمار الخليل إن "المساحة الفعلية التي حصل عليها المستوطنون من الحرم تصل إلى حوالى 75 أو 80 في المائة إذا ما أخذنا في الاعتبار الساحات والحدائق التي استولوا عليها".

وكشف منذر أبو الفيلات، الخبير في شؤون الحرم أن "سلطات الاحتلال منحت المستوطنين الحضرة الإبراهيمية، والحضرة اليعقوبية والحضرة اليوسفية ومقام الصحن، وأبقت لنا فقط الحضرة الإسحقية والحضرة الجاولية", ويضم الجزء الذي تحول إلى كنيس يهودي من الحرم قبر إبراهيم وزوجته سارة، وقبر يعقوب وزوجته رفقة، وقبر يوسف، إضافة إلى صحن المسجد، وهي المنطقة المكشوفة فيه.

ويضم الجزء الذي ترك للفلسطينيين قبر إسحاق وزوجته ليئة, وفصل الجزءان بحواجز وبوابات حديدية محكمة, وسمحت السلطات للمستوطنين استخدام حديقة الحرم على مدار العام, كما منحتهم حق استخدام حصة المسلمين من الحرم في فترات الأعياد اليهودية، ومدتها عشرة أيام في السنة، يجري خلالها إغلاق أبواب المسجد أمام المصلين المسلمين, والأمر ذاته ينطبق على المسلمين في فترات الأعياد الإسلامية بحيث لا تتجاوز عشرة أيام في السنة، علمًا أن أعياد المسلمين تفوق العشرة أيام.

وأقامت السلطات الإسرائيلية بعد تقسيم الحرم الإبراهيمي، بوابات حديدية ضخمة وأجهزة تفتيش على مداخله، وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه، ووضعت كاميرات مراقبة داخل المبنى المقسم لمنع حدوث أي احتكاك بين الجانبين، ويستوطن في قلب مدينة الخليل 400 يهودي يقيمون في أربع تجمعات استيطانية هي: "ابرهام ابينو" وتقع قرب الحرم الإبراهيمي الشريف, "بيت رومانو"، وهي بؤرة أقيمت حول مدرسة "أسامة بن المنقذ", "بيت هداسا" التي أقيمت في حي "الدبويا"، و "رمات يشاي" التي أقيمت في حي "تل الرميدة", وقسمت السلطات الخليل إلى مجموعة أقسام لتسهيل تنقل المستوطنين.

وقال حمدان إن "السلطات الإسرائيلية قسمت البلدة القديمة إلى ثلاثة أجزاء: جزء لا يمكن لأهالي الخليل الوصول إليه مثل شارع الشهداء وأول شارع السهلة، وسوق الخضار المركزي، وسوق الذهب، وسوق الملابس القديمة, وقسم يمكن الوصول إليه لكن عبر بوابات وحواجز مثل الحرم ومنطقته، والمحكمة وغيرها, وقسم يمكن الوصول إليه من دون قيود مثل حارة القصبة والقزازين", وكان شارع الشهداء من أكثر الشوارع التجارية حيوية في المدينة، لكنه تحول إلى سوق شبه مهجورة بعد إغلاق المنطقة.

وقسمت إسرائيل مدينة الخليل، بموجب الاتفاق الخاص مع السلطة الفلسطينية والذي يسمى "بروتوكول الخليل"، إلى منطقتين، "H2" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والتي تشكل ثلث مساحة المدينة، وفي القلب منها البلدة العتيقة والحرم الإبراهيمي الشريف، ومنطقة "H1" الخاضعة للسلطة الفلسطينية، ووفق الجهاز المركزي للإحصاء، يعيش في مدينة الخليل 206 آلاف فلسطيني منهم 50 ألفًا يعيشون في منطقة "H2" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

وأثار قرار "يونيسكو" إدراج الخليل على قائمة التراث العالمي، غضب إسرائيل والإدارة الأميركية, ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي القرار بأنه "سخيف", وقال في تصريح رسمي: "هذه المرة قررت يونيسكو إن مغارة المغبيلا "الاسم الإسرائيلي للحرم الإبراهيمي"، هي عبارة عن موقع فلسطيني، أي غير يهودي، وأن هذا المكان يتعرض للخطر".

ووصفت مندوبة أميركا الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي قرار "يونيسكو" بإدراج مدينة الخليل ضمن لائحة التراث العالمي بأنه "إهانة للتاريخ"، وقالت إن بلادها تعيد تقويم مدى انخراطها في عمل منظمة "يونيسكو"، ردًا على هذا القرار, وكانت واشنطن أوقفت المساهمة في تمويلها عام ٢٠١١ بسبب اعترافها بدولة فلسطين كعضو فيها، لكنها لا تزال حتى الآن عضوًا في هيئتها الإدارية.

 وردت وزارة الخارجية الفلسطينية بشدة على تصريحات المندوبة الأميركية، وجاء في بيان أصدرته الوزارة أمس السبت "حاولنا الرد بديبلوماسية على السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، على اعتبار أنها عديمة الخبرة الديبلوماسية وسطحية المعرفة في الشؤون الدولية".

 وجاء قرار "يونيسكو" بتصنيف مدينة الخليل القديمة تراثًا إنسانيًا وموقعًا تابعًا للأراضي الفلسطينية بعد أيام من قرار لجنة التراث العالمي في "يونيسكو" في دورتها الحادية والأربعين، التي عقدت في مدينة كراكوف في بولندا، اعتبار البلدة القديمة في القدس وأسوارها تراثًا فلسطينيًا، داعية إلى الإبقاء عليه كما كان قبل احتلال المدينة عام 1967.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدينة الخليل بين غضب أميركا وإنصاف اليونسكو بإعلانها تراث فلسطيني مدينة الخليل بين غضب أميركا وإنصاف اليونسكو بإعلانها تراث فلسطيني



GMT 01:32 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

دباغة الجلود في الخليل صناعة تاريخية تُسابق الحداثة

GMT 01:10 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صناعة الزجاج في فلسطين إرث يُصارع من أجل البقاء

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:22 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 عمان اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 20:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن
 عمان اليوم - أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab