أعلن حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عن قربه من إتمام مؤلفه الأدبي الفكري التاريخي، تحت عنوان "الشارقة بين الحماية والاستعمار"، حيث سيصدر مع انطلاقة الدورة المقبلة من معرض الشارقة الدولي للكتاب، ليواصل فيه سرد أهم الأحداث التي أعقبت أحداث كتاب "سيرة مدينة"، الذي كان قد انتهى بفصل يحكي رضوخ الحكومة البريطانية لمطالب المقاومة، وتوقيع اتفاقية تنصّ على إقامة محطة الشارقة الجوية، وتكون لأغراض تجارية، من دون وجود أي تمثيل رسمي فيها.
وأوضح الشيخ سلطان أن الكتاب الجديد يبيّن مدى التزام الإنجليز، بما ورد في تلك الاتفاقية، وهل بالفعل عملوا بما جاء فيها، أم ضربوا بها عُرض الحائط. وسيسرد سموّه، من خلاله، بحسب وصفه، قصصاً غريبة راح أهل المنطقة ضحايا لها.
جاء ذلك، خلال الحفل الذي أقامه حاكم الشارقة، بحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمجموعة "كلمات"، في قاعة "وايت هول"، في قصر الاحتفالات في العاصمة البريطانية، لندن، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1622، في عهد الملك تشارلز الأول، ويعدّ بناء معمارياً وطنياً فريداً في تصميمه، وسط حضور نخبة من رواد الفكر والنشر.
وفي كلمة له عن الكتاب المحتفى به، أوضح الترابط القائم بين مؤلفاته التاريخية بقوله: هنا في كتاب "سيرة مدينة" الذي نحتفي به اليوم، مآسٍ كثيرة وتصرفات شائنة، ولو أرجعناها إلى مسبباتها، فسنلاحظ، أن في هذا الكتاب يتردد ذكر الإنجليز، أما في كتاب "تحت راية الاحتلال"، فكان يرد ذكر "شركة الهند الشرقية"، وهناك خلط بين الاثنين. وكل فرد فينا يتساءل ما الذي أتى بالإنجليز والفرنسيين إلى تلك الأرض، (منطقة الخليج العربي)؟ من أتى بالهولنديين والبرتغاليين إليها؟ نوضح لكم ونقول إن السبب هو القسطنطينية؛ ففي عام 1453، وهو الحدث الرئيسي الذي تسبب في كل المآسي، إذا قسناها إلى ما يسمى بـ"الحروب الصليبية".
وينتهي الكتاب، ليوضح حاجة الحكومة البريطانية إلى تلك المنطقة التي تقع ضمن الخط الواصل بين الشرق والغرب، ومطالبهم بإقامة قواعد عسكرية لهم فيها، وما أن تبيّن أن هناك حاجة، تصدّى القواسم لهم، بعدم إعطاء أي تصريح. ومن بين أفراد تلك المقاومة كان والدي، ولربما تعلمت منه شيئاً، وورثت بعض الجينات التي ربما تأثرت بها في شبابي، وبالفعل أبرمت هناك اتفاقية بخطاب ضمان بأن هذه المحطة لن تعمل إلّا بشكل تجاري، ولن يكون فيها تمثيل رسمي من البريطانيين؛ وعلى هذا قبلنا.
وفي السنة المقبلة سأعمل على إعداد كتاب، لأبين هل التزم الإنجليز بهذا الخطاب أو هذه الاتفاقية، أم ضربوا بها عُرض الحائط؟ وأنا على وشك الانتهاء من كتابته، وسيدخل المطبعة قريباً، ليأتي مع الدورة المقبلة من معرض الشارقة الدولي للكتاب، في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، إن شاء الله، ويأتي إلى لندن في العام المقبل كتاب "الشارقة بين الحماية والاستعمار"، وقصة غريبة نحن ضحاياها.
وكان الحفل، قد بدأ بوصول حاكم الشارقة، حيث كان في استقباله، سليمان المزروعي، سفير الدولة لدى المملكة المتحدة، وعبدالله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة والإعلام، وأحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، وعبدالعزيز تريم، مستشار الرئيس التنفيذي المدير العام لاتصالات الإمارات الشمالية، ومحمد حسن خلف، المدير العام لمؤسسة الشارقة للإعلام، ومحمد جلال الريسي، المدير التنفيذي لوكالة أنباء الإمارات، وعدد من سفراء وممثلي الهيئات الدبلوماسية الخليجية في المملكة المتحدة، ورؤساء تحرير عدد من الصحف الإماراتية وكبار المدعوين من مفكرين ومؤرخين.
واستُهل الحفل بعرض فني مبتكر، باستخدام الألوان المضاءة في رسم لوحة، وبشكل حيّ، توضح ملامح مدينة الشارقة ومعالمها، خلال الفترة التي يتحدث عنها كتاب "سيرة مدينة"، بطبيعتها الساحلية، وبيوتها القديمة المتراصة، التي تعلوها البراجيل، لتعبّر حقاً عن سيرة مدينة. كما عُرض فيلم تسجيلي قصير، يحكي فصول الكتاب، وأهم الأحداث التاريخية التي تناولها بأسلوب مشوّق.
عقب ذلك ألقى نايجل نيوتن، رئيس دار "بلومزبيري للنشر"، كلمة أشاد فيها بجهود حاكم الشارقة، وتعاونه المستمر مع الدار في نشر مؤلفاته، لما يملك من ثقة كبيرة بها، لتوصل فكره إلى الآخر.
بعده قدّم جيري بروتن، مؤرخ ومؤلف متخصص في تقديم دراسات عن عصر النهضة بين الشرق والغرب، قراءة مستفيضة عن كتاب "سيرة مدينة"، مبدياً إعجابه وولعه بأسلوب المؤلف، ومؤكداً أن العالم الآن أكثر من أي زمن مضى، بحاجة إلى حكام مثل سلطان، يجددون في الفكر والثقافة بطريقة سلمية.
وأوضح أن الكتاب ليس مجرد استعادة للماضي، بل هو سجل تاريخي مدقق بإتقان لفترة مهمة من عمر تلك المنطقة التي بدأت بعلاقات معقدة، وأصبحت علاقاتها متكاملة متصالحة، وفي الكتاب وصف دقيق للخريطة الجيوسياسية لمنطقة الخليج.
واختتم حديثه بالثناء على دور صاحب السموّ حاكم الشارقة، البارز في دعم مختلف أنواع الفنون والآداب، ليس في الشارقة أو دولة الإمارات فحسب، بل في كل أقطار العالم العربي، والعالم، عبر مساعيه في ترجمة كتبه وتقديمها إلى القارئ في بريطانيا وباقي الدول.
وفي ختام الحفل، تفضل صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بتوقيع نسخ من كتاب «سيرة مدينة» للحضور، في لفتة كريمة من سموّه، وتقديراً منه لهم على حضورهم.
أرسل تعليقك