مسقط -عمان اليوم
تضم محافظة شمال الشرقية الكثير من المواقع الأثرية والتي تعود إلى فترات زمنية مختلفة امتدت ما بين نهاية الألفية الرابعة إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، حيث ترجع أسباب الاستيطان فيها إلى توفر المياه نتيجة مرور عدد من الأودية القادمة من جبال الحجر المتوجهة إلى عمق الصحراء، وقد تم إجراء مسوحات وتنقيبات أثرية في عدد من المواقع الأثرية ابتداءً من ثمانينيات القرن الماضي وإلى الوقت الحاضر.
ومن أبرز تلك المواقع موقع الخشبة الأثري في ولاية المضيبي الذي يعدُّ واحدا من أهم المواقع الأثرية في محافظة شمال الشرقية وتنفذ فيه وزارة التراث والسياحة أعمال المسح والتنقيب الأثري منذ عام 2015م بالتعاون مع بعثة ألمانية من جامعة "توبنجن" وقد أكّدت نتائج التنقيبات أنّ الموقع يحوي شواهد أثرية لمستوطنات وأبراج حجرية تعود للألفية الرابعة والثالثة قبل الميلاد.
ويقول خميس بن سعيد بن حميد العاصمي مدير دائرة التنقيب والدراسات الأثرية بوزارة التراث والسياحة، إنّ موقع الخشبة الأثري يعدُّ من أهم المواقع الأثرية الذي لا زال العمل به مستمرا من قِبل البعثة الألمانية، ومن أهم الاكتشافات الأثرية في هذا الموقع مبنى ضخم تم تشييده من الطوب الطيني يعود للألف الثالث قبل الميلاد التي يُطلق عليها فترة (حفيت) حيث تميّز هذا المبنى بتصميمه الفريد إذ يعدُّ الأول من نوعه في تاريخ عُمان، ويبلغ إجمالي مساحة المبنى حوالي 6000 متر مربع، وما ميّز هذا المبنى الأثري وجود غرف موحدة صغيرة عُثر على أساساتها والتي رجّحت بأن يكون هذا المبنى ذا ارتفاع أكبر ومن الصعب تحديد ارتفاعه الحقيقي، كما تم الكشف عن غرف كبيرة تم تشييد أساساتها من الحجارة والطوب الطيني.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية أن من أهم الاكتشافات الأخرى خنادق عميقة يتراوح طولها بين 3 إلى 4 أمتار ومن المرجح أنها كانت تُستخدم لحماية المبنى الأثري من فيضان الوادي القريب منه، كما تمّ العثور على العديد من أحجار الصوان المكتملة وغير المكتملة أثناء التنقيبات في هذا المبنى والتي على الأرجح أن صنعها تمّ في الموقع نفسه وذلك للاستخدامات المختلفة.
وأشار إلى أن من أهم مميّزات هذا الموقع الأثري هو التسلسل الزمني للاستيطان فيه والممتد لأكثر من 1000 عام ابتداءً من نهاية الألفية الرابعة إلى نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد.
وقال إنه تمّ أيضا العثور على أقدم شواهد لعمليات صهر النحاس في عُمان تعود إلى بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد وهو دليل أثري مهم يؤكد على قِدم إنتاج النحاس في حضارة مجان والمرتبط تصديره إلى حضارات بلاد الرافدين.
وأكد أن هذه الدراسات الأثرية تؤكد وتكشف للعالم عن مدى عراقة وقِدم الحضارة العُمانية وأنها أدّت دورا أساسيا في العلاقات بين مختلف حضارات المنطقة وأسهمت بدور ملموس في التطوُّر الحضاري لخط سير البشرية منذ أقدم الأزمان.
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك