"حليمة وعادتها"..."الحيلة والفتيلة"..."خفي حنين" وغيرها...أمثال عربية نردّدها، ونستخدمها في أحاديثنا ليلًا نهارًا بشكل عفوي أو مقصود في العمل والمنزل والشارع، حيث أصبحت جزءا من ثقافة أحاديثنا، أطلقها أسلافنا من تجارب شخصية لتحاكي حياتنا بشكل دائم.
الأمثال العربية كغيرها من الأمثال العالمية لم تأت من فراغ أو عبث وإنما جاءت من حكايات وقصص، لتتناقلها الأجيال تباعا، فمن الخليج إلى المحيط تنوعت اللهجات، والأمثال واحدة تستخدم بين الدول العربية بشكل دائم لتعبر عن الحالة، وفي السطور التالية، نقدم لكم عددا من الأمثال العربية الشهيرة التي لم تولد بمحض الصدفة، وإنما جاءت من قصص توارثناها جيلا بعد جيل.
"الحيلة والفتيلة"
ومن الأمثال الشامية المتداولة، مصطلح "الحيلة والفتيلة"، والذي يوصف ويتداول بشكل طريف ليعبر عن الحالة المالية والوضع الاجتماعي.
ويتداول الكثيرون هذا المثل على أنه قد وجد منذ القدم، عندما كانت العروس تحضر إلى بيت عريسها ومعها جهازها الذي يتكون من العديد من الأشياء الشخصية، الموضوعة في صندوق خشبي، ومن ضمن هذه الأشياء "السبوبة" وهي كيس من الحرير المطرز تضع فيه العروس حليها ورزمة من الفتائل ورزمة دكك.
أقرا ايضًا:
تعرّف على أبرز اللقطات في حياة الرحالة الشهير ابن بطوطة
ومن العادات المتبعة قديما هي أن تقوم العروس منذ وصولها إلى بيت عريسها بتغير فتيل السراج "القنديل" في البيت بفتيل جديد تحضره معها مكان القديم، وتشعله بنفسها كرمز لبداية عهد وحياة جديدة، ولا يحق للعريس الاقتراب من عروسه إلا عندما ينطفئ السراج وينطفئ النور، وإذا كان الفتيل طويلا تضايق العريس، ولذلك يقال عن المرأة كثيرة الكلام والتي تحب الجدال والتي تستغرق وقتا طويلا في تحضير نفسها بأن فتيلتها طويلة وبعبارة أسهل "أف ما أطول فتيلتها".
كما كانت التقاليد القديمة تفرض على العروس بأن تضع دكة من الحرير للسروال الداخلي وتتفن بعقدها بمساعدة أمها أو إحدى نسيباتها ليصعب على العريس فكها ولا يسمح له بقطعها ليستخدم أظافره وأسنانه في حل العقدة التي كانوا يسمونها "حيلة"، فكلما عانى العريس في ليلة دخلته كان ذلك رمزا على تعفف العروس، وعلى العكس فعندما تكون المرأة مستهترة في الدكة، كان يقولون عنها "دكتها رخوة" أي سهلة المنال.
"عادت حليمة لعادتها القديمة"
فتعود قصتها كما تناقلها الكثيرون إلى أن حليمة هي زوجة حاتم الطائي الذي ضرب به العرب المثل في الكرم والسخاء، على عكس حليمة التي تشتهر بالبخل.
ويتداول عن حليمة بأنها كلما رغبت بإضافة السمن إلى الطعام ارتجفت الملعقة ولم تطاوعها يدها، فأراد حاتم أن يعلمها الكرم قائلا لها "إن الأقدمين كانوا يقولون إن المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن في طنجرة الطبخ زاد الله بعمرها يوما، فأخذت حليمة تزيد ملاعق السمن في الطبخ، حتى صار طعامها طيبا وتعودت يدها على السخاء".
وبعد فترة من الزمن توفي ابنها الذي كانت تحبه بشدة، فجزعت حتى تمنت الموت، لتقلل من السمن في الطبخ على أمل أن ينقص الله من عمرها وتموت، ليعلق عليها ضيوفها بعبارة "عادت حليمة لعادتها القديمة"، وصار هذا المثل ينطبق لاحقا على الذين يعودون لأعمالهم القديمة التي توقفوا عن القيام بها.
"عاد بخفي حنين"
يتداول الكثيرون بأن حنين هو شخص من أهل الحيرة عمل إسكافيا، وزاره أحد الأعراب في يوم من الأيام وأخذ بمساومته من أجل شراء خفين، وبعد طول جدال ومناقشة، انصرف الأعرابي دون أن يشتري الخفين، ليغضب حنين وقرر أن يعاقب الأعرابي، ليسبقه حنين في طريق عودته وليعلق أحد الخفين على شجرة وليطرح الخف الثاني على الطريق، وجلس متخفيا.
ويشاهد الأعرابي الخف المعلق على الشجرة، قائلا: "ما أشبهه بخف حنين، لو كان الخف الثاني لأخذته"، وسار متابعا طريقه فرأى الخف الثاني على حافة الطريق، فنزل عن ناقته والتقطه وعاد لأخذ الخف الأول، فخرج حنين من مخبأه وسرق الناقة وهرب.
عندها عاد الأعرابي مشيا على الأقدام إلى قبيلته ومعه الخفان، ليسأله قومه ما الذي جئت به من سفرك؟ فقال "جئتكم بخفي حنين". ويتداول الناس هذا المثل عند اليأس والفشل.
"لا ناقة لي فيها ولا جمل"
وتعود قصتها إلى الحارث بن عباد، الذي رفض المشاركة في حرب البسوس بين تغلب وربيعة، وقد كان سبب الحرب أن كليبًا قتل ناقة البسوس، فقام جساس لقتل جمل كليب، لكنه قتل كليبا نفسه، فاشتعلت الحرب بين أبناء العمومة، ولما دعي ابن عباد إلى الحرب رأى أنَّها حرب غير محقة لا لطرف الزير سالم أخو كليب المقتول ولا لطرف مرَّة ابن ربيعة والد جساس القاتل، فأبى النزول وقال عبارته الشهيرة "لا ناقة لي فيها ولا جمل".
كما يوجد العديد من الأمثال والمصطلحات الشعبية الأخرى التي تداولها العرب قديما، في مواقف نصادف شبيهاتها في وقتنا الحالي لنستخدمها.
وقد يهمك أيضًا:
علماء آثار في مصر يكتشفون تمثالاً جديداً غير مكتمل يعتقد أنه لـ"أبو الهول"
"ميريت" للنشر تُطلق مجلة الكترونية لتوثيق 20 عامًا من تاريخها
أرسل تعليقك