أعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار، تشكيل لجنة لمناقشة ودراسة ملف ضم مدينة بابل الأثرية إلى لائحة التراث العالمي، مبينة أن اللجنة تضم 15 شخصًا من فنيين وخبراء، في وقت أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، على إدراج مدينة بابل العراقية الأثرية في لائحة التراث العالمي، وذلك حرصا منها على عودة العراق إلى مكانته الحضارية .
تسعى مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار، لإزالة العقبات امام انضمام مدينة بابل الاثرية الى لائحة التراث العالمي، بهذا الشأن يقول علاوي، إن العمل والجهود لإدراج بابل، قطعت شوطاً مهماً من خلال تحديد الأرض والمساحة، وتطبيق معايير "اليونسكو" الدقيقة من قبل فريق الملف المتكون من اختصاصيين لهم خبرة طويلة، وعملنا على تشكيل ثلاث فرق أثرية وفنية وإعلامية، لتأهيل الملف وكتابة تفاصيل دقيقة من شروط الإدراج العالمي، وقبوله من لجنة التراث الأممية وتدقيقه من قبل خبراء "اليونسكو" .
وقال بيان لوزارة الثقافة العراقية إن فريق إدراج مدينة بابل (جنوب بغداد) في لائحة التراث العالمي عقد اجتماعا ببغداد مع ممثل اليونسكو وممثل الملحقية الثقافية في السفارة الأميركية بالعراق بهدف اتخاذ خطوات سريعة لإعداد الملف بابل وإكمال المتطلبات المطلوبة من قبل اليونسكو.
وأوضح البيان أن الاجتماع تطرق إلى متطلبات منظمة اليونسكو التي تشير إلى إدراج الملف ضمن اللائحة الدولية وآلية كتابة الملف بلغة التراث العالمي، وإشراك خبراء من منظمة النصب العالمية للمساعدة في إنجاز المشروع .
وعبر أعضاء الفريق والمشاركون في الاجتماع عن حرصهم على عودة العراق إلى مكانته الحضارية ،خصوصا مدينة بابل الأثرية ، وضرورة التنسيق بين الوزارة وحكومة بابل المحلية لإيجاد الصيغ المناسبة التي لا تتعارض مع القوانين الخاصة بالآثار والقوانين الأخرى لإدارة المنتجع السياحي والقصر، كما أشاروا إلى مواصلة اللقاءات من أجل إنجاز جميع متطلبات الملف لرفعه الى لجنة التراث العالمي في اليونسكو وفق التوقيتات المطلوبة.
عبر مراحل محددة مِن قبل المنظمة الدولية وخبرائها الأثريين، لافتاً إلى: تسوية الإشكالات كافة بين الحكومتين المركزية والمحلية، والنجاح بإقناع "اليونسكو" بالتعامل مع الإضافات التي حدثت في السنوات السابقة على أنها واقع حال وتمثل حقبة من مراحل التاريخ التي مرت بها المدينة، وأيضاً تولت منظمة النصب العالمية التي زارت المدينة إدخال كادر متخصص بورشة متقدمة مشتركة، لتكون انطلاقة لتأهيل كوادر خارج العراق معالجة الطابوق الأثري على حساب منظمة اليونسكو.
ويسترسل علاوي بحديثه : أن العمل ليس بالسهل، وفي الوقت ذاته، فإن المهمة ليست مستحيلة إذا ما وضعنا نصب أعيننا أولاً مصلحة بلدنا العراق ومدينتنا بابل التي تستحق منا جميعاً وفق نكران الذات وتغليب المصلحة العامة والنظرة المستقبلية، وإن أي تضحية تقدمها أية جهة هي ليست بتضحية بقدر ما أنها خطوة نحو انجاز سيحسب للجميع، فبابل تستحق. لافتاً: الى تشكيل فريق من الآثاريين المختصين يأخذ على عاتقه كتابة الملف بكل تفاصيله الدقيقة، وتم ذلك بوقت قياسي مع ترجمته الى الانكليزية. وفريق آخر من الفنيين، يقوم بترميم وصيانة الآثار وتنفيذ الخطة التي وضعتها منظمة النصب العالمية التي تعمل مع القنصلية الأميركية.
ويقول علاوي "إنه سبق وأن تمّ رفع الترشيح مرتين، لكنه رفض لعدم تطابق الشروط المنصوص عليها في المنظمة العالمية، مشيراً الى جملة خلافات بين الحكومة المحلية ووزارة الثقافة متمثلة بهيئة الآثار والسياحة بعدم دمجهما، منوهاً الى أن القانون العراقي يعد الأهم في المنطقة لحماية الآثار.
وأوضح إن سبب هذه الخلافات التي استطاع حلها يعود لوجود منتجع سياحي وقصر رئاسي وفندق كان مجلس المحافظة يروم احالتها الى الاستثمار، لكن نتيجة الحل والاتفاق الأخير، توصلوا الى اعادة هذه الممتلكات الى هيئة السياحة والآثار وهي نقطة مهمة تصب في صالح الملف، خاصة حين تعلم اليونسكو أن الخلافات والتقاطعات التي سبق وأن أشارت إليها قد انتهت. موضحاً: إن الملف الذي تأخر إنجازه منذ عام 2008 أنُجز الآن في شهرين بجهود ومثابرة الجميع.
وفي ما يخص الخطوات المقبلة بعد تسليم الملف، أوضح علاوي، سيصل يوم 25 من الشهر الحالي، خبراء من منظمة النصب العالمية لمطابقة ما موجود على الارض مع الملف الذي سلّم لهم. موضحاً، إنهم سيقومون بأعمالهم على مدى 20 يوماً، منوهاً" الى أنه طرح فكرة تحويل جزء من المنتجع السياحي الى مختبرات، وهناك فكرة انشاء استعلامات للمدينة، فضلاً عن مقترحات أخرى كثيرة تدرس الآن وتنفذ في فترات مقبلة.
ويقول رئيس اللجنة، إن فريق الصيانة سيقوم بتحديد حدود المدينة الآثارية والادارية وصون شارع المعابد القديمة والأبنية التي تحمل السمة التأريخية والتراثية التي تدعم ملف الترشيح، لافتاً إلى لقاء جمعه مع خبراء منظمة اليونسكو، حيث دار حديث حول مسلة حمورابي المعروضة الآن في متحف اللوفر والتي سبق وأن سُرقت من العراق، وهل تحتسب كنقطة لصالح الملف، مبيناً: إن فريق الخبراء أخبره، أن المنظمة تتعامل مع الاثار الموجودة في البلاد وليس التي خارجه، وإن كانت قد سُرقت.
كما أشار علاوي بحديثه الى بوابة عشتار الموجودة الآن في برلين، والتي تعد من اضخم الأعمال التاريخية، لكنها أيضاً لاتحتسب نقطة، لكن رغم ذلك نعمل على ترميم وصيانة قاعدتها، موضحاً إنها مازالت تذهل كل من شاهد نقوشها ولونها الأزرق الخاص الذي لم يوجد له مثيل الى يومنا هذا. في حين إن أسد بابل يحتسب وشارع المواكب والمعابد القديمة كنقاط دعم للملف.
وأستطرد هناك ثلاثة محاور أساسية تعمل جميعها بالتوازي ضمن أفق زمني محدد وصولاً إلى تكامل الملف وتقديمه في منتصف عام 2018، لكن قبل ذلك، كان علينا أن نقدم ملفاً كاملاً عن طبيعة بابل وآثارها وكل التفاصيل المتعلقة بإدراجها في موعد سبق وأن حُدّد، وحين باشرت اللجنة الجديدة بعملها، كان الوقت المتبقي قرابة شهر، ورغم ذلك وبجهود الكثير من اعضاء اللجنة وموظفي الوزارة، تم اكمال ملف اقتراح بابل في لائحة التراث العالمي وسُلّم الى منظمة اليونسكو.
ويوضح رئيس اللجنة، إن المحور الأول يتضمن حل المشاكل التقنية الخاصة بوضع الأبنية الموجودة في مدينة بابل الأثرية وفقاَ لمتطلبات اليونسكو، ومن أهمها عائدية مبنى القصر الرئاسي في بابل وضرورة نقل ملكيته من محافظة بابل إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار، وهذا الأمر أخذ منا الوقت الكثير والجهود المضنية لأجل تحويل القصر الذي تعرض للكثير من الإهمال والتخريب الى متحف. واسترسل أما المحور الثاني، فقد خصّص للترويج للملف من خلال خلق حالة من الوعي العالمي حول مدينة بابل الأثرية، وأهم إنجازاتها على المستوى العالمي الشعبي، بحيث نشرك الأفراد من مختلف دول العالم بهذه الحملة التي ستأخذ اكثر من مجال وقطاع ترويجي.
وأوضح" إن المحور الثالث يهتم بالدعم على المستوى الرسمي العالمي للملف مضيفاً، من خلال تولي اللجنة بالتعاون مع وزارة الخارجية العراقية والوزارات المعنية لإعداد ملف متكامل يتضمن كتيباً تعريفياً، وملفات مسموعة ومرئية حول مدينة بابل وأهميتها، ويتم إرساله عن طريق السفارات العراقية إلى جميع الدول الأعضاء في اليونسكو، مع إمكانية عقد اجتماعات لشرح الملف وتوضيحه سعياَ لكسب الدعم الرسمي لتقديم الملف.
وفي ما يخص الفوائد والامتيازات التي يمكن أن تستفيد منها المدينة الآثارية في حال ضم بابل الى لائحة التراث العالمي، بيّن رئيس اللجنة، هناك امتيازات عديدة، فضلاً عن اهمية دخولها وتوفير الحماية الدولية لها، سيتم التنقيب عن الآثار بتمويل من اليونسكو عبر ارسال خبراء مختصين بهذا الشأن، اضافة الى تدريب الكوادر العراقية.
وبين "إن كل الموجود الآن من آثار لايشكّل سوى 20% من حدود المدينة وآثارها، لافتاً إلى وجود 80% تحت الأرض بضمنها مقبرة الملوك، فضلاً عن الكنوز والآثار الكثيرة غير المكتشفة. متابعاً: كما سيتم بناء متاحف ومدن سياحية تشجع على السياحة في بابل والمتوقف الآن بشكل واضح.
ويضيف علاوي: كذلك سيتم بناء مختبرات لصيانة وترميم اللقى الآثارية المتعرضة للكسر والتلف والتي تحتاج الى خبرة، مشدداً: إنه من خلال ذلك، سيتم تطوير قدرات كوادرنا إذ سيتم ادخالهم دورات في كيفية التعامل مع المدن الآثارية.
وأكد إنه في حال نجاح انضمام بابل الى لائحة التراث العالمي، سيكون لنا الحق المطالبة بالآثار المعروضة في المتاحف العالمية من مسلة حمورابي وبوابة عشتار رغم صعوبة ذلك باعتبارهما من التراث العالمي.
هذا وأعلنت وزارة الموارد المائية فيما مضى عن البدء بالمشاريع المتلكئة والقنوات التي بحاجة الى معالجات فورية مثل (الجربوعية) التي تروي عشرات آلاف الدونمات الخصبة و(اليهودية) التي تحولت من قناة اروائية تأريخية الى مكبّ للقمامة في وسط المدينة، وانتهاءً بمدينة بابل الأثرية التي يجري عمل حثيث لإدراجها على لائحة التراث العالمي في العام المقبل، حسبما يؤكد وزير الموارد المائية حسن الجنابي، على اهمية إدراج مدينة بابل بعد الأهوار الى لائحة التراث العالمي.
وقال الجنابي في تصريح صحفي سابق، إن الوزارة قامت بإنجاز عمل رائع في تنقية بحيرات المدينة الأثرية وقنواتها وتأهيل مشهدها الطبيعي، وسنبقى كذلك، إذ تقرر تشكيل دائرة خاصة بتأهيل المكان حتى ما بعد الإدراج ودعماً لمشروع الإدراج، متابعاً أما شط الحلة، فستقوم الوزارة بإعداد تصاميم وخطط تأهيل الشط داخل المدينة.
فيما أكدت رئيس لجنة الثقافة والاعلام النيابية النائبة ميسون الدملوجي، دعمها الكامل لجهود وزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار والتراث ومحافظة بابل لتحقيق هذا المشروع، مثنيةً على الجهود التي تبذلها الأطراف المختلفة، ومنها وزارة الموارد المائية ووزارة الثقافة ووزارة الصحة والمحافظات المعنية لتقديم التقرير بأحسن صورة، بالرغم من كل المعوقات وفي مقدمتها الشحة المالية. مشددة: إن بابل هي مهد الحضارات الإنسانية، وينبغي أن يكون إدراجها من أولويات منظمة اليونسكو التي تأخرت كثيراً في إنجازه، مطالبة بـرفع التجاوزات التي قامت بها الحكومات قبل وبعد سقوط النظام البائد على الموقع بأسرع وقت، لأنه سيسرّع من عملية إدراجها في لائحة التراث العالمي.
كما وأكدت الدملوجي، على ضرورة تضافر الجهود بين الجهات المعنية، ولاسيما الهيئة الوطنية للآثار والتراث وحكومة بابل المحلية واللجان المعنية في مجلس النواب ووزارة الخارجية، بالإضافة الى وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي لعبت كلها دوراً مهماً في إدراج الأهوار والمدن الأثرية السومرية في لائحة التراث العالمي في العام الماضي.
عضو لجنة الخدمات النيابية عن محافظة بابل محمد المسعودي، بيّن إن إدراج بابل ضمن لائحة التراث العالمي، مطروح منذ عام عام 2010، وإن لجنة الخدمات اجتهدت كثيراً لإدراجها ضمن التراث العالمي.
وأضاف أن اللجنة عقدت عدّة اجتماعات في العاصمة الاردنية عمان، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، لكن هناك مجموعة من المعوقات، آنذاك، حالت دون ذلك ، موضخا إن أولها وجود انبوب لنقل المشتقات النفطية ممتد من البصرة إلى بغداد والذي يمر عبر المناطق الأثرية، ويتطلب رفعه تخصيص مبالغ مالية كبيرة. كما أن هناك العديد من المنتجعات والقصور التي تعود الى النظام السابق بحاجة الى إدامة وصيانة.
أما المعوق الثالث، فهو التخصصيات المالية، لاسيما أن الأمر بحاجة الى عقد مؤتمرات لوجستية، وبالتالي شرح أوضاع المدينة الآثرية وما آلت إليه اليوم. مشدداً، على ضرورة ايلاء الاهتمام بشكل متوازن بين هذه المعالم الاثرية، ومنها آثار بابل وكيش ودوريسيفا.
وفي ما يخص انبوب النفط، بيّن رئيس لجنة مناقشة ودراسة ملف ضم مدينة بابل الأثرية إلى لائحة التراث العالمي، رعد علاوي: أنه فاتح وزارة النفط بهذا الشأن، وسيتم تحويل الانبوب قريباً خارج حدود المدينة، مشدداً: إن الاعمال والاستعدادات تتم بشكل متواصل لإتمام المهمة الى النهاية والنجاح بجعل مدينة بابل من التراث العالمي.
الى ذلك لفت الخبير المتخصص بالآثار هادي كاظم الربيعي، الى أن حملة إدراج آثار بابل تسير بمستوى جيد، ونعمل لساعات طويلة على ترميم وصيانة الطابوق والأجزاء المستهلكة من بوابة عشتار والمعالم الموجودة كافة، وأصبح اجتياز المرحلة الأصعب من شروط "اليونسكو" لإعادة إدراج بابل عالمياً قاب قوسين. مسترسلاً: بدأت من المحافظة على معالم النحت والرسم والزخرفة التي تستقطب السيّاح، وحتى في أجواء الصيف اللاهب، يأتي الزوّار ومنهم أجانب نهاراً وليلاً لمشاهدة منار وتأريخ العالم لآلاف السنين، مضيفاً: نمتلك خبرة عمل دولية دقيقة، مكوناتنا من الحفاظ على المدينة، رغم ما مرت به البلاد من ويلات وحروب، ووصلنا لمرحلة إقناع للعالم والدول المهمة التي يشترط أن توافق على الإدراج العالمي، مثل روسيا والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
أرسل تعليقك