الخرطوم – محمد إبراهيم
تعاني المنتديات الثقافية في السودان، من إشكاليات كثيرة أخيرًا، رغم أنها كانت تلعب دورًا كبيرًا في الحراك الثقافي، مما أدى إلى حالة من الركود الثقافي، وهو أمر يعود – بحسب مراقبين - إلى عدم وجود مقار للاتحادات والمنتديات الثقافية بجانب غياب الموارد الكافية والمال المطلوب، وقد ساعدت الوسائط الاجتماعية بسهولة التواصل فيها بإحلال المنتديات الثقافية لتصبح بديلاً لها فيما ظلت السلطة السياسية تلقي بظلالها على المشهد الثقافي وتلغي تسجيل بعضها بحجج مختلفة ما جعل المنتديات الثقافية تحت .
وأوضح مدير مركز ثقافي "متوقف حاليًا" في الخرطوم، علي الزين أن السلطات القائمة لا تقبل الآخر، وتساءل إذا ما كانت الوسائط الإسفيرية السبب في ركود الحراك الثقافي وإذا ما كانت الوسائط الإسفيرية ستصبح بديلاً للمنتديات الثقافية خاصة أن أنشطة المنتديات الثقافية أصبحت محصورة بسبب عدم امتلاكها مقار ودوراً ثابتة تؤويها، وكذلك بسبب الضائقة المالية لدى مؤسسي المنتديات، وبسبب ضعف اشتراكات أعضاء المنتديات.
ولخص الزين المشكلة في القيود التي تضعها السلطات مثل تسجيل المنتديات وأخذ الأذونات وعدم الرؤية الواضحة لدى السلطات القائمة، وعدم وضوح شكل العلاقات بينها وبين الجهات الثقافية الأخرى مضيفاً أن الملفات الثقافية بدأت تتناقص حتى كادت تتلاشى.
وأضاف الزين أن عام 2012 شهد منع عدد من المنتديات من ممارسة نشاطاتها المُختلفة مثل مركز الخاتم عدلان ومركز الدراسات السودانية لحيدر إبراهيم علي وغيرهما، وقد تم إغلاق قرابة سبعة مراكز ثقافية، مضيفا أن قلة الإمكانات تعتبر من أسباب الركود الثقافي، حيث لا توجد دور تؤوي المنتديات، وكذلك قلة البرامج وميل الجمهور للطرب والغناء والاستقطاب السياسي داخل المراكز الثقافية، كل هذه الأسباب مجتمعة تسببت في عملية الركود، وختم الأستاذ علي الزين حديثه بأنه يأمل أن تتنزل مخرجات الحوار وتساهم في فتح المنتديات الثقافية التي أغلقت من قبل الحكومة، مضيفاً أن تنزيل مخرجات الحوار الوطني لأرض الواقع يمكن بها اختبار جدية النظام.
وأضاف الناقد مصطفى الصاوي: توجد مراكز ثقافية بها نشاط ثقافي وفعاليات ثقافية مثل مركز راشد دياب للفنون ومركز عبد الكريم ميرغني، ولكن هذه الأنشطة ضعيفة إذا ما قورنت بالأنشطة السابقة،
وبحسب الصاوي فإن القوانين المقيدة للحريات هي السبب في الركود الثقافي، مضيفاً أن إيكال الأمر لجهات ليست لها علاقة بالثقافة أضعف الأمر، ويشير الصاوي إلى أن هنالك عدداً من الأندية والجهات الثقافية تمارس نشاطها ولكن يتحتم عليها أخذ الأذونات مسبقًا من الحكومة مما يؤثر سلباً عليها. ويرى الصاوي أن بنية المؤسسات الثقافية للدولة تفتقر إلى الرؤية الواضحة وهي السبب في الركود الثقافي بالإضافة لعدم وضوح العلاقات بينها وبين الجهات الثقافية.
وأشار نائب رئيس منتدى السرد والنقد الأستاذ الهادي راضي في حديثه لـ "العرب اليوم" إلى أن أسباب الركود الثقافي مفتعلة وأحياناً مقصودة مدللاً على قوله بأن الحراك الثقافي كان نشطاً في التسعينات، وحتى عام 2005م، مضيفاً بأنه كان يقرأ أحد عشر ملفاً ثقافياً في الصحف وحدها، مضيفاً أن الجهات الثقافية التي كانت تقيم المناشط الثقافية والندوات التي تباشرها كان لها حراك كبير في النشاط الثقافي،ويشير الهادي راضي إلى أن الحراك الثقافي نتاج ثقافي يرفع من وعي الجماهير وهو دليل على التنوير.
ويرى راضي أن الركود الثقافي سببه الجهات المسؤولة التي أرادت أن ينخفض النشاط الثقافي حتى يحدث تحجيم للمواعين الثقافية. وقد دلل راضي على حديثه ذلك بأن الملفات الثقافية بدأت تتناقص إلى أن كادت تتلاشى. وقد أكد الهادي راضي بأن الضائقة المالية تعتبر سبباً رئيسياً من أسباب الركود الثقافي لما لها من تأثير سالب على الحراك الثقافي.
ويشير ميرغني إلى أن من أسباب الركود الثقافي كثرة الخلافات الشخصية داخل المنتديات والاستقطاب السياسي الذي أضر بهذه المراكز، حيث أصبح الناس يصنفونها تصنيفًا سياسياً.
ووفقاً لتقديرات أمين أمانة الاتحادات الأهلية والمنظمات الثقافية بالمجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون الأستاذ معتصم عبد القادر محمد، فإن النشاط الثقافي بولاية الخرطوم يعادل 127 منشطاً في العام. وقال إنه يزيد في المناسبات الوطنية، ويقل في بعض الأيام، وذكر عبد القادر أن هنالك أنشطة مستمرة، لها راتب ثابت، ودلل على ذلك ببعض المراكز مثل مركز الفيصل الثقافي ومركز دار فلاح وجماعة الفيلم السوداني.
أرسل تعليقك