وجد جمهور من المواطنين ومن الجاليات الأجنبية في عمّان ثمة متسع من الأمل والتفاؤل، على الرغم من أصداء المعارك الطاحنة قرب الحدود الشمالية والشرقية للأردن، ليستمعوا إلى عزف في حفلة أحيتها أخيرًا جمعية الأوركسترا الأردنية الوطنية بقيادة محمد صدّيق، على "مسرح هاني صنوبر" في المركز الثقافي الملكي.
وتضمنت الحفلة مقطوعات موسيقية عالمية، بدأت بعزف من مقطوعة "مقدمة عروس القيصر" لنيكولاي ريمسكي كورساكوف التي تؤكد براعة هذا الموسيقار في ضبط الإيقاعات في أعماله الأوبرالية، فضلًا عن التحليق في فضاءات من المعاني الصاخبة تارةً والهادئة تارةً أخرى.
وشارك في العزف مع الأوركسترا الوطنية عازفون من رومانيا ولبنان واليابان وإيطاليا وأميركا. وأقيمت الحفلة بدعم من مجموعة طلال أبو غزالة العالمية، والمعهد الوطني للموسيقى، ومجموعة نادر، والمركز الثقافي الملكي، وشركة أُمنية، وأدوية الحكمة، وبنك الاتحاد، وإذاعة "بلاي إف إم"، وكراسي، وشركة مقام للإنتاج الفني، وصحيفة "الغد”.
وانتقل الجمهور بعد ذلك إلى التواصل مع مساحة من المرح والخفة عبر مقطوعات عزفتها الأوركسترا للملحن والمايسترو النمساوي يوهان شتراوس الابن، وهي من مؤلفاته الكلاسيكية،
وصفق الجمهور طويلًا لـ "الدانوب الأزرق" المقطوعة الأطول من بين ما قدمته الأوركسترا.
ومن موسيقى تشايكوفسكي، اختارت الأوركسترا الفصل الأول من باليه "كسارة البندق وملك الفئران" التي ألّفها في 1891 و1892.
وقدمت منه مقطوعة مكتوبة للباليه تضمنت فصلين مُفادين من قصة لإرنست هوفمان، تبحر أحداثها في عوالم الخيال، وترصد الصراع الأزلي بين الخير والشر، في جوّ من الإثارة والتشويق.
وأعاد صدّيق عزف مقطوعة شتراوس في "أصوات الربيع" التي أشاعت أجواء مرح، ولكن بجمل موسيقية لم تخلُ من تعدد فضاءاتها، وهو ما تكرر في مقطوعة "مقدمة ليلة في البندقية" التي احتشدت فيها المشاعر الزاخرة بالعواطف المتأججة.
واختُتمت الحفلة بفقرة لـ 17 طفلًا وطفلة توشَّح كل منهم بوشاح ازدان باللونين الأخضر والأحمر، من كورال المعهد الوطني للموسيقى "عمون" الذي أُسس عام 2012، وكورال "ناي" الذي أسسته ديانا تلحمي عام 2009.
وقدم الأطفال عددًا من تراتيل الأعياد، منها: "أجراس الميلاد يا فرح أعياد الميلاد"، و"عام يأتي، عام يرحل... في دنيا الأنهار فوق جواد أبيض... محمّل ألعاب وهدايا لكل الأطفال"، و"نور أنت في الليل... يعلو سراج"، و"ها قد وُلد طفل عظيم... هيا افرحي يا بيت لحم”.
وعن دعمه للأوركسترا، أفاد طلال أبو غزالة بأنه "عندما كنت أحد اللاجئين الفلسطينيين قبل نصف قرن، وأدرس في الثانوية العامة، كنت محتاجًا إلى وظيفة توفر لي دخلًا للعيش منه، وكان من حظي أن بدأت ببيع الأسطوانات الموسيقية الكلاسيكية.
وحتى أكون بائعًا جيدًا، كان لا بد لي من سماع ما تحويه هذه الأسطوانات وفهمها، فدرسْتُ الموسيقى، بمقطوعاتها ومؤلفيها وأنواعها، ومن يومها أصبحت بمثابة الدواء لروحي وجسدي في آن واحد”.
وأوضح أبوغزالة، أنه من الأصدقاء الداعمين لمهرجان سالزبورغ وهو البرنامج الأهم للموسيقى في العالم، كما أنه يمضي سنويًا أجازته البالغة خمسة أيام في سماع الموسيقى الكلاسيكية في سالزبورغ.
أرسل تعليقك