توقّع خبراء اقتصاديون بأن الأسواق المالية العالمية ستشهد أداء جيدا خلال العام الجاري، وسينجذب المستثمرون إلى الفرص الاستثمارية في الأدوات ذات العوائد المرتفعة، وذلك نتيجة لعدة عوامل منها خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوربي، وانتخابات الرئاسة الأميركية، والتزام الدول الأوروبية واليابان بشروط ائتمانية أسهل.
وأوضح خبراء اقتصاديون أن انتشار فيروس "كورونا" في الكثير من الدول قد يؤثر على معدلات نمو الاقتصاد العالمي، فضلا عن وجود تقلبات عديدة سوف يكون لها تأثير على الحفاظ على أداء مستقر للمحافظ الاستثمارية، وفي ما يتعلق بأسواق منطقة الخليج قال الخبراء: إن وجود العديد من الأنشطة والتطورات الاقتصادية في المنطقة كمعرض إكسبوا 2020 في دبي، وقمة العشرين بالرياض، إضافة إلى توجه العديد من الدول إلى الخصخصة في قطاعي الكهرباء والنفط والغاز ستدعم السيولة في هذه الأسواق.
وأوضح الخبراء أن سوق مسقط للأوراق المالية سيحقق عائدًا جيدًا يتراوح بين 15 و20% خلال العام الحالي خاصة أن معنويات المستثمرين جيدة بدعم من الانتقال السلس للسلطة وتطبيق العديد من القوانين مثل قانون الاستثمار الأجنبي، والإفلاس، والشركات التجارية، مما سيعطي للمستثمرين الثقة للعودة إلى السوق، مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الإيرادات النفطية، وتنويع مصادر الدخل، وجذب الاستثمارات، وإيجاد شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص من شأنها أن تدعم سوق مسقط لتحقيق عائد جيد.
اقرأ ايضا :
صندوق النقد العربي يؤكد أن الاقتصاد العالمي يشهد بوادر ضعف خلال
وأكد الخبراء على ضرورة قيام صناديق الاستثمار، وصناديق التقاعد بخطوات إيجابية تجاه السوق من خلال ضخ الأموال فيه، وتنشيط السيولة، وتشجيع الحركة.
وأبدى لؤي بطاينة، الرئيس التنفيذي لشركة أوبار كابيتال تفاؤله بأداء الأسواق المالية العالمية في السنة الحالية بسبب تصريح الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بعدم حدوث أي تغيير في أسعار الفائدة نتيجة عدة عوامل أهمها حالة الترقب حول آثار خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوربي، وانتخابات الرئاسة الأميركية، مما يجعل المستثمرين أكثر انجذابًا للفرص الاستثمارية في الأدوات ذات العوائد المرتفعة، كما أن التزام صناع القرار في الصين، وأوروبا، واليابان بشروط ائتمانية أسهل خلال الفترة القادمة سيضفي المزيد من الحيوية والقوة للأسواق المالية العالمية، موضحا أنه بالرغم من كل هذه العوامل التي تدفع الأسواق إلى القيام بأداء جيد خلال العام الحالي، فإن الأسواق المالية قد تتعرض لتقلبات عديدة بسبب كثرة التحديات المتعلقة بقدرة الحفاظ على أداء مستقر للمحافظ الاستثمارية.
أما فيما يتعلق بأسواق المنطقة، أوضح بطاينة أن استمرار الإنفاق الحكومي، وثبات الرؤية نحو أسعار النفط على خلفية الاتفاق على تمديد خفض الإنتاج، وتراجع حدة التوترات الإقليمية سيوفر بيئة ومناخًا مستقرًا للاستثمار، كما أن ترقية عدد من الأسواق الخليجية مثل السوق الكويتي سيجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وقال بطاينة: إن هناك العديد من الأنشطة والفعاليات الاقتصادية والإصلاحات التشريعية في دول الخليج التي ستدعم الأسواق المالية في المنطقة منها معرض إكسبو 2020 الذي سيقام في دولة الإمارات العربية المتحدة، والاجتماع السنوي لمجموعة قمة العشرين بالرياض في نوفمبر القادم، سيسهم في جذب أنظار دول العالم إلى منطقة الخليج.
وأشار بطاينة إلى أن خصخصة الشركات الحكومية الكبيرة، وخاصة في مجال النفط والغاز ستدعم السيولة في الأسواق الخليجية، كما أن التوقعات توضح أن استمرار عمليات الاندماج والاستحواذ في المصارف الإسلامية في دول الخليج، ستدفع المستثمرين المتوافقين مع الشريعة الإسلامية في إيجاد حصة سوقية أكبر ضمن القطاع المصرفي.
ويرى بطاينة أن انخفاض الأرباح في العام الماضي، سيوجد فرصًا لتحقيق نتائج قوية نسبيًا خلال هذا العام، خاصة بعد توصل الولايات المتحدة والصين لتسوية تجارية. كما أن تسارع الشراكات بين القطاعين العام والخاص في منطقة الخليج من شأنه دعم الشركات ذات الصلة.
عام إيجابي
قال مصطفى بن أحمد سلمان، الرئيس التنفيذي لشركة المتحدة للأوراق المالية: إن الأسواق المالية الدولية شهدت عاما رائعا في 2019، حيث حقق مؤشر ستاندرد اند بورز، ومؤشر مورجان ستانلي العالمي عائدات بنسبة 29٪، و25٪ على التوالي. أما العام الحالي فقد كانت بدايته مستقرة نوعا ما بالرغم من الأحداث العديدة التي حدثت خلال الشهر الأول منه فقد اندلعت عدوى فيروس كورونا، والذي يسبب قلقًا في الأسواق لأن استمراره قد يؤثر على معدلات النمو العالمية، إضافة إلى انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ونتيجة لذلك ارتفع الاسترليني مقابل اليورو.
وأضاف: إن الأسواق المالية ستكون إيجابية خلال هذا العام، فقد لا تنخفض أسعار الفائدة الفيدرالية بشكل كبير من هذه المستويات، مع احتمالية وجود تخفيض واحد، أو بحد أقصى تخفيضين، كما أن القلق من تصحيح عالمي قد يكون ما زال مبكرا، إذ اعتادت الاقتصادات، وتكيفت مع التصحيحات الجديدة، وانخفضت الأسعار بشكل عام، وتراجعت معها تكاليف الإنتاج والطاقة إلى مستويات تناسب جميع الأطراف ومن ثم لن تكون هناك تصحيحات حادة أو حالات ذعر.
وفيما يتعلق بأداء سوق مسقط للأوراق المالية، أوضح سلمان أن بدايته كانت جيدة، فقد أعلنت الشركات عن النتائج الأولية، وتوزيعات الأرباح التي تبدو جيدة وبعوائد مقنعة أي أكثر من 7%، وبالمقارنة مع عوائد المنطقة فإنها تعتبر مغرية ونتيجة لهذه العوامل فإن سوق مسقط للأوراق المالية هذا العام سوف ينتعش بسبب انخفاض تقييمات الشركات، وانخفاض الأسعار المستمر الذي شهده سوق مسقط على مدى الأعوام الخمسة الماضية، فضلا عن تحسن ثقة المستثمرين وعودة الاهتمام في السوق منذ بداية العام.
وأشار سلمان إلى أن هذا العام يشهد تطبيق العديد من القوانين مثل الشركات التجارية، وقانون الاستثمار الأجنبي، وقانون الإفلاس، وقانون التعدين، فضلا عن ربحية الشركات المستقرة، مما يساهم في تحقيق ارتفاع من 15 إلى 20% لعدد من الأسهم الرئيسية.
زيادة السيولة
قال أيمن بن أحمد الشنفري، مدير عام الجمعية العمانية للأوراق المالية: إن العام الماضي كان عامًا مليئًا بالتقلبات مدفوعًا بعدة عوامل لم تكن إيجابية بالقدر المطلوب فقد انخفض التصنيف الائتماني للسلطنة، مما أثر بشكل سلبي على سوق مسقط الأوراق المالية، كما أن ربحية وإيرادات الشركات لم تنعكس بشكل إيجابي على أداء السوق.
وأوضح الشنفري أن هناك قلقًا لدى المستثمرين المحليين، وعزوفًا من المستثمرين الأجانب بسبب تقلبات الأوضاع الاقتصادية، لذلك هناك توقعات بأداء جيد لسوق مسقط للأوراق المالية خلال هذا العام، خاصة في حالة استمرار الشركات في تحقيق معدل أداء جيد، وأرباح مستمرة مع دخول سيولة جديدة للسوق.
وأشار الشنفري إلى أن تخصيص عدد من الشركات الحكومية، وطرحها في سوق مسقط للأوراق المالية سوف يساهم في زيادة عمق السوق، وزيادة السيولة السهمية التي بإمكانها جذب عدد من المستثمرين الجدد، متأملا تحسن الأوضاع الاقتصادية في العام الحالي في ظل سعي حكومة السلطنة إلى تحسين مصادر الدخل للدولة، وتنويعها.
وقال الشنفري: إن هناك مجموعة من العوامل إذا تحققت مجتمعة أو منفردة يمكنها أن تجعل من عام 2020 مختلفًا عن الأعوام السابقة، منها زيادة الإيرادات النفطية، وارتفاع الأسعار بمتوسطات أكبر من العام الماضي، وتحسن التصنيف الائتماني الدولي للسلطنة، الذي سيعمل على جذب مستثمرين جدد من خارج السلطنة، فضلا عن تنويع مصادر الدخل، والابتعاد عن جميع مسببات الركود الاقتصادي، والتقليل من الحلول الوقتية وتحفيز وتنشيط الاستثمارات داخل السلطنة وخارجها، وإيجاد شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص، وطرح وإدراج مزيد من الشركات داخل سوق مسقط للأوراق المالية برؤوس أموال كبيرة، وقيام العديد من الصناديق الاستثمارية بضخ سيولة داخل السوق، وتحول سوق مسقط إلى القطاع الخاص مع مزيد من المرونة والدعم، لجعله يعمل بنظام تنافسي تفاعلي بهدف ربحي مع دعم من الحكومة، وتحسن الأوضاع الجيوسياسية في المناطق الإقليمية المجاورة للسلطنة.
عائد جيد
وتوقع حسن بن أحمد اللواتي، الرئيس التنفيذي لشركة الآفاق لأسواق المال بتحقيق سوق مسقط للأوراق المالية عائدًا جيدًا في حدود 10-15% خلال العام الحالي، موضحا بقوله «إذا تحقق ذلك، فإنه سيكون بعد ثلاث سنوات من التراجع الكبير».
وقال اللواتي: إن أداء سوق مسقط للأوراق المالية خلال العام الحالي يعتمد على خمسة عوامل رئيسية هي الاستمرار في برامج التنمية، وتحديات الاقتصاد الكلي والمالية العامة، وربحية الشركات ومستوى تقييم شركات الأسهم، والسيولة المحلية، وسيولة المستثمرين، إضافة إلى الاقتصاد العالمي والأحداث العالمية.
وأوضح اللواتي أن الانتقال السلس للسلطة، والاستمرار في برنامج التنمية، سوف يعطي ثقة كبيرة للمستثمرين، وسيعود الكثير منهم إلى السوق خلال العام الحالي، خاصة أولئك الذين توقفوا عن الاستثمار في سوق مسقط للأوراق المالية.
أما بالنسبة إلى الاقتصاد الكلي فأشار اللواتي إلى أنها تتمثل في العجز المستمر بالموازنة، وما يترتب عليه من تراكم الديون، وارتفاع مستوى الدين العام، وانخفاض مستوى التصنيف الائتماني للسلطنة، موضحا أن الموازنة العامة هذا العام هي أفضل من الأعوام الماضية، وتظهر تحسنًا في مستويات العجز، ولكنه تحسن بطيء نوعًا ما.
وقال: إن ارتفاع أسعار النفط سوف يساعد في تحقيق معدلات أفضل في الإيرادات الحكومية، وتقليص العجز، وتقليل الاعتماد على الديون المحلية والخارجية، مما يساهم هذا كله في رفع التصنيف الائتماني، وعودة رؤوس الأموال التي هربت من السوق خلال السنوات الماضية.
وأشار اللواتي إلى أن قطاع الصناعة والخدمات واجهوا تحديات كبيرة الفترة الماضية، حيث شهدت العديد من الشركات انخفاضًا في مستوى الربحية، بينما هناك نمو مستمر في القطاع المالي وخاصة في المصارف الرئيسية. ولذلك على الشركات في القطاعين الصناعي والخدمي التغلب على التحديات التي تواجهها، وتحقيق مستويات ربحية أفضل، الأمر الذي يساهم بدوره في تحقيق أداء جيد في أسعار الأسهم.
وأكد اللواتي على ضرورة دعم صناديق الاستثمار، وصناديق التقاعد لسوق مسقط للأوراق المالية من خلال اتخاذ الخطوات الإيجابية مثل ضح الأموال في السوق، وتشجيع الحركة، ودوران الأسهم، وتنشيط السيولة التي من شأنها تحسن الأداء في السوق.
وفي ما يتعلق بالاقتصاد العالمي، قال اللواتي: إنه قبل أشهر من الآن، كانت هناك مخاوف من ركود حاد قد يواجه الاقتصاد العالمي، ولكن هذه المخاوف تلاشت نوعًا ما بعد توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق تجاري وإنهاء الحرب التجارية بينهما، وبشكل عام فإن الاقتصاد العالمي سوف يشهد نموًا خلال الفترة المقبلة.
قد يهمك ايضا :
منوتشين يُؤكِّد إجراء واشنطن محادثات مُثمرة
أرسل تعليقك