القاهرة - عمان اليوم
بعد تكريمه في حفل الافتتاح، والإشادة بدوره المهم والمميز في صناعة السينما المصرية خلال النصف الثاني من القرن الماضي، يُسلط مهرجان الجونة السينمائي، الضوء على أبرز أعمال الفنان المصري الكبير أنسي أبو سيف، عبر معرض فني يبرز اسكتشات نادرة للكثير من أعمال وتصميمات مناظر أبو سيف التي تعاون خلالها مع كبار المخرجين المصريين.
ويضم المعرض اسكتشات ملونة وأخرى بالأبيض والأسود لملابس وديكورات متنوعة، حين يراها زائر المعرض يتذكر أنّه شاهدها من قبل على الشاشة بعد نقل تفاصيلها من على الورق، وتلفت تلك الاسكتشات أنظار المشاهد بصدقها، وتؤكد براعة أبو سيف في الاهتمام بأدق التفاصيل.
وقد قُسّمت الاسكتشات في المعرض الذي يقام بمقر الجامعة الألمانية في مدينة الجونة، طبقاً للأفلام، حيث يملك الفنان كنزاً من الاسكتشات وتخطيطات المناظر الخاصة بأفلامه، على غرار «إسكندرية كمان وكمان» ليوسف شاهين، و«الكيت كات» لداود عبد السيد، و«سرقات صيفية» ليسري نصر الله، و«عرق البلح» لرضوان الكاشف، و«أحلام هند وكاميليا» لمحمد خان، و«يوم مر ويوم حلو» لخيري بشارة.
ويحتفي المعرض بحصاد ما يقرب من خمسين عاماً من رحلة أبوسيف، متضمناً أيضاً الجوائز التي حصل عليها، ومقاطع فيديو لمشاهد من أفلامه، وسرداً لمشواره الفني، إلى جانب أفلامه وتجربته الوحيدة في الدراما التلفزيونية عبر مسلسل «الجماعة».
تخرج أنسي أبو سيف من معهد السينما شعبة هندسة المناظر عام 1967، واختاره المخرج الراحل شادي عبد السلام ليعمل معه في فيلم «المومياء»، حيث عمل مساعداً لمهندس الديكور صلاح مرعي، وكانت مهمة أبو سيف في الفيلم تصميم نماذج مطابقة للتوابيت الفرعونية المكتشفة في الدير البحري، وكانت هذه بداية قوية للفنان الذي أهدى تكريمه إلى أستاذه ومعلمه شادي عبد السلام.
ويقول أبو سيف: «كان شادي عبد السلام يدرّس لي في معهد السينما، واختارني وأنا طالب للعمل معه في فيلم (المومياء)، من ثمّ قرر أن أشاركه تصميم ملابس فيلم (إخناتون)، فكان الأمر مذهلاً، إنّها ثقة كبيرة أن أكون شريكاً له في العمل».
وعن مهمته في تصميم المناظر، وكيف يتعامل مع الفيلم منذ بدايته وحتى نهايته، يوضح أنسي أبو سيف: «السيناريو عبارة عن أحداث درامية قائمة على شخص وأشخاص حوله، وعليّ أن أظهر ملامح كل شخصية من أين جاءت؟ وكيف ستظهر؟ وملامح المكان الذي تنتمي إليه، ودائماً أبدأ برسم ملامح الأشخاص داخل هذا المكان لأقربها لنفسي، وأرى هل المكان مقنعاً ليعيش فيه هذا الشخص أم لا، وأبدأ في وضع تخيلاتي على الاسكتش حتى أصل لتصور كامل للمكان مع الشخصية، يتماثل مع الحدث الدرامي».
ويضيف: «في النهاية عليّ أن أعبر عن حالة درامية محدّدة، وليست مطلقة، بعد ذلك أبدأ في مناقشة المخرج لأعرف مدى اقتناعه بهذا التصور، وإذا لم يقتنع، فإننا نتناقش حتى نصل لتصور يتطابق مع رؤية الفيلم، ثم تأتي مرحلة تنفيذ المناظر والديكورات وإعداد الملابس، وقد أجد الفكرة من أول اسكتش أرسمه، وقد أظل أبحث عنها طويلاً، فأنا ما زلت أحتفظ بآلاف الاسكتشات، ولا أفرط فيها حتى لو كانت رسوماً على تذكرة أتوبيس».
لا ينظم الفنان معارض فنية بشكل متكرر، وكما يقول: «أقيم لي معرض من قبل في معرض فرانكفورت للكتاب بألمانيا، لكنّ معرض الجونة يعد أول معارضي الفنية، فدائماً ما يحول انشغالي دون إقامتها بشكل دائم، كما أنّني لا أعمل سوى مع مخرجين أشعر بالتّوافق معهم، إذ تعرض عليّ سيناريوهات عدة، من بينها أفلام تجارية ناجحة جماهيرياً، لكنّها ليست من نوعية الأفلام التي أتحمس لها».
لوحات المعرض تلفت النظر إلى تكرار تجارب أبو سيف السينمائية مع المخرج الكبير داود عبد السيد الذي صمّم أبوسيف مناظر أغلب أفلامه منذ فيلمه الأول «الصعاليك» وحتى فيلمه الأخير «قدرات غير عادية»، ويفسر ذلك بقوله: «تخرجت أنا وداود في الدفعة نفسها من المعهد، وبيننا تفاهم كبير وصداقة انعكست على أفلامنا معاً، فعملت معه في كل أفلامه ما عدا ثانيها (البحث عن سيد مرزوق)».
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك