نسر مثبت به جهاز إلكتروني
الخرطوم ـ عبدالقيوم عاشميق
ضبطت أجهزة الأمن السودانية نسرًا مثبتًا به جهاز "جي بي إس" الإلكتروني لتحديد المواقع يعمل بالطاقة الشمسية، وقادر على إرسال صور عبر الأقمار الصناعية، في بلدة كيرينك غرب دارفور يُشتبه في أن إسرائيل قد بعثت به إلى السودان في مهمة تجسس، في خطوة فتحت الباب مجددًا للحديث
والبحث للوقوف على الحقيقة، وبخاصة في ظل ظروف السودان الحالية ومايمر بها الإقليم ينبغي.
وقال مدير "متحف السودان للتاريخ الطبيعي" البروفيسور محمد عبدالله الريح، "لم تكن هذه الحادثة هي الأولى، ففي الأيام الأخيرة وصل صقر من لاتفيا إلى السودان، وكان صغيرًا ومثبته عليه حلقة معدنية، وهي عادة ما تُثبت على الطيور الصغيرة لمعرفة المزيد عن رحلاتها، وتدون على الحلقة المعدنية معلومات معينة"، مضيفًا أن "النسر يمكن أن يأتي من إسرائيل وقد يكون فيها فعلاً مركز لدراسة مثل هذه الأشياء، وأن الطيور المهاجرة يمكنها أن ترحل من القطب الشمالي إلى أستراليا، وبإمكانها أن تقطع مسافة 26 ألف كيلو متر، وبعضها تكون هجرته ليلاً وتستهدي بالنجوم في عمليات الملاحة، والنوع الثاني منها يعتمد على الشمس والمغناطيس الأرضي".
وكشف البروفيسور الريح، عن أنه وجد حلقات معدنية تعود إلى حقبة الثلاثينات، لكن مع التطور العلمي الحالي تغيرت وسائل متابعة الرحلات، فباتت تستخدم الأقمار الاصطناعية في متابعة الرحلات الخاصة بجمع معلومات عن حياة الطيور، لكنه يمكن أن تستغل الطيور لأغراض أخرى، ومن بينها النسر الإسرائيلي وبخاصة بعد الكشف عن كاميرا مثبتة على جسمه، وغالب الظن أنه واحد من الطيور التي يستعان بها لإجراء دراسات علمية لمعرفة المدى الذي يمكن أن يصل إليه في رحلته"، موضحًا أن "أقصي مدى وصلته الطيور المهاجرة كان لبعض الطيور البحرية التي أطلقت من القطب الشمالي ووصلت إلى أستراليا قاطعة مسافة 26 ألف كيلومتر".
في السياق ذاته، أكد الخبير في مركز السودان للدراسات الإستراتيجية اللواء يونس محمود، أن "العالم ظل يستخدم بعض الأحياء والمخلوقات في دعم المجهود العسكري والتأميني، فاستخدم الطيور والبط لحماية القواعد البحرية، لأن البط يصدر أصوات وله حاسة عالية للسمع ليلاً، كما استخدم الدلافين في اكتشاف الألغام البحرية، والكلاب في تقصي الأثار وكشف الألغام"، مشيرًا إلى أن النسر غالبًا ما تكون مهمته علمية بالدرجة الأولى، فالكاميرا المثبتة عليه يمكن أن تبث مباشرة للأقمار الاصطناعية ضمن الاستفادة وتوظيف التطور التكنولوجي الهائل في البحوث العلمية".
وأضاف اللواء محمود أن "هناك أنواع من الكاميرات يمكن أن تنفصل تلقائيًا بعد مدة شهر تقريبًا، من جسم النسر الذي ربما تصعب عودته مرة ثانية إلى المكان الذي أطلق منه، وترسل الكاميرا إشارات تحدد مكانها ليلتقطها الشخص المعني"، فيما استبعد مدير جهاز المخابرات السوداني السابق اللواء حسن ضحوي، أن تكون مهمة النسر تجسسية في ظل التطور العالمي، وقال لـ"العرب اليوم"، إن "المهمة غالبًا ما تكون مرتبطة بالحياة البرية وهجرات الطيور، والحلقات المعدنية المثبتة ظلت تستخدم في التواصل، وأنه سبق أن تم العثور على نسر مماثل في المناطق ذاتها قبل عشرين عامًا في رحلة من إسرائيل، وأن جهاز (الجي بي إس) المثبت على النسر لا يرسل صورًا إنما الجهاز يحدد فقط المواقع".
من جهتها، أبرزت صحيفة "السوداني"، الثلاثاء، اعتراف المسؤولين الإسرائيليين بأن النسر الذي ضبط في دارفور ملكهم، وأنه يستخدم لأغراض دراسة أنماط هجرة الطيور، وأن النسر ضمن مجموعة من 100 تم إطلاقها في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد تزويدها بأجهزة "جي بي إس" مجهزة لقراءة المسافة والارتفاع، وليس لقراءة الصور أو المراقبة.
تجدر الإشارة إلى أن ساق النسر كانت تحمل ملصقًا بعنوان "هيئة الطبيعة الإسرائيلية"، وعنوان "الجامعة العبرية في القدس"، ومعلوم أن إسرائيل تصنف السودان من بين أبرز أعدائها، وتتهمه بتسهيل حصول حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على السلاح، وظلت مهتمة بجمع المعلومات عن ماتعتبره عملاً يأتي في إطار البحث عن حماية أمنها، فكان أن أقدمت على ضرب مصنع اليرموك التابع للجيش السوداني في الخرطوم، بحجة أن المصنع يستخدم في تصنيع سلاح تستفيد منه "حماس"، كما تنظر لتطور علاقات السودان وإيران بعين الريبة والشك، وترى أن العلاقة ستوظف لغير صالحها من دون شك.
من جانبها، نسبت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، إلى مصادر رسمية إسرائيلية، اعترافها بأن الطائر يحمل بالفعل معدات وأجهزة إسرائيلية، لكن هذه المصادر تصر على أنها كانت بهدف دراسة نماذج وأنماط هجرة الطيور، حيث قال أوهاد حازوف، وهو عالم بيئة في هيئة الطبيعة الإسرائيلية، في تصريحات أدلى بها لصحيفة "يدعوت أحرونوت" إن "هذا النسر واحد من بين 100 نسر مزودة بأجهز (جي بي إس)، لقياس المسافة والارتفاع، وليس لالتقاط صور أو تجسس، وأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها معرفة ما يحدث للطائر".
وكانت السعودية قد ضبطت طائرًا مماثلاً خلال العام الماضي، الأمر الذي حدا بوسائل الإعلام إلى نشر تقارير تقول إن الطائر الذي تم ضبطه كان يقوم بمهمة تجسس لصالح الدولة الصهيونية، إلا أن المسؤولين السعوديين استبعدوا تلك التكهنات، وانتقدوا الصحافيين على مثل هذه التكهنات، وقبلوا بتفسير الإسرائيليين الذي يقول إن "الطائر كان في مهمة في إطار دراسة حول هجرة الطيور
أرسل تعليقك