الجزائر - عمان اليوم
أطلقت الرئاسة الجزائرية تكتلاً سياسياً أسمته «نداء الوطن»، تعتزم الدخول به إلى معترك انتخابات البرلمان المرتقبة قبل يونيو (حزيران) المقبل؛ وذلك بهدف تشكيل أغلبية رئاسية لفائدة الرئيس عبد المجيد تبون. وقد تم تشبيه هذا المشروع بميلاد «التجمع الوطني الديمقراطي» عام 1997، ثلاثة أشهر قبل الانتخابات، والذي أصبح أغلبية داعمة لسياسات الرئيس الجنرال اليمين زروال آنذاك. وبدأت حملة الترويج لـ«نداء الوطن» أول من أمس، بواسطة مستشار الرئاسة المكلف «المجتمع المدني»، نزيه برمضان، الذي دعا الناشطين بالجمعيات والتنظيمات إلى «الانخراط بقوة في المشروع»؛ تحسباً للانتخابات.
لكن دون أن يذكر أن الهدف من المبادرة هو التحضير لتشكيل أغلبية رئاسية، يتناولها الدستور الجديد لتكون سنداً للرئيس بعد الانتخابات، ومنها تنبثق الحكومة الجديدة المرتقبة. لكن يفهم من المسعى أنه مخصص للرئيس تبون، على اعتبار أن موعد «التشريعية» اقترب، وأن الرئيس في حاجة إلى أغلبية تدعم برنامجه. وحل تبون الشهر الماضي «المجلس الشعبي الوطني»، بحجة أنه «مطلب ملح للحراك الشعبي»، إيذاناً بانتخابات مبكرة من دون أن يحدد تاريخها. ويؤخذ على انتخابات 2017 أن التزوير طالها على نطاق واسع، خاصة أنها أفرزت أغلبية لصالح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، تتكون أساساً من حزبي «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي».
وانضم إلى «نداء الوطن» منذ اليوم الأول لإطلاقه، المئات من الجمعيات والاتحادات المهنية، من بينها «الكشافة الإسلامية»، معلنة أنها «تنخرط في برنامج الرئيس»، الذي يحمل شعار «بناء جزائر جديدة».وفي هذا السياق، صرح بن رمضان للإذاعة الحكومية بأن «مبادرة (نداء الوطن) ليست تكتلاً لإسناد أي أحد». مبرزاً أنه «يقودها أشخاص نزهاء، ولا تشبه المبادرات السابقة». ومؤكداً أن «هناك من يعمل على تهديم كل الروابط للحؤول دون الوصول إلى تغيير حقيقي، كما أنهم يهاجمون كل مبادرة». وتلقت أحزاب تدعم تبون بقلق ميلاد هذا المشروع، بحسب قياديين بها رفضوا نشر أسمائهم، ذلك أن زعماءها يرون أن الأغلبية الرئاسية المرتقبة لن تتكون من أحزابهم كما يتوقعون، بل من جمعيات لا تمارس السياسة. وأهم الأحزاب المتخوفة من المسعى «جيل جديد»، الذي يقوده المعارض السابق جيلالي سفيان، و«جبهة المستقبل» بقيادة مرشح انتخابات الرئاسة السابق عبد العزيز بلعيد.
وشبه ناشطون بالحراك المشروع الجديد بمبادرتي «نداء تونس»، وبـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي أسسه المستشار الأمني بالرئاسة سابقا، الجنرال محمد بتشين عام 1997 عشية انتخابات البرلمان. وكان الهدف تشكيل أغلبية موالية للرئيس اليمين زروال، ولإزاحة حزب «جبهة التحرير الوطني» من المشهد، بعدما سيطر على الحياة السياسية لسنوات طويلة. وقد كان له ذلك، وبقي «التجمع» القوة السياسية الأولى في البلاد، إلى أن جاء بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، وعادت الأغلبية إلى حزبه القديم «جبهة التحرير» في انتخابات 2002.
وكان «التجمع الوطني»، بحسب مراقبين، أغلبية مفبركة صنعتها السلطة في ظروف تستجيب لبقائها في الحكم. وهو السيناريو نفسه الذي يجري إعادة إخراجه حالياً بـ«نداء الوطن»، حسب المراقبين ذاتهم، وذلك في ظل استياء أربعة أحزاب من رفض وزارة الداخلية الترخيص لها، بعدما عقدت مؤتمراتها التأسيسية، منذ أكثر من عام، وهي «حركة عزم»، و«حزب السيادة الشعبية»، و«حركة المجتمع الديمقراطي»، و«حزب التحالف الوطني للتغيير». وكتب أستاذ العلوم السياسية، محمد هناد، عن «نداء الوطن»، قائلاً «لا تزال السلطة إذن، تتعامل مع المجتمع المدني كما لو كان مجرد مجموعات زبناء، وتتناسى أن الصفة الجوهرية في كل تنظيم جمعوي استقلاله عن كل من الحكومة وأصحاب المال. كما يتناسى مستشار الرئيس (بن رمضان) أن كل تنظيم جمعوي أصيل لا يمكن أن يكون مجرد مكلف بمهمة مثله».مضيفاً أنه «من الواضح أن الغاية من هذا المسعى هي نسف الحراك من الداخل، وترتيب الأمور في أفق الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة».
قد يهمك ايضا:
أرسل تعليقك