تونس - عمان اليوم
في محاولة منها لنقل الصراع السياسي إلى الشارع، جيشت
، أنصارها في مظاهرة حاشدة، جاءت بالآلاف من أنصارها عبر الحافلات المستأجرة من كل جهات تونس ولجأت النهضة إلى هذه التحركات ردا على منتقدي سياساتها، في محاولة لإلحاق الهزيمة بخصمها في قصر قرطاج الذي حظي بأكثر من ثلاثة ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية.ويرى متابعون أن إخوان النهضة يحاولون إظهار أن الشارع والرأي العام ما زالا في صفهم. لكن ثمة من يرى أن حراك النهضة في العاصمة، يوم السبت، لم يكسبها الكثير رغم أنها أعدت له العدة منذ أكثر من أسبوع ووفرت كل ما يلزم من دعم لوجستي ومادي للمشاركين في المظاهرة.ويقول منتقدو النهضة إن الوزن الحقيقي للقوى السياسية لا يظهر عبر اللجوء إلى الشارع، بل تؤكده استطلاعات الرأي التي مازالت تثبت تقهقر حركة النهضة مقابل صعود الحزب الدستوري الحر، بينما يحتفظ الرئيس قيس سعيد بشعبيته.
ويرى مراقبون أن تحركات النهضة تصب كلها في خانة مساعيها لإحراج الرئيس قيس سعيد وجره لمربع التوافقات معها كما فعلت دائما مع خصومها السياسيين غير أن موقف ساكن قرطاج يبدو غير متزحزح تجاه حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي.وفي آخر تطورات الأزمة السياسية القائمة بسبب التعديل الوزاري العالق بعد رفضه من قبل رئيس الجمهورية، بسبب قضايا فساد تتعلق بعدد من الوزراء المرشحين، وضح سعيد موقفه لوسطاء الأزمة من منظمات وشخصيات وطنية واشترط إلغاء كليا للتعديل الوزاري المدعوم من قبل حركة النهضة و حلفائها.
كما قال الرئيس قيس سعيد، في نفس اليوم الذي نظمت فيه مسيرة حركة النهضة، من محافظة القيروان، وسط البلاد، إن الأموال تهدر في العاصمة بينما يتحدث الكثيرون عن إفلاس البلاد، وإن تونس لديها الكفاءات و الثروات، غير أن الإرادة الصادقة تغيب عمن هم في الحكم، وجدد سعيد رفضه لما سماها بـ"المقايضات التي تتعلق بسيادة تونس في أرضها وسمائها وبحرها".كلمات قيس سعيد، بدت أنها رسائل واضحة باتجاه الغنوشي وحزبه، خاصة مع إجماع الكثيرين بأن المسيرة جاءت في سياق مناكفة لقيس سعيد لإجباره على التوافق والحوار مع النهضة.
وشعبيا، أثارت مسيرة حركة النهضة موجة من الاستياء على اعتبار أنها خرقت كل قواعد الحظر والتباعد المتخذة من جراء وباء كورونا في البلاد.ودون الكثير من التونسيين استياء واحتجاجا على موقف الحكومة التي منعت التجمعات وأوقفت عددا من الأنشطة التجارية، مما ساهم في خسارة مواطنين لمورد رزقهم، بينما سمحت بالتظاهر وتجاوز كل إجراءات الحجر الصحي. واعتبروا أن الحكومة تمارس سياسة المكيالين، بسماحها لأنصار حركة النهضة بالتجمع و بخرق حظر التنقل بين المحافظات المفروض منذ أشهر على حركة التنقل في تونس.في غضون شلك، شهدت المظاهرة اعتداءات وصلت حد التحرش من أنصار الحركة ومنظمي المظاهرة، ضد الصحفيين الذين واجهوا صعوبات في نقل الأخبار والصور وتم منعهم من الاقتراب من المنصة التي يوجد فيها راشد الغنوشي.
وسجل عدد من الصحفيين تعرضهم للاعتداء والشتم والتكفير والاستفزاز من أنصار حركة النهضة.وأصدرت نقابة الصحافيين، بيانا، نددت فيه "بالاعتداءات الممنهجة على الصحفيين من قبل المحسوبين على الحركة".وجاء في بيانها أنها ستتبع قضائيا كل المعتدين على منخرطيها، وعلى رأسهم لجنة التنظيم التي "مارست مهام الميليشيات وخالفت القوانين التي تضمن حرية العمل الصحفي". والجدير بالذكر أن عشرات الحافلات اصطفت، يوم السبت، في مدخل شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس قادمة من مختلف محافظات البلاد، وخصصت لنقل المئات من أنصار حركة النهضة للمشاركة في مسيرة دعت إليها.وقالت الحركة، في بيان أصدرته إن المظاهرة ستكون بمثابة "رسالة إلى الأطراف السياسية والاجتماعية بضرورة الحوار وتعزيز مقومات الوحدة الوطنية".
رجل متقدم في السن شارك في التظاهرة قال لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه جاء من محافظة سيدي بوزيد، بعد أن قام المكتب الجهوي للحركة بحشدهم منذ حوالى الأسبوع من أجل هذا اليوم، بينما تحدث مشارك ثان، كان يقود مجموعة من المتظاهرين ويرفع لافتة كتب عليها محافظة باجة "نحن هنا لحماية المسار الديمقراطي والمطالبة بإرساء المحكمة الدستورية في أقرب الآجال كما ندعو للوحدة الوطنية والكف عن المناكفات السياسية." ومن الجنوب التونسي، وتحديدا من رجيم معتوق، المنطقة الواقعة على الحدود التونسية الجزائرية، قدم الشيخ حمودة مع عدد من أبناء جهته في حافلات خصصتها حركة النهضة لجلبهم إلى العاصمة على بعد 550 كلم وقال إنه تحمل مشقة الرحلة ليبلغ المسؤولين بمطالب جهته التنموية ويدافع عن حق الشباب في التشغيل.وجرى إيهام الكثير من المشاركين بالتظاهر في العاصمة لأجل مطالب متعلقة بالتنمية والشغل، في حين جرى تسخيرهم لأجل البعث برسائل سياسية.
وقدمت مفيدة من محافظة قابس وأكدت لنا أن قرابة 14 حافلة انطلقت في الساعات الأولى من الصباح من المحافظة الجنوبية باتجاه مسيرة العاصمة.ويرى الصحافي حسان العيادي أن "حركة النهضة سعت إلى أن تكون المسيرة حاشدة لتوجه من خلالها رسالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد مفادها أنها مازالت تحافظ على ثقلها الشعبي وأن رصيدها الانتخابي لم ينخفض وامتدادها في الشارع لم يتراجع ويمكنها أن تلجا إليه في حسم الصراعات، باعتبار أن المعركة انتقلت في جزء منها إلى الشارع لتعدل كفة التوازنات السياسية. وأضاف العيادي" ، أن حركة النهضة أرادت أن تثبت مدى مشروعيتها ووزنها الشعبي حتى تبلغ الرئيس أن القوى متساوية وأنه لا بديل عن الحوار حلا للمأزق السياسي الذي تعيشه البلاد إثر أزمة التعديل الحكومي بين رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس الجمهورية قيس سعيد، منذ نحو شهر.لكن يبدو أن النهضة لم تجن شيئا من نزولها للشارع، فالرسائل في الداخل تفيد بأن وضع البلاد الاقتصادي و الاجتماعي صعب منذ حكمت النهضة، أما الأطراف الدولية فتحدد مواقفها بتقارير الخبراء و شركات استطلاع الآراء التي لا تبدو في صالح الغنوشي وحزبه خاصة مع تقدم شعبية الحزب الحر الدستوري الحر.
قد يهمك ايضا:
أرسل تعليقك