طرابلس - عمان اليوم
وسط أجواء مشحونة بالتوتر والتوجس، يسترجع اليوم أنصار الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في مدن ليبية عدة أول عشرية على مقتله، فيما ينشغل قطاع كبير منهم بتمهيد الطريق السياسي لعودة نجله سيف الإسلام من باب صناديق الانتخاب المرتقبة.
وعشية ليلة مقتل العقيد، التي توافق 20 من أكتوبر (تشرين الأول) لاحت الرايات الخضراء أمس مجدداً في بعض مدن جنوب وشمال ليبيا، التي لا تزال تحن لعصر القذافي، الذي حكم البلاد قرابة 42 عاماً، وقضى في مسقط رأسه بمدينة سرت، بعد قصف عنيف من طائرات حلف (الناتو).
وقال أحمد قذاف الدم، المسؤول السياسي في «جبهة النضال الوطني الليبية»، إن «أنصار نظام الجماهيرية داخل ليبيا وخارجها يستعدون لإحياء ذكرى (استشهاد) القائد معمر القذافي، جراء العدوان الأطلسي على البلاد».
وعادة ما تكون الاحتفالات السنوية بهذه المناسبة من خلال تنظيم لقاءات وندوات ومسيرات بالأعلام الخضراء، التي ترمز لحقبة القذافي، فيما يتشح كبار السن بأوشحة خضراء، وهو ما أوضحه قذاف الدم بقوله: «سيتم تنظيم وقفة احتجاجية لخمس دقائق في كل المدن والقرى الليبية ظهر اليوم، تعبيراً عن الحزن والاحتجاج على جرائم الحرب، التي ارتكبها الحلف الأطلسي».
وقبل عشرة أعوام من الآن، وقع القذافي في قبضة معارضين مشاركين بـ«الثورة»، التي اندلعت ضد نظامه في 17 من فبراير (شباط) 2011، واقتادوه من مخبئه بمدينة سرت، قبل أن يفارق الحياة إثر طعنات نافذة، ويتم عرض جثمانه أمام العامة.
ومن مدينة غات الجنوبية إلى بني وليد (شمال غرب)، لا تزال أجواء عصر القذافي مسيطرة على مخيلة المواطنين، الذين يحتفلون هناك بذكرى الفاتح من سبتمبر كل عام، ويحيون ذكرى «استشهاده». ففي بني وليد، معقل قبيلة ورفلة، لا تزال صورة القذافي والأعلام الخضراء على حالها هناك، في دلالة على تمسك مواطنيها بعصر الجماهيرية.
وطوال العشرية الماضية، ظل أنصار النظام يؤكدون على أحقية سيف الإسلام القذافي في الممارسة السياسية، والعودة إلى سدة الحكم عبر الانتخابات المقبلة، ومع ظهوره الإعلامي بدأوا في تكثيف الحملات الدعائية قصد تمكينه من المشاركة في الماراثون الانتخابي، المنتظر في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
يقول سعد السنوسي البرعصي، القيادي بـ«الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا»، لـ«الشرق الأوسط» إن أنصار النظام السابق «يواصلون حملتهم لدعم سيف الإسلام القذافي للرئاسة القادمة»، مؤكداً أن الأخير «دائم الاتصال بالقبائل الليبية، وسيكون ظهوره على الساحة في الوقت المناسب».
ويتمسك أنصار سيف الإسلام بعدم أحقية المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمته، لافتين إلى أنه مشمول بقانون العفو العام، الذي أصدره مجلس النواب الليبي، وخرج بمقتضاه من السجن.
ولخص مؤيدو سيف الإسلام الأحداث، التي شهدتها ليبيا، من خلال شريط «وثائقي» يبرز محطات من حياته قبل «الثورة»، التي أطاحت بنظام والده، ومحاولة قصف موكبه من قبل حلف الـ«ناتو»، الذي كاد يقضي فيه، متهمين الحلف بأنه «دمر البلاد، وأسهم في شيوع الفوضى، قبل أن يتركها تعاني خلال السنوات الماضية.
واستعرض الوثائقي، الذي حمل اسم «العشرية السوداء»، مراحل من حياة أبناء القذافي، وخصوصاً المعتصم بالله، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للبلاد، ومحمد الابن البكر للعقيد من زوجته الأولى فتحية نوري خالد. بالإضافة إلى هناء شقيقتهم بالتبني، التي ترصد غالبية الروايات مقتلها أثناء القصف الأميركي على طرابلس عام 1986، ولم يتجاوز عمرها 4 أعوام.
وفي هذا السياق يقول الباحث هاميش كينير من مركز تحليل المخاطر العالمية Verisk Maplecroft لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الاستقرار السياسي يزداد هشاشة. وسنعرف خلال الأشهر الستة المقبلة ما إذا كانت فترة الهدوء، التي تلت وقف إطلاق النار، فرصة للفصائل المسلحة لتضميد جراحها، أو إن كان هناك تقدم حقيقي نحو حل سياسي». غير أن المحلل السياسي الليبي محمود خلف الله لا يعتقد أن الانتخابات المقبلة وحدها ستكون سبباً في تقديم حل نهائي للأزمة الليبية.
وقال موضحاً: «البلاد تفتقر إلى التجربة السياسية، ولا تزال في طريق طويل من التغيير على المستويين الاجتماعي والسياسي». مشيراً إلى أن الليبيين لا يزالون يحتاجون إلى «تجارب أخرى، ومخاض سياسي جديد مستقبلاً، حتى يصلوا إلى مرحلة النضج الكافي في اختياراتهم، ومن يمثلهم في النظام السياسي الذي يرغبون فيه».
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك