جامعة القاهرة
القاهرة ـ علي رجب
أثار القرار الصادر من وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات بشأن حظر العمل الحزبي داخل المدارس والجامعات جدلاً، بشأن الاختلاف بين مفهومي العمل الحزبي والعمل السياسي، وشدد الطلاب والخبراء على أن القرار له علاقة بهزيمة جماعة "الإخوان المسلمين" في الانتخابات الطلابية التي شهدتها
الجامعات، الأسابيع الماضية، واصفين القرار بأنه "حبر على ورق"، لأن جيل "25 يناير" لا يقدر أحد أن يمنعه من العمل السياسي.
وأكد عضو حركة "مقاومة" الطلابية في جامعة القاهرة عمر ساهر لـ "مصر اليوم"، أن "قرار المجلس الأعلى للجامعات حظر النشاط الحزبي في الجامعة جاء عقب هزيمة طلاب الإخوان المسلمين في الانتخابات الطلابية، وحصول طلاب القوى الثورية على أكثرية المقاعد، فكان هناك خوف من النظام من عدم سيطرة "الإخوان" على شباب الجامعات"، لافتًا إلى أن "اكتساح القوى الليبرالية الانتخابات كان مفاجأة".
وشدد على أن قرار حظر العمل السياسي لن يكون فاعلاً في الجامعات المصرية، لأن الشباب منضمون لأحزاب وحركات سياسية، ويتفاعلون في الشارع، فالقرار سيكون حبرًا على ورق، لأن السياسة ليست مقتصرة على أحد.
واتفق عضو حركة تحرير جامعة القاهرة الطالب محمد شوقي، مع أن قرار حظر العمل السياسي يأتي على خلفية خسارة جماعة الإخوان المسلمين الانتخابات الطلابية في غالب الجامعات المصرية، وخروجها في بعض الجامعات صفر اليدين، بعدما كانت تسيطر على القوائم الانتخابية قبل الثورة، لافتًا إلى أن القرار لا قيمة له، لأن الشباب الجامعي دائمًا يأتي في طليعة العاملين بالسياسية، فالطلاب اليوم هم قادة المستقبل، لذلك الحظر لا قيمة له على أرض الواقع.
وشدد على أن الاخوان بهذا القرار يخسرون أكثر لأن الشباب الجامعي لا يعمل بالسياسية في الجامعة فقط، فهناك شبكات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، بالإضافة إلى الأحزاب والحركات السياسية، والتي لها مقرات في مختلف المدن والمحافظات، لذلك قرار حظر العمل السياسي في الجامعات هو قرار لا يتعدى كونه حبرًا على ورق".
وقال المستشار القانوني لحركة استقلال جامعة عين شمس صالح حسب الله "كفل الدستور استقلال الجامعات، والجامعات المصرية صاحبة تاريخ لا ينكر فى النضال السياسي. فالجامعة كانت نواة كل الحركات السياسية والجامعة، سواءٌ كانوا أساتذة أو طلابًا، دورهم لا ينكر فى الحياة السياسية، الدستور كفل لكل مواطن حق ممارسة السياسة في أي مكان وزمان، ونرى أن هناك فرقًا بين الاشتغال بالسياسة وبين الانضمام إلى أحزاب سياسية في الحرم الجامعي تمارس فيه السياسة، ولكن يحظر أن يتخذ الحرم الجامعي منبرًا لحزب بعينه"، مضيفًا أن قرار حظر السياسة في جامعة عين شمس هو قرار إخواني، لأن حظر العمل السياسي في الحرم الجامعي من دون التفرقة بين العمل السياسي والعمل الحزبي متنافض، فكيف لطلاب الاقتصاد والعلوم السياسة أن يفصلوا بين الواقع والدراسة؟".
وشدد على أن "اليوم كل يتحدث في السياسة، والمطلوب هو تنشئة أجيال تعي العمل السياسي، وتجيد سياسية الاختلاف والحوار"، لافتًا إلى أن القرار له علاقة غير مباشرة بهزيمة قوائم "الإخوان" الانتخابية داخل الجامعا،ت وهو ما كان يتم في عهد النظام السابق، الذي كان يحظر العمل السياسي داخل الجامعة، فيما تؤيده جماعة الإخوان المسلمين.
وقال المتحدث باسم طلاب "الاشتراكيين الثوريين" في جامعة القاهرة باسم غالي "إن قرار المجلس الأعلى للجامعات حظر النشاط الحزبي داخل الجامعات يعود بالجامعات إلى الوراء، ويأتي استكمالاً لمنظومة النظام السابق في مواجهة الوضع السياسي، فالقرار كان موجودًا في عهد النظام السابق وكانت تعارضه الجماعة، واليوم جاء هذا القرار في أعقاب هزيمة طلاب جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الطلابية في الجامعات المصرية، والظهور الواضح لطلاب الأحزاب المدنية والليبرالية في هذا الانتخابات، وتحقيقهم مكاسب انتخابية كبيرة.
ورأى غالي أنهم سيتضامنون ضد هذا القرار، لأنه ضد إرادة طلاب الجامعات المصرية، ولن يكون أكثر من مجرد حبر على ورق، وسنقف ضده، كما وقفنا ضد نظام مبارك، لأن الجامعة هي جزء من المجتمع شئنا أم أبينا، وتتأثر بكل تأكيد بالعمل السياسي في الشارع المصري، حيث يجب أن تكون الجامعة المصرية ساحة لممارسة الديمقراطية والحرية، ولا تخضع لتيار السلطة يتحرك فيها كيف يشاء، حيث كان يستخدم ضدنا السنج والمطاوي في عهد النظام السابق لإرهابنا، ولكن مصر بعد الثورة التي راح ضحيتها الكثير من الشهداء تغيرت.
فيما أكد المتحدث الرسمى باسم طلاب الإخوان المسلمين صهيب عبد المقصود أن اللائحة الطلابية الجديدة ضمنت للطالب تنمية الوعي السياسي، ونشر الأفكار والآراء السياسية العامة، عن طريق اللجنة الثقافية والسياسية في اتحادات الطلاب، بعيدًا عن العمل الحزبى، لافتًا إلى أن هناك لبسًا لدى البعض بين مفهوم العمل الحزبي والعمل السياسي عمومًا، ولكننا كطلاب "إخوان مسلمين" كنا نرى أن يتم تأجيل قرار حظر العمل الحزبي بعد تشكيل لجان الاتحادات الطلابية لجميع الجامعات المصرية، وذلك لمشاركتهم في هذا القرار، حتى يخرج بشكل لا يسبب لبسًا لدى الناس.
وقال المسؤول عن حركة طلاب مصر القوية الطالب صلاح الدين محمد "إن حركة مصر القوية لها رؤية تدعم وتساند عدم وجود أي أنشطة حزبية داخل الجامعة، وترفض انتقال الصراعات الحزبية الموجودة خارج الجامعة إلى داخلها، ولكنها تؤيد وجود وممارسة النشاط الفكري والسياسي داخل الجامعة"، مضيفًا أن هناك سؤالاً فقط هو الذي يطرح نفسه: لماذا لم يفرق الوزير في المفهوم بين العمل السياسي والحزبي في نقاط عدة، عند إعلانه حظر ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعة؟ وذلك لأن هناك كثيرًا من الطلاب سيختلط عليهم الأمر، بالإضافة إلى أن هذا القرار سيكون ذريعة لأي رعاية شباب أو اتحاد طلابي أن يوقف أي نشاط، بحجة أنه يتعارض مع هذا القرار.
ويطرح صلاح سؤالاً: لماذا تم اختيار هذا التوقيت بالذات للخروج بهذا القرار، في الوقت الذي تجري فيه انتخابات اتحادات طلابية في الجامعات، وظهور تراجع وانخفاض أسهم طلاب "الإخوان"، وفوز الطلاب المستقلين؟
ويجيب عن هذا السؤال من وجهة نظره بأن هناك تخوفًا من وجود تنوع فكري وسياسي داخل الجامعة، بعد أن كانت السيطرة كاملة في أيدي طلاب الفصيل الحاكم.
وأشار أستاذ العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة الدكتور محمد سالمان طايع إلى أن قرار المجلس الأعلى للجامعات بشأن حظر العمل السياسي داخل الجامعة سليم 100%، وذلك حتى لا تتحول الساحة الجامعية إلى تمثيليات ومنابر حزبية تكون لسان حال الأحزاب السياسية، وبالتالي يكون هذا مدخلاً إلى التصادم والعنف القولي، والذي يعتبر مقدمة للعنف المادي، موضحًا أن الجامعة هي ساحة لإجراء الانتخابات الطلابية وتنظيم المنتديات والمؤتمرات ومناظرات بشأن مختلف القضايا السياسية، ويمكن أن تكون حلبة لكثير من نماذج المحاكاة لمؤسسات سياسية وإقليمية ودولية، مثل مجلس الشعب المصري والكونغرس الأميركي وجامعة الدول العربية والبورصة المصرية، أما أن تتحول الجامعة لمنابر حزبية فهذا هو المرفوض.
وأكدت أستاذ العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة الدكتورة نورهان الشيخ لـ "مصر اليوم" أن قرار المجلس الأعلى للجامعات حظر النشاط الحزبي داخل الجامعات هو قرار غريب وغير مفهوم، لأنه لم يكن هناك من الأساس قرار جامعي بالسماح بالأنشطة الحزبية داخل الجامعات، فالجامعة هي مرآة المجتمع المصري، ولا يستطيع أحد أن يفصل بين المجتمع والجامعة، فهناك تفاعل طبيعي بينهما، فقد أنشئت جامعة القاهرة في الأساس لتقود الحركة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني لمصر، في عهد حكم أسرة محمد علي، مضيفًا أن هذا القرار هو قرار سيئ وغير واضح، ولم يجرؤ النظام السابق على اتخاذه، ولا يستطيع أحد أن يعزل الجامعة وما يدور فيها عن أحداث المجتمع، وأنه يحق للطالب الجامعي ممارسة العمل السياسي خارج الجامعة، وأن قرار الأعلى للجامعات حظر النشاط الحزبي داخل الجامعات يستهدف في الأساس الأحزاب المدنية، التي أصبح لها ثقل داخل الجامعة في مواجهة طلاب جماعة الإخوان المسلمين.
أرسل تعليقك