مدارس حلب تنفض غبار الحرب في سورية وتفتح أبوابها للأمل
آخر تحديث GMT20:14:13
 عمان اليوم -

المدرسون يعملون بالمجان والطلاب يريدون فتحها أيام العطلة

مدارس حلب تنفض غبار الحرب في سورية وتفتح أبوابها للأمل

 عمان اليوم -

 عمان اليوم - مدارس حلب تنفض غبار الحرب في سورية وتفتح أبوابها للأمل

عبدول يرسم شخصيات رسوم متحركة ملونة على الجدران

دمشق ـ العرب اليوم إنها الساعة التاسعة من صباح السبت، وصوت ضجيج الأطفال في فترة الفرصة (الاستراحة) الذي لا تخطئه أذن يعم الشارع. «تغلق المدارس أبوابها يومي الجمعة والسبت في سوريا»، يقول منسق المدرسة أبو قتيبة، مضيفا «لكننا ألغينا عطلة يوم السبت، وأصبح الأطفال يرتادون مدارسهم 6 أيام في الأسبوع». وقبل أن ينهي جملته يضحك أبو قتيبة ويؤكد أن الطلاب لا يتذمرون، بل على العكس لقد «سألوا عما إذا كان بوسعهم الحضور يوم الجمعة أيضا. إنهم يرغبون في اللحاق بما فاتهم».
لم يتوقف القتال في حلب عند تدمير المباني؛ فقد مزق نسيج الحياة اليومية. كانت المدارس بعضا من أول الأمثلة لأقوى الخسائر الفادحة الناتجة عن الدمار. فبعضها دمر جراء القصف والتفجير، وبعضها الآخر تحول إلى قواعد لكتائب الجيش السوري الحر. لم يعد المعلمون في مناطق المعارضة يحصلون على رواتبهم، وتم ترك الطلاب الذين اعتادوا التدريس لهم ليشغلوا ساعات أيامهم الدراسية في أداء أدوار في ألعاب حربية في شوارع المدينة.
ويعاني الطلاب الأكبر سنا أيضا، إذ حصلت روان على مقعد للدراسة في برنامج الماجستير بجامعة حلب، غير أن انقسام مدينتها إلى مناطق للنظام وأخرى للمعارضة قد منعها من مواصلة دراساتها. تعيش في منطقة يسيطر عليها الجيش السوري الحر، فيما ما زالت جامعتها خاضعة لسيطرة الحكومة. تقول: «أعود إلى قسمي في بعض الأحيان، لكن الأمر خطير لأنه يتعين علي أن أجتاز نقاط التفتيش التابعة للنظام». وتستكمل قائلة: «أغطي وجهي عندما أذهب، وحتى الآن، لم يطلبوا مني أن أكشفه. لكن لديهم ضابطات، وقد يطلبن مني أن أخلع حجابي. وفي حالة اكتشاف هويتي، سوف أسجن».
في مبان مهجورة عبر أنحاء حلب، يقف طلاب مثل روان وأبو قتيبة ضد البطالة الإجبارية التي تعتبر إحدى أكبر مآسي هذه الحرب. «كل المعلمين هنا طلاب أجبروا على التوقف عن دراساتهم»، هذا ما يقوله أبو قتيبة وهو يتجول معنا في مصنع النسيج السابق الذي تم تقسيمه إلى 6 فصول دراسية، كل منها به لوحة بيضاء وتبدو رسوم الأطفال معلقة على الحائط. يضيف: «كلهم يتطوعون هنا، وليسوا معلمين مدربين. لكننا نأمل أن نتمكن من البدء في تدريبهم علما قريب». ويعتبر معظم سكان هذه المنطقة، الواقعة على أطراف المدينة، من اللاجئين من مناطق أخرى. لم يذهب كثير من أطفال هذه المنطقة، الذين انفصلوا عن منازلهم وأصدقائهم، إلى المدرسة منذ عام، حينما قرر أبو قتيبة وفريقه من المتطوعين بدء مشروعهم هنا قبل 3 أشهر. يقول: «وزعنا نشرات لما نعتزم القيام به حول المنطقة. وأتى عدد هائل من البشر. لدينا 300 طفل هنا الآن، وعلينا أن ندرس لهم في نوبات عمل، نظرا لأننا لا نملك مساحة تكفيهم كلهم».
وبعد قيادة بالسيارة لمدة نصف ساعة، عبر الازدحام المرور وغبار وسط حلب، نجد مدرسيا آخر. يقول أيوب، أحد الطلاب الذين يقومون بالتدريس هنا: «كان هذا مبنى مدرسة في السابق. لكنه أصبح مهجورا عندما بدأ القتال. من ثم، فقبل 6 أشهر، جئت إلى هنا بصحبة 2 من أصدقائي وقمت بتنظيم المبنى وفتحته مجددا». الآن، هناك 700 طالب في المدرسة، ولدى أيوب خطط لفتح مركز تدريب مهني بالطابق الثاني. ويقول: «عندما بدأت الحرب، لم يكن أحد يقوم بهذه الأشياء. كنا الأوائل. نحن أبناء هذه المدينة، وواجبنا العمل من أجل شعب حلب بأسره».
على عكس مدرسة أبو قتيبة الكائنة في الضواحي الأكثر هدوءا، يقع هذا المبنى في قلب الحرب الحضرية في حلب. ويدرك المعلمون هنا أن المدرسة التي عملوا بكد شديد من أجل إعادة إنشائها قد تغلق مجددا بشكل عرضي أو مقصود. قبل شهر، هبطت قذيفة على باحة المدرسة، لتخلف حفرة كبيرة، مما يجعل ممارسة الألعاب أمرا مستحيلا في الوقت الحالي. ومؤخرا، تسببت غارة جوية قريبة في تحطيم كل النوافذ. يقول أيوب: «لدينا مخبأ تحت الأرض هنا نلجأ إليه في حالة وقوع أي حادث في وقت الدراسة. لكننا نحاول جعل الأطفال ينسون الحرب أثناء وجودهم هنا». يقودنا إلى غرفة بالطابق الأسفل، حيث يرسم عبدول، وهو فنان محلي، شخصيات رسوم متحركة ملونة على الجدران. يقول: «ستكون هذه منطقة للأعمال الدرامية والأنشطة الفنية. الطلاب هنا بحاجة إلى أن ينسوا الأسلحة والدمار الذي يشاهدونه في الشوارع».
من بداياتها المبعثرة والعشوائية، أصبحت هذه المدارس الآن جزءا من حركة مدنية جديدة في المدينة. وفي منحدر مهجور، يشرح صهيب إدريس، وهو سوري علق دراساته في ماليزيا للعودة إلى مدينته الأم المحطمة، كيف أن مجموعة من المدنيين تعمل على إعادة النظام والحياة الطبيعية إلى مناطق المدينة التي تسيطر عليها المعارضة، حتى في ظل صوت الطلقات النارية وقصف المدافع. وفي غضون شهرين فقط، ضم مجلس حلب الجديد 300 مدرسة تحت مظلته، ونظم عمليات جمع القمامة والإغاثة. يقول: «نريد أن نملك هياكل للنهوض بمهمة إدارة المدينة لدى سقوط النظام. وسوف نوظف ما نقوم به في حلب كنموذج لمدن أخرى في سوريا». وبمنطق شخص من الخارج وعاطفة شخص يعيش بالداخل، يصف صهيب ما قد وصلت إليه الثورة في سوريا. يقول: «السوريون الآن لا يدركون سبب وجوب بقائهم هنا، أو المكان الذي يجب أن يذهبوا إليه في حالة رحيلهم. النظام مجرم، لكن المعارضة متطرفة. كان الهدف أن تكون الثورة موجهة للسوريين، لا للإسلاميين. ومن ثم، فعبر مجلس حلب، نحاول بناء مجتمع مدني جديد؛ وكان ذلك هو هدف الاحتجاجات في المقام الأول».
تشارك روان، طالبة الماجستير المحرومة من حقوقها، صهيب أفكاره. وفي مكاتب مؤسسة «جنى»، المؤسسة التي أنشأتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لمد يد العون لأطفال ونساء حلب، تبدو رسوم لعلم النظام معلقة بمسامير على لوحات بجوار رسوم لعلم الثورة. تقول: «نحن نخبرهم بأن بإمكانهم رسم ما يشاءون، لأنه في المستقبل سوف يتعين علينا جميعا أن نعيش معا. الحرية تعني احترام آراء الآخرين».
كانت روان وفريقها بين أوائل الذين بدأوا إعادة فتح المدارس في مدارس، التي يعمل بها معلمون لم يعودوا يحصلون على رواتب. تشرح قائلة: «لم يعد بإمكان كثير من المتخصصين في هذه المنطقة العمل. من ثم، نحاول حملهم على العمل معنا لنعيد إليهم بعضا من كرامتهم المفقودة ولنمنحهم الفرصة لاستغلال خبرتهم».
لكن في إحدى المدارس التابعة لمؤسسة «جنى»، يعتبر الاسم الذي يعلو الباب بمثابة تذكير بالمخاطر المستمرة التي تواجه الطلاب والمعلمين في هذه المدينة. فقد تمت تسميتها «فاطمة الحمصي» نسبة إلى معلمة مدرسة لقيت مصرعها جراء طلق ناري من قناصة، أثناء سفرها إلى منطقة تابعة للنظام قبل 4 أشهر لتسلم راتبها. تقول روان: «ليس بمقدور طلابنا مغادرة هذه المنطقة، كما أن المعلمين في حالة ذعر شديد على نحو يحول دون إمكانية حصولهم على رواتبهم. لذلك، يعملون هنا مجانا». بالطابق العلوي، يستعد طلاب المرحلة الثانوية لاختبارات الشهادة الثانوية. وبعضهم سوف يعود مجددا لحضورها في المناطق الخاضعة للنظام؛ أما بالنسبة لآخرين، ممن لديهم أشقاء ويقاتلون مع المعارضة، فسيكون ذلك غاية في الخطورة. الجميع يقولون إنهم يرغبون في الذهاب إلى الجامعة، لكن بالنسبة لكثيرين، لن يكون هذا متاحا.
"الشرق الأوسط"
 

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدارس حلب تنفض غبار الحرب في سورية وتفتح أبوابها للأمل مدارس حلب تنفض غبار الحرب في سورية وتفتح أبوابها للأمل



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:22 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 عمان اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 20:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن
 عمان اليوم - أفكار مبتكرة لتزيين الجدران الفارغة في المنزل المودرن

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab